أقلام حرة

هل يمكن ان تحمل شعوب الشرق الاوسط العقلية الانسانية

عماد عليبعيدا عن الايديولوجيا والافكار المحصورة في زوايا الالتزام بمفاهيم ومباديء فكرية قصيرة المدى الخاصة بفترة ودائرة معينة فقط سواء من الناحية الفكرية والسياسة المتبعة من قبل مجموعة ما محاولا بيان صحتها وتعميمها كما ه الحاصل بكل السبل في الشرق الاوسط، او تهذيب النفس حصرا على دائرة الانسان بما يهمه هو فقط بعيدا عن الاضرار به، والعكس على ذلك هو ما يمكن ان يؤمن به اي فرد بعيدا عن الاخر او خلافا منه ومطالبا منه باتباعه معتقدا باصحيى ما يملك ويحمل نافيا لما يملكه الاخر بشكل مطلق، هذا ما يحصل في هذه المنطقة الموبوءة بافرازات العمليات المختلفة التي حدثت في التاريخ بحيث تراكمت فيها ما يقيد الانسان الموجود في المنطقة بافكار وفلسفات محدودة جدا بعيدة عن الاهم وهي الانسانية في الفكر والفلسفة وحتى الايديولوجيا والايمان قبل اي شيء اخر.

هل يمكن ان يصل الجميع الى الانسانية كمبدأ واساس لكل شيء وما يتعلق بالحياة في اي ظرف كان ام يحتاج هذا الى ارضية تقدمية وعقل ذكي فعلا، ويحتاج هذا الى قطع مراحل كثيرة ومختلفة للوصول اليها؟ انها انقى ما يمكن ان يصل اليها الانسان بعدما يهمش ما يمكن ان يكون صحيحا لفترة معينة ولبقعة محدودة ولجماعة ودائرة صغيرة من البشرية فقط. انها اخر ما يمكن ان يصل اليها انسان ويضع وراءه ما لا يمكن ان تجمع عليه الاكثرية مزيحا بالفروقات المؤذية ومفسحة المجال للخلافات والاختلافات التي يمكن ان يبحثها حامل الفكر الانساني مؤمنا بما يمكن ان يحل اي مشكلة نابعة من الختلافات بعقلية انسانية شاملة حاوية على جميع الافكار تحت مظلتها وجامعة للفلسفات والايديولوجيات لحين ذوبانها كاملة في الفكر الانساني بعيدا عن الاحتكاكات والتراشقات والنقاسات البيزنطية، بل بعد التعامل مع ما يحدث بنظرة انسانية عليا لا يمكن ان يخدش بها اي كان مهماا حمل من العقلية الاخرى المخالفة لحين التواصل والتفاعل مع البعض.

العقلية التي تصل الى الانسانية في الفكر والسلوك والايمان والطريقة التي يمكن ان يعمل بها حاملها لابد ان يقتنع بعدم كفاءة اي فكر او عقلية او فلسفة اخرى للمرحلة التي يصل فيها الانسان الى الاعتقاد الكامل بان الانسان هو الاولوية الاولى مهما بلغت تاثيرات الافكار الاخرى عليه. ان وصل الانسان الى اقتناع كامل بانه الاعلى والارقى ويجمل عقلا متقدما على الكائنات الاخرى، ويحمل اخر ما توصلت اليه الكائنات الحية بما تزود به العقل الانساني بعد عمليات طويلة الامد منذ بروز اللغة كاهم عامل لتطوره، فانه يصبح في حال يكون فيها صاحب عقلية متعاملة على ما موجود على الارض وفي اية مرحلة كانت بعقلية انسانية. وهنا في منطقتنا العليلة يمكن ان يحصل ولكن بمراحل متتالية وباوقات مختلفة من مكان لاخر وان سارت الامور كما هي عليه اليوم فان الشرق الاوسط ستكون اخر ما يصل فيها الانسان الى ايمانه العميق بالعقلية الانسانية في التعامل مع الحياة. ولهذا اسباب كثيرة وليس التخلف فقط نتيجة تاريخها الدامي الطويل وعدم توفر الشروط اللازمة لتلك العملية الارقى من نوعها بعد التطورات التي افادت الانسان وحملته الى الرقي والتطور العقلي. والذكاء ليس الا نتاج عمليات طويلة الامد بعد التطور المادي والمعنوي المختلفة الاشكال عند الانسان، واصبح هو سيد المسيرة التطورية. ان اهم عوامل لتحديد درجة الانسانية لدى اي فرد او مجموعة ويمكن بيانها وقياسها هي العاطفة والضمير والتعامل التقدمي السلمي والبراءة والوصول الى مرحلة العدالة والمساواة بعد مخاض ومسيرة ومعادلات طويلة من النواحي الاجتماعية الثقافية الاقتصادية والسياسية. ان الصفات المهمة التي تدفع لحاملها ان يعبر اية مرحلة يكون فيه نحو كسب العقلية الانسانية هي النظرة التقدمية الى الحياة والايمان بحياة الدنيا وما يعيش فيه دون تاجيل العيش بخيال واكفر طوباوية والتفاؤل فيها بعيدا عن الغيب وو ما الى ذلك من الموجود حاليا كاسباب للتهرب من الظروفر الحياتية الغامضة الموجودة التي تفرض الابتعاد عن العقلية السليمة لتقييم الحياة وما يجب ان تكون عليه وما على الانسان ان يتفاعل فيها وما يتعامل به في حياته ويتعلم الصحيح ويدخل الى جوهر حقائق كل الامور بعيدا عن الخيال والايمان بما هو غير مستحق الايمان به، وهو الامر المسيطر في المعيشة هنا بعيدا عن الحقيقة، والاهم هو التوقف عند الحقيقة فقط دون خدع النفس وتضليلها عند فقدان المعلومة المطلوبة او صعوبة اكتسابها لمعرفة ما هو الواقع وما الموجود في الحياة وحقيقته.

اي، يمكن ان نقول ان اخر المرحلة لحياة الانسان وهي الايمان بالانسانية بشكلها العام دون التوغل في الخلافات والاختلافات التي يمكن ان تحتويه في مرحاله الاولى وما تبعد الانسان عن الانسانية وتفعل ما لا يُعقل بعيدا عن الانسانية. الانسانية هي ضمانة للامان والحرية والعيش السليم والرغد، لانها تفرز السلبيات وتكفاحها وتبعد الاضرار جراء تفاعلها هي مع الانسان في العقل السليم كحامل لها مما تفرض عليه عدم التوجه الى ما تضر نفسها اي العقلية بفعل الانسان نفسه. وهي اخر مرحلة واجملها بعيدا عن الدم ونفي الاخر والمختلف، والتعامل مع الاخر ومساعدته وارشاده الى ان يصل الى الحقيقة بمرور الوقت والتاثيرات الايجابية لحامل الانسانية الحقيقية الصحيحة والهدف المركزي لهذه العقلية وما تحمله وما فيها هو الانسان وحياته فقط. . 

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم