أقلام حرة

هل تُحل عقدة كركوك؟

عماد عليالمشلكة في كركوك هي النظر اليها وكأنها ترسانة للمواد الطبيعية والذهب الاسود فقط دون الاعتبار الى اهلها وتاريخها وكيف تغيرت ملامحها من قبل الغادرين من الحكومات الدكتاتورية الجائرة، وكأن عندهم الانسان لا شيء امام المادة. هناك صراع محتدم خفيا كان ام علنا في المنطقة والدول المستعمرة القديمة التي تشارك بشكل خفي وقوي وباسلوب مخادع وبحركات وافعال وترغيب وترهيب من قبلالشركات الكبيرة المسيطرة على زمام السياسة الاستعمارية الحديثة وهي تصر على كيفية رسو سفينة كركوك وفق مصالحها.  ربما لا يعلم احد بان بريطانيا هي الفاعل القوي في اية خطوة حصلت قديما وتحصل حديثا وفيهذه المرحلة ازدادت تحركاتها وهمتها لانها تعتبر نفسها صاحبة الحق وتريد اعادة امجادها وما استغلته من الثروات وما كان في وقته نتيجة سيطرتها على مقدرات العراق في المرحلة التي انتدبته وسلبت خيراته لمدة طويلة، وهي لحد اليوم تعتقد بان لها الحق فيها. اما تركيا التي تريد اعادة امجاد العثمانية فانها تعمل وفق ما مترسخ في عمقها ولا شعورها ونظرتها الى المنطقة وكانها سلطان كل زمان وصاحبة البيت ولابد ان تعود اليها ما تريد وانها كركوك المدينة التي اُخذت منها عنوة كما تعتقد وتدعي بصراحة في كثير من الاوقات . اما اصحابها الحقيقيين وهم ضعفاء مغدورين لهم ظروفهم السياسية الاقتصادية المعقدة وليس لهم امكانية وقوة وضع النقط على الاحرف ليعلنوه صراحة بان كركوك تعرضت للسلب والنهب تاريخيا وجغرافيا وديموغرافيا ولنا كل الوثائق التي تدل وتثبت ملكيتها، وان من يدعون بصاحبية المدينة المظلومة هم لم يروها تاريخيا الا حديثا وجذبتهم اليها ثورتها ولم يكن سلفهم يعلم حتى اسم المدينة، فقوة الدولة ودكتاتوريتها هي التي فرضت التغييرات التي اصبحوا هؤلاء في موقع يمكن ان يدعوا زورا وبهتانا ما يقولونه اليوم، نعم الكورد وبعد ان حُرّم من الدولة في بدايات القرن العشرين من خلال نقض معاهدة سيفر وحلت محلها معاهدة لوزان، اخذ منه الحق وسلب منه التاريخ قبل المستقبل وغُدر به من قبل المعنيين الاقوياء والمتحالفين بطرق ملتوية وحيل وخداع معلومة لدى الجميع.

اليوم وبعد كل تلك التعقيدات المتراكمة منذ مدة ليست بقليلة فيظهر المزيفون والطامعون ويدعون زورا وهم يعرفون زورهم وبطلانهم ذلك قبل الاخرين، والعلة الكبيرة في كل تلك الادعاءات والزيف والتضليل هي وجود الذهب الاسود الذي اصبحا نقمة على اهلها كما هو حال المدن الخرى المماثلة كخانقين وسنجار والاماكن والمواقع الصغيرة الغنية في كوردسان باجزاءها الاربعة. وما نعلمه هو التغييرات الكبيرة في مراحل تاريخ هذه المدينة سواء ما رافقت مع التغييرات السياسية العامة للدولة العراقية ام مع تغيير اوضاع الكورد الذي تعرضوا للتسفير والترحيل والتعريب في اكثر مراحل تاريخهم في هذه المدينة، وهناك دلائل ووثائق لا يمكن لاحد انكارها تثبت احقية الشعب الكوردي فيها في الوقت الذي يجحد الاخرون  وبتبجح كبير على كل شي يخص صاحبها الاحق. ما يعمق الامر غصة هو الثقافة الشوفينية التي تحملها هذه الحكومات والنسبة الكبيرة من هذه الشعوب التي تعلم بانها تسرق وتسلب وتدعي العكس.

اليوم نحن في مرحلة مابعد الدكتاتورية كحكومة في العراق فقط ولا نزال في حال الدكتاتورية ثقافة ومرعفة، نرى الطامعين موغلين في ثقافة وفكر الشوفينية التي هي مستقرة في كيانهم وفي عمق من مد يده الى الباطل دون ان يهتز بدنه في التاريخ الحديث، والا عندما لم يُكتشف النفط فلم تكن هناك مشكلة حول طبيعة وتركيبة هذه المدينة والتاريخ يوضح لنا الاكثرية الساحقة لاهله دون اية مشكلة في الامر. اليوم وبعد التغييرات الديموغرافية التي حصلت على يد الدكتاتورية البعثية هناك من يريد ان يصدق الكذب المتكرر الذي اعيد صياغته من قبل الحكومات الشوفينية الطامعة على حساب اصحاب الحق الحقيقيين ويريد غدرا ان يبقي على الباطل، ويريدون بتكرار الكذب ان يصدقهم حتى اصحاب الحق ويترك لهم الامر كيفما ارادوا، ولكن الشعب الكوردي الذي اصبحت قضية كركوك والمناطق المستقطعة قضيته الاخلاقية والشرف والكرامة لا يمكن ان يسمح بسهولة لمن يريد الغدر مرة اخرى مستندا على الزيف، وسوف يصح الصحيح مهما كان وراء الزيف والغدر والكذب قوة غاشمة.

فكركوك هي القضية المركزية لجميع الشعب الكوردستاني ومن يتذكر جيدا الثورات فانه يعلم بانه لم تكن هناك حتى مساومة  تكتيكية في هذا الامر والتي اعتبرت كفرا وحنثا بالعهد والشرف على هذا الحق التاريخي الذي اصبح صلب شرف امة وماضيه ومستقبله وحقه المهضوم الذي يريد استرجاعه مهما بلغت التضحيات الجسام والتي سالت دماء من اجله ولازال ابناءها مستعدين لتقديم اكثر رغم الفجوات في عقلية القادة الكورد الذي لا يعملون باستراتيجية تتطلبها القضية وحقيقتها، وحتى يطمئن من يتخيل بانه سوف يمد في غدره اكثر فيما يعتقد ويريد ان ينفذ غيه، فيجب ان يتذكر بان ابناء هذه المناطق هم في طليعة الثورات الكوردستانية وكانت عينهم باصرة  على كركوك وان كانوا في اية منطقة اخرى في كوردستان وقدموا الكثير ولازالوا مستعدين مهما ضاعفت التضحيات.

ان ابسط الحلول في هذه المرحلة الت ينعيشها وسيطرة لغة العصر والحق هو اعتراف من هو وافد تاريخيا وليس ابان النظام الدكتاتوري فقط باصلهم وفصلهم الحقيقية ويطلبوا مساعدة من اصحابها لضيافتهم وتامين جياتهم.

اما العقل السليم هو التعامل مع الواقع الموجود بفكر وعقلية عصرية تقدمية وعدم انكار الحق وبحوار ولكن دون الدخول في امور زائفة صنعتها الحكومات الدكتاتورية والادعاء بغير الحق من اجل تضليل المقابل، لان الجميع يعلم بان المدينة لها صابحها الحقيقي وشعبها العتيد ولا يمكن ان يتنازلوا ابدا عن حقوقهم، وما لحق بها الغدر ازدادت همة ابناءها وقوت ايمانهم بتمسك بحقهم مهما بلغ الامر تعقيدا.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم