أقلام حرة
المرجعية تحذر من الملف الأمني مجدداً
أيام قليلة مرّت على الذكرى الخامسة لفتوى أوجبت الجهاد كفائياً لاستنهاض الهمم والغيرة للذود عن الأرض والمقدسات ولتضع حدّاً للخلل الأمني الخطير الذي ضرب البلاد تلك الفترة، مسقطاً مدن بيد قوى الظلام والشرّ.
والنصر المتحقق تحت ظلها كان يجدر ترسيخ أركانه مستنيرين بالقول المعروف "الوصول للقمة سهل لكن المحافظة عليه هو الأصعب أو الحفاظ على النجاح أصعب من النجاح نفسه"!
وكان ينبغي إدامة هذا النصر بتقوية أدواته وتثبيتها كتعزيز القوات الأمنية ومضاعفة الجهد الاستخباراتي لاسيما في المناطق التي كانت مسرحاً للعمليات الإرهابية ورفع الحيطة والحذر للقوات الماسكة للأرض المحررة ورصد الخلايا النائمة وملاحقة الإرهابيين المدانين بأعمال إرهابية وغيرها.. لكن الأمر الملفت والمؤلم في الوقت نفسه أن تتزامن الذكرى الخامسة لانطلاق الفتوى المباركة بعد سقوط الموصل بتحركات إرهابية مقلقة كالاستمرار بحرق المحاصيل، تلك الظاهرة الوافدة على الأراضي العراقية لتزيدنا ألماً وخسارة وحسرة، وارتفاع الاعتداءات الإرهابية على بعض المناطق والتعرض لقواتنا الأمنية وتفجير هنا أو هناك.. كلّ ذلك يؤشر بشكل ما لا يقبل الشك الخلل الجلي في ضعف الجهد الاستخباراتي وحالة الاسترخاء لدى الجميع كسلوك جمعي ابتداء من أعلى المستويات إلى القوات الأمنية وانتهاءً بالفلاحين.
والطامة الكبرى أن يعدّ بعض جهابذة السياسة الإشارة إلى هذه الحرائق والأعمال الإرهابية أمر مبالغ فيه؛ فبالنسبة لهم هذه الحوادث مجرد حالات فردية، وراءها تقف دوافع انتقامية أو ثأرية!
وليس بمستغرب أن تكون المرجعية حاضرة مرّة أخرى لتشخص هذا الخلل وتشير بما لا يقبل اللبس إلى هذه الثغرات، ففي الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 10/شوال/1440هـ الموافق 14 /6 /2019م، استهل السيد الصافي خطبته بذكره أنها وردت من مكتب سماحة السيد السيستاني – دام ظله- في النجف الاشرف بمناسبة ذكرى فتوى الدفاع الكفائي.. مستهلاً خطبته بالقول:
"في مثل يوم أمس الثالث عشر من حزيران من عام 2014 أي قبل خمسة اعوام، انطلق من هذا المكان المقدس نداء المرجعية الدينية العليا وفتواها الشهيرة بوجوب الدفاع الكفائي حيث دعت العراقيين القادرين على حمل السلاح للانخراط في القوات الامنية للدفاع عن العراق وشعبه ومقدساته أمام هجمة الارهابيين الدواعش الذين كانوا قد اجتاحوا مساحات شاسعة في عدد من المحافظات وباتوا يهددون العاصمة بغداد ومحافظات اخرى ايضاً فهبّ رجال العراق الأبطال شيباً وشباناً ومن مختلف الشرائح الاجتماعية واندفعوا الى ساحات القتال بحماس منقطع النظير وهمّة لا توصف وخاضوا لأزيد من ثلاثة اعوام عشرات المعارك الضارية بكفاءة عالية تجلّت فيها البطولة بأروع صورها واسمى معانيها...".
ثمَّ يذكر وكيل المرجعية في خطبته ان هذا الانجاز التاريخي لم يكن يتحقق "لولا تكاتف العراقيين وتلاحمهم وتوحيد صفوفهم...".
ويحذر بالقول "ان استمرار الصراع على المغانم والمكاسب وإثارة المشاكل الأمنية والعشائرية والطائفية هنا أو هناك لأغراض معينة وعدم الاسراع في معالجة مشاكل المناطق المتضررة بالحرب على الارهاب تمنح فلول داعش فرصة مناسبة للقيام ببعض الاعتداءات المخلّة بالأمن والاستقرار وربما يجدون حواضن لهم لدى بعض الناقمين والمتذمرين فيزداد الأمرُ تعقيداً"..
ويتابع مشدداً على أهمية هذا الملف: "ان على الجهات المعنية بالملف الأمني أن تكون حذرة جداً مما يمكن أن يحدث نتيجة للعوامل المُشار إليها وان تتعامل بمهنية تامة مع هذا الملف المهم وتُولي عناية خاصة للجهد الاستخباري لإحباط مخططات الارهابيين قبل تنفيذها وتُوفر مراقبة دقيقة للمناطق التي يُمكن أن تكون محطة لتحركاتهم ولا تسمح بأي إهمال أو تقصير في هذا المجال"..
فهل نحتاج إلى فتوى أخرى لرفع الجهد الاستخباراتي ورفع الحيطة والحذر لقواتنا الأمنية؟! أم أنه من المسلمات والبديهيات لإدامة النصر والمحافظة عليه أم أن من بيده زمام الأمور منشغل بأمور أخرى أكثر أهمية من قضية مصيرية كأمن الوطن واستقراره؟!
زينب فخري