أقلام حرة

الأخلاق والحياة!!

صادق السامرائيالأخلاق يمكن وصفها بأنها  منظومة قيم تحقق الخير وتطرد الشر، كالعدل والحرية والمساواة وغيرها، وهي من الآليات البقائية التي أدركها البشر وبموجبها وجدت الأديان.

وهي المعيار الفارق ما بين الخير والشر في معادلة الحياة ، فكلما زادت الأخلاق رجحت كفة الخير وكلما قلت أو غابت رجحت كفة الشر، ولا يوجد سلوك أو موقف في الحياة لا يتصل بالأخلاق ومقدارها فيه، ووفقا لهذا الإقتراب فأن الأخلاق هي الجوهر والأساس، وكل شيئ آخر يأتي بعدها.

ولهذا فيصح القول:

"إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ...فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا"

و"هي الأخلاق تنبت كالنبات...إذا سقيت بماء المكرمات"

و"صلاح أمرك للأخلاق مرجعهُ...فقوم النفس بالأخلاق تستقمِ"

فالأخلاق أصل القوة ومنبع الإقتدار، وبدونها يكون الضعف هو السلطان والهوان هو العنوان.

وتوجهت نحوها الأديان والحركات الإصلاحية على مدى العصور والأزمان، فمنذ أن نشأت المجتمعات البشرية نهضت الحاجة للأخلاق، وتناولها العديد من الفلاسفة والمفكرين منذ القِدم، وبسببها تم إختراع القوانين والدساتير والضوابط السلوكية التي تحميها وتؤمن المجتمع من مخاطر فقدانها.

وفي المجتمعات القوية لكل حالة أخلاقياتها وضوابطها السلوكية، إبتداءً من أصغر دائرة إلى أكبرها وأعلاها.

ولا يمكن لأية حالة أن تقوم وتتطور من غير الضوابط الأخلاقية، التي عليها أن توضحها وتصادق عليها لكي تعمل وتكون.

وفي مجتمعاتنا تكاد تغيب الضوابط الأخلاقية في الدوائر والمؤسسات العاملة في المجتمع، مما تسبب بتداعيات سلوكية خطيرة يأتي في مقدمتها الفساد، الذي هو عجيبة أخلاقية مروعة لا يمكن فهمها بسهولة، لأنها تنامت وإستشرت في زمن تدّعي فيه الأحزاب التي تهيمن على السلطة بأنها دينية وتمثل الإسلام، وتكاثرَ مَن يدّعون تمثيل الدين بشكل غير مسبوق، مما يعني أن هناك علاقة طردية ما بين الفساد والمظاهر والإدعاءات الدينية، وهذا يشير أيضا إلى أن التدين شكلي وخداعي وتضليلي، وإلا كيف يكون الفساد هو السلطان والكل يدّعي التدين والتعفف وأنه يمثل إرادة الرحمن.

وهذا يوضح أن المعضلة التي تواجه مجتمعاتنا أخلاقية بحتة، وبموجبها إنطلقت التفاعلات الأخرى التي يمكن وصفها بأنها " عديمة أخلاق"، وقد يصح القول بأن بعض المجتمعات صارت دون وعي منها مجتمعات يصدق عليها هذا التوصيف الذميم.

وعليه فأن العودة إلى الأخلاق وترجمتها في الحياة اليومية فيه الشفاء الحقيقي للعاهات والتفاعلات السلبية القاهرة المدمرة لمعاني الذات والموضوع.

فهل سنتحلى بالأخلاق القويمة ؟

وهل تشاءلنا لماذا وصف الله تعالى نبيه الكريم بقوله : وإنكَ لعلى خلقٍ عظيم"؟!!

ولماذا قال نبينا: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم