أقلام حرة

الناسخ والمنسوخ وأمة تدوخ!!

صادق السامرائينسخ: أبطل وأزال أو ألغى، وفقهيا: إزالة ما كان ثابتا بنص شرعي.

نسخ الكتاب: نقله وكتبه حرفا بحرف، وفي الوقت الحاضر نقول إستنسخه أو صوره بآلة الإستساخ المعروفة.

يذكرون أن آية السيف في سورة التوبة (5) قد  نسخت(126) آية تدعو للعفو والصفح والحسنى، وهناك من يرى أن في القرآن (230 – 500) آية منسوخة، أي بطل العمل بها، وبمعنى آخر لا داعي لوجودها في القرآن.

وهذا الإقتراب يستند على "ما ننسخ من آية...."2:106 و "وإذا بدلنا آية مكان آية..." 16:101،

وهو إقتراب إنتقائي جاهل مبهم لا يستوعب إرادة الكتاب ومعناه الأشمل والأعمق والأصدق، ويحاول أن يسوّغ ما يهدف إليه بإسم الدين، وهو دليل دامغ على أن " القرآن حمّال الأوجه".

بينما المعنى الجوهري للآيتين يشير إلى أن التغيير سنة الحياة، ففي ظرف أقل من ثلاثٍ وعشرين سنة، تم نسخ بعض الآيات في القرآن والإتيان بأفضل منها لتتوافق مع معطيات الزمان الجديد!!

فكيف يناقض الخالق نفسه، لا تقل أنه قادر على كل شيئ قدير، فأنه كذلك لكنه يقول أن هذا الكتاب تام ولا عوج فيه ، ولا مبدل لكلماته، وهو مكنون مبين مرقوم مبارك ليدبروا آياته التي أحكمت ثم فصلت، فكيف يصح في الأفهام ما ينسخون وينتقون؟

وهؤلاء المتخندقون وراء هذه الإدعاءات هم الأصوليون الذين يرون أن لا إجتهاد في النص، ولا تأويل للنصوص القرآنية، لكنهم يجيزون لأنفسهم العمل بما يتوافق وأهواءهم ونوازعهم المطمورة الفاعلة فيهم، فالدين مطية لتحقيق رغبات نفوسهم الأمارة بالسوء.

وهم في توجهاتهم هذه يعادون الله ورسوله ويقللون من قيمة وهيبة القرآن، لأنهم وكأنهم يريدون القول بأنه من تأليف البشر، وفي هذا العصر المعلوماتي الفياض ربما سيكون القرآن بسببهم كتابا عاديا، إن لم يستفيقوا ويتفكروا فيما يذهبون إليه ويقومون به من سلوكيات منافية للدين والعصر.

ومعنى توجهاتهم أيضا، أنهم يدعون الناس إلى إسقاط العديد من الآيات في القرآن، أي كأنهم يريدون كتابة القرآن من جديد ووفقا لأهوائهم، وإلا ما معنى أن القرآن يزدحم بالآيات الباطل العمل بها، وأن علينا أن ننتقي الآيات التي يرونها تخدم مصالحهم وتجارتهم بالدين؟

إن أي كتاب إذا أبطلتَ جوهر ما فيه فأنك تلغيه، وتجرده من دوره وقيمته وتأثيره في العقول والنفوس، وتحوله إلى موجود عادي أو يستحق الإهمال والنسيان، لأنه محشو بما لا يجوز العمل بموجبه، وفي هذا عدوان كبير على القرآن والدين.

فهل سيرعوي أعداء الدين والقرآن، ويستوعبون مخاطر ما يدّعون على الدين؟

فتعقلوا وكونوا من الصالحين الذين يجيدون الحكمة والموعظة الحسنة فالله رحمان رحيم!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم