أقلام حرة

عقول عتيقة وأمة عريقة!!

صادق السامرائيأمضى العرب القرن العشرين وما قبله وما بعده منشغلين بمفاهيم ومصطلحات، كالعلمانية والأصولية والقومية والتراث والمعاصرة والعروبة والدين، وبمفاهيم ومسميات عفى عليها الزمن وأكلت فوقها الشعوب والأمم وشربت منذ قرون وعقود.

وبرز الكلام عن الأصولية، وتحولت العلمانية إلى بعبع وأنها الكفر والعدوان على الدين، وقس على ذلك ما لا يصدق ولا يخطر على بال من الأفكار والتصورات التضليلية والبهتانية.

ولو فرضنا أن الأصوليين لا يؤمنون بدين غير دينهم ويكفّرون كل مَن لا يتبع نهجهم ومنطلقاتهم، فعلينا أن نحتكم وإياهم إلى الكتاب المبين الذي يقول في سورة الكافرون:

"يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم وليَ دين".

فهذا نص واضح ومباشر بلا تأويل أو تفسير، فأين المشكلة، إن القرآن لم يقل إن لم تعبدوا ما أعبد سأقتلكم، وإنما لكم دينكم وليَ دين.

وما هي العلمانية؟

إنها بإختصار شديد "لكم دينكم وليَ دين"، أي أن يعمل كل منا بدينه ونتعايش ونبني مجتمعنا ودولتنا، ولا تكفرني ولا أكفرك،حتى وإن قلت بذلك، فلك دين وليَ دين، والرب سيحكم بيننا. 

فالتكفير حالة نسبية وليست مطلقة، أي فيها نسبة كبيرة من الخطأ، وبما أن الأصوليين يقرون بمحدودية العقل، فأن القول بالتكفير نابع من عقل محدود أي نسبي وهذا لا يجيز الإطلاق والحكم بالفعل والإجراء.

فهل أن العقل الأصولي مطلق؟

إن صح القول بذلك فهذا يتناقض مع دعواتهم التي تنص على محدودية العقل وعدم قدرته على التعامل مع النص القرآني أو الإلهي، لأنه فوق العقل أو أنه كلام الله وعلينا أن نقبله بلا تفكير أو إعمال عقل، وهذا يعني أن الأصوليين يناقضون أنفسهم عندما يسمحون لعقلهم النسبي بإطلاق توصيفات مطلقة، وعليه فأن التكفير لا وجود له ولا قدرة للعقل المحدود أن ينظر به، فالذي تكفره يرى أن هناك ما هو مطلق يؤمن به بلا إعمال عقل.

 

د. صادق السامرائي

.............................

الأصولية: التمسك بكل إتجاه فكري أو ديني قديم، والأصول: الأساسيات أو الجذور.

(أصول الدين، أصول الحديث، أصول الفقه)

 

في المثقف اليوم