أقلام حرة

كيف تاثر الوضع الاجتماعي العراقي من الحروب المتتالية

عماد عليعندما يتغير الوضع السياسي  يصحب معه تغيرا اقتصاديا او العكس تماما، ولهذا معادلات تختلف تركيبها ومتحواتها ومكوناتها والعلاقات مابين محتواها من زمكان لاخر ومن الظروف الاجتماعية المتغيرة بشكل دائم والثقافة العامة المختلفة التي سيطرت على العام. اي عندما يتغير الوضع السياسي عند تاثره بالتطورات الاقتصادية او المتغيرات العسكرية ومنها حالات حرب فان الوضع الاجتماعي لم يبق على ماهو عليه، والاصح فان هذه العوامل لها علاقت مباشرة مع لابعض فاي تاثير على احداها فان الاخرى تتاثر. وان اعتمدنا على اي فكر او فلسفة او ايديولوجيا في تقييمنا لما حدث، فان الروابط بين هذه الاوضاع والمحتويات اي السياسية الاقتصادية الاجتماعية العسكرية والثقافية سوف تكون ملتصقة مع البعض وتكون على خط المتغيرات النسبية المختلفة لكل منها وفيما بينها. اي المعادلة في هذا الجانب واضحة في اي نظام سياسي كان وبالاخص الرسمالية المستندة على السوق الحر وبعض المفاهيم العامة التي تفرض هذه الروابط بشكل قوي، فكيف بالحال العراقي الذي لا يمكن تصنيفها بشكل مباشر ودقيق.

ومن هذا المنطلق، ان دققنا في الوضع الاقتصادي العراقي والمتغيرات الاجتماعية الاقتصادية منذ تاسيس الدولة فاننا نلمس بان المرحلة الاولى لهذه العملية وما تحتوي من المعادلات سارت بشكل بطيء اي العقود التي حكمت الملكية لما كانت فيها من النظام المعلوم لدى الجميع، فان التغييرات لم تكن جذرية بل كانت تسير ببطء شديد ولم تحس الاجيال بها خلال العقود الاولى الا نادرا، لاسباب موضوعية عالمية من جهة وذاتية لما كان الاقتصاد ونسبة الموارد الطبيعية القليلة والثقافة العامة والقيادة الحكيمة الى حد كبير والملتزمة بالقيم والمباديء الانسانية بشكل عفوي نسبيا.

اما المرحلة الثانية فيما بعد مجيء البعث، فانها يمكن ايضا ان نقسمها الى مراحل وفق المتغيرات، الا انه التشابه بين السنين المتتالية كان اكثر من الاختلافات بين كل مرحلة واخرى مقارنة مع العقود اللاحقة. رغم ان اكتشاف النفط كان نقطة انعطافة واضحة ومؤثرة الا ان سيطرة الشركات الاحنبية وبالاخص البريطانية لم تدع ان تكون هناك وفرة نقدية فائضة بحيث يمكن ان تؤثر بشكل مباشر وكبير على الاقتصاد العراقي الذي يمكن ان يؤثر بدوره على الوضع الاجتماعي الا متاخرا.

اما بعد عملية التاميم وازدياد السيولة وعدم حكمة القيادة في اكثرهم وانعدام الخطط المحكمة المستندة على المتغيرات نتيجة تغيير المصادر المالية، دعا الى حدوث فوضى وسيطرة العقلية الفردية واخيرا الدكتاتورية على زمام الامور، وهذا  بالاضافة الى عوامل اخرى عديدة لو دققنا فيها، ولا يسعنا هنا ان نذكر جميعها سواء من الناحية السياسية كانت ام ما افرزته ترسبات التاريخ والثقافة العامة التي اتسم  بها العراق وافرز المختلف فيما بعد وتاثر به كثيرا.

ما يهمنا هنا ان نذكره هو الوضع الاجتماعي وان كان مرتبطا بالعملية السياسية في المراحل المختلفة ومتغيرات الاقتصاد بشكل مباشر، الا ان الواقع لم ير طفرات مباشرة وكبيرة في تلك المراحل كما لمسناه قريبا ونلمسه اليوم  بعد الحروب وما تعرض له المجتمع واختل التوازن ووصلت التغييرات حتى الى الاسس التي اعتبرت مقدسة من قبل ولم يتجرا احد او اي كان ان يمس بها مهما علا شانه او من العامة ايضا. العلاقات الاجتماعية من الاسرة الى الحي والازقة الى القرية والمدينة الصغيرة ثم الكبيرة الى المحافظة والاكبر منها وما شهدتها العاصمة، يمكن ان نشير اليها بشكل واضح ويمكن تقييمه بشكل سهل تماما. واكبر المؤثرات على الحالة الاجتماعية واكثر واقرب العوامل المؤثرة عليه هو الحروب وافرزاتها ومعطياتها وابعادها المختلفة، فاننا يمكن ان نقول بان البنية الاجتماعية العراقية   تعرضت الى هزة كبيرة بحيث احدثت انقلابات كبيرة وانعطافات اجتماعية وحدث هذا بين ثناياها تغييرات اسرية من النواحي الاقتصادية ايضا وهذا مما افرز حالات يمكن ان نعتبرها شذوذ اخلاقية لم يعرفها العراق من قبل، وهنا لا نعني بما جلبته العولمة والمؤثرات الالكترونية والمستجدات العلمية والتلامس والاحتكاكات وتاثيرات الحوارات والصراعات العالمية الكبيرة، بل ما نعتقدهر بشكل مجرد ان افرزات الحروب ومؤثراتها هي التي دفعت الى التغييرات الضخمة غير المنتظرة التي تعرض المجتمع العراقي بشكل جذري لها جراء طول الحروب وتكرارها وبالاخص من الناحية الاجتماعية، واصبحت هي اكبر من المؤثرات الاقتصادية والثقافية، وعليه لم نجد نقطة تشابه في بنية الوضع الاجتماعي الحالي مع ما كان عليه الشعب العراقي قبل عقود حتى القريبة جدا. حدثت الحروب شروخا كبيرة في البنية الاسرية مع التغييرات الاخلاقية من الفرد الى العائلة، وعندما جاءت العولمة اجتاحت المجتمع بنتاجاتها واجرفت معها ما بقيت بشكل كامل، وعليه يمكن ان نقول ان المجتامع العراقي تغير بشكل مطلق ومهو عليه الان  ليس له علاقة مع ماقبل الحرب بقدر ذرة. ولو اردنا ان نوضح الامر اكثر فهذا يحتاج الى بحوث وعمل ومؤسسات كي يتوضح الامر امام الملأ بعد التقييم، وهذا من اجل العمل اللازم لازالة الشذوذ واعادة القافلة الاجتماعية المنحدرة المتغيرة الى سكتها الاساسية بشكل يمكن ان  نقلل من افراز السلبيات  التي لازالت مستمرة، ووضع الحد اللازم من اجل العمل على تقليلها لتجنب اضرارها، الا ان الوضع السياسي الحالي لا يساعد لمثل هذه المهامات الانسانية قبل الاجتماعية، وعليه لا يمكن التفاؤل في نجاح العمل في مثل هذه المهامات حال استمرار ما هو عليه الواقع، فلننتظر. 

 

 عماد علي  

 

في المثقف اليوم