أقلام حرة

مُسلسلُ الفندق.. أستفزَّ الحَمْقَى

هند العميدالاتِّجَاهُ عَكْسَ التيارِ ليسَ سَهْلاً، لَكِنَّهُ ليسَ مُستحيلاً أيضًا، لِذلكَ سيكونُ رأيى الذي قَدْ يَتَعَارَضُ مع الكثيرِ من الآراءِ المَنْسُوخةِ شيئًا غريبًا، هذا إنْ لمَ يكنْ مُشينًا بنظرِ البعضِ، لذا سأستعينُ بِالمَقُولةِ الشَّهِيرَةِ لـ "جورج أورويل": (في وَقْتِ الخِدَاعِ العَالمِيِّ يُصْبِحُ قَولُ الحقيقةِ عَمَلاً ثَوريًّا) .. الدِّرَامَا العِرَاقِيَّةُ التي أنْتَجَتْ مُسَلْسَلَ الفُندقِ، وتَجَسَّدتْ أحْدَاثُه بِإبدَاعِ ثُلَّةٍ مِنْ كِبَارِ أسْمَاءِ الدِّرَامَا العِرَاقِيَّةِ، والتي سَلَّطَتْ الضَّوءَ على عِدَّةِ شَرَائحٍ سَلْبِيَّةٍ  فِي المُجْتَمَعِ، وَرَاحَتْ تَبْعَثُ رَسَائِلَ مِنْ تَحْت المَاءِ للسَّاسَةِ الذينَ تَحَوَّطُوا بِسُورٍ أخْضَرَ بعيدا كُلَّ البُعْدِ عَن الوَاقِعِ المَعِيشِيِّ للشَّعبِ المُتَمَزَّقِ، لَمْ تَسْتَفِزْ تلكَ الدِّرَامَا المَقْصُودِينَ مِن الرَّسَائلِ، ولَمْ تَسْتَفِزْ تُجَّارَ المُخَدِّرَاتِ والحُبوبِ المُخَدِّرةِ والكِرستالِ، ولا حَتَّى أصحابَ المَلاهِي الذينَ يُجِيدونَ ارتداءَ الأقْنِعَةِ الواهِمَةِ لعَامَّةِ النَّاسِ، ولا مَنْ ارتَادَ مَرَاكِزَ المَسَاجِ لغَايَاتٍ فِي نَفْسِ "يَعْقُوب" كَمَا يُقَالُ، بل استفزَّ وبشكلٍ مُضْحِكٍ المُتضررينَ مِنْ كُلِّ هؤلاءِ المَسْلوبةِ حُقُوقُهُمْ وأمْوالُهُمْ مِن (الحجي) الذي يرتادُ المَلهَى لِيُبَعْثِرَ مَلايين الدولاراتِ عَلَى بَنَاتِ اللَّيلِ ومَنْ عَلَى شَاكلاتِهنَ، أُسْتُفِزَّ الذينَ يقفونَ طَوَابيرَ طويلةً لساعاتٍ عديدةٍ كَي تَعطفَ عليهم المَشَافِي الحكوميةُ بِصَرْفِ وصفةِ الطبيبِ مِن الأدويةِ اللازمةِ للمَرْضَى الرَّاقِدِينَ فِي نفسِ المَشْفَى التِي تَبَنَّتْ حَالةَ مَرضَاهُمْ ليُطْرَدُوا دُونَ كَرامةٍ بإن (دَبِّرْ حَالَكَ هذه مُومشكلتَي) وغيرها مِن العباراتِ التِي تجعلُ مِن الكرامةِ أمرًا مَنْسِيًّا، ثُمَ بَعْدَ جُهْدٍ جَهيدٍ، و بَعْدَ مَدٍّ وجَزْرٍ يشتريها بأسعارٍ خَيالِيَّةٍ مِنْ صَيدليًّاتٍ مَدْعُومةٍ بفكِّ خَطِّ الطِّلْسَمِ الَّذِي يَكتبُه الطَّبيبُ الإنسانِيُّ للمريضِ، لَكِنَّ حُبوبَ الكِرستالِ وغَيرِها قَدْ تَتَوفَّرُ وبأسعارٍ زَهِيدةٍ وقَدْ تكونُ حِفْنَةَ هَدايَا لِرَدِّ بَعْضِ الدَّيْنِ لمَوقِفٍ مَا، كُلُّ ذلكَ يَتِمُّ دُونَ حَسِيبٍ أو رَقِيبٍ، ومن المؤكد أن هناك فرقًا شاسعًا وبَونًا واسعًا بين هذا المشهدِ وذاك الذى تَعذَّرَ فيه أن يتحصَّلَ هؤلاء البُسطاء عَلَى دوائِهم، كُلُّ هذا لايستفزُّ المواطنَ العراقِيَّ (أبوالغَيرةِ) لكنَّه ينتفضُ ويرتَعِدُ ويَسُبُّ ويشتمُ ويَتفقُ الأغلبْ على أنَّ (مشهدَ المَسَاجِ) لايَجِبُ أن يُعرَضَ فِي شهرِ (رمضانَ) ولايَجِبُ أنْ يَتَلفَّظَ المُمَثِّلُ (بعباراتٍ نَابيةٍ عَلَى الشَّاشةِ)، ولَكِنَّهُ لايُمَانعُ أبدًا أنْ يَقْتسِمَ البيتَ بينَهُ وبَينَ أهلِهِ وإخوتِه الكثيرين وتفصلَ بينهم قطعةُ قماشٍ أو حَاجزٍ خشبِيٍّ، وتُسْمَعَ كُلَّ التَّأوهَاتِ والهَمساتِ الحَاميةِ والتِي تختلطُ بأخيِه المجارِ، وقد يُشاركُ الاستماعَ بالاتحادِ الرومانسِيِّ كُلُّ أطفالِ البيتِ عَلَى البَثِّ المباشرِ فَقَطْ ؛ لأنَّه مسلوبُ الحقوقِ، ولايستطيعُ أنْ يقفَ بوجهِ (الحجي أبو الملاهي) ليقولَ لَهُ (أنَّى لكَ هذا؟!)، لم ينتفضْ أو ينزعجْ أحَدٌ لأنَّ المُسلْسَلَ قَدْ كَشفَ عن المَستورِ بشكلٍ واقعِيٍّ، والَّذِي قَدْ يجعلُ مِنْ انتفاضتِهِ هذه نقطةَ صفرٍ لكلِّ الشخصياتِ المُسيئةِ عَلَى أرْضِ الواقعِ، بَلْ عَلَى العَكسِ تَمَامًا، وكَمَا تَعَوَّدَ سُكَّانُ أرْضِ الحضاراتِ أن يُطبِّقوا المَثَلَ القَائلَ (أبويا مايقدرغير على أمي)، سُحْقًا لِنَعَامةٍ طَمَسَتْ رأسَها أرضًا كي لا تعمى عينَها بنورِ الحقيقةِ ! .

 

هنـــد العميـــد/العـــراق

 

في المثقف اليوم