أقلام حرة

تعقيد الفلسفة!!

صادق السامرائيتنتشر في الصحف والمواقع الكتابات الفلسفية التي تتناول مواضيع متنوعة ويهدف كتابها لنشر الثقافة الفلسفية وتنوير العقل الجمعي في المجتمعات، وهم يكتبون بأساليب أكاديمية ثقيلة ومعقدة تتسبب بتنفير القارئ مهما بلغت ثقافته من التواصل بالقراءة.

وهذه معضلة تواصلية ربما يغفلها المعنيون بالكتابات الفلسفية، وبهذا يعززون ما هو سلبي عن الفلسفة في مجتمعات ما أحوجها للتنوير الفلسفي والتحفيز العقلي، والتحرر من الآليات القمعية والتبعية وما يساهم بتعطيل العقل.

الكتابات الفلسفية التي تنتشر في الصحف والمواقع تتميز بأنها طويلة وثقيلة، وذات منهجية أكاديمية، وتستحضر مفردات مبهمة، ولا تجتهد بالتبسيط والتوضيح، وإنما تمعن بالغموض والغوص البعيد في متاهات لا يمكن تمثلها وإستيعابها بسهولة من قبل القارئ، وتخلو من المتعة والجاذبية الضرورية لإهتمام القارئ، مما يدفعه إلى إهمالها والعزوف عنها، وعدم النظر ثانية إلى موضوعات كتّابها.

ما تكتبه الأقلام المهتمة بالمواضيع الفلسفية مهم وضروري للتنوير الجمعي في مجتمعاتنا، لكن المشكلة الواضحة والمعوقة أن أسلوب الكتابة لا يتفق وما يهدف إليه الكاتب، فهو يتوهم أن بكتابته المقالات الطويلة المحشوة بالكلمات والعبارات والمصطلحات المبهمة  سيقدم ما هو نافع للمجتمع، بينما يكون سببا في تنمية النفور من الفلسفة والإبتعاد عنها.

فالمجتمع بحاجة إلى تبسيط لا إلى تعقيد، علينا أن نكتب بلغة سهلة وعبارات واضحة وجذابة تحبب القراءة والمتابعة والتمتع بالموضوع.

وكلما أمعنت بقراءة المقالات الفلسفية المنشورة أتساءل، لمن تُكتب؟

فهل هي للقارئ أم للنخبة المتخصصة بالفلسفة؟

إذا كانت للقارئ في المجتمع فعليها أن تغير أساليبها ومفرداتها وعباراتها، وأن يجيد كتابها مهارات الكتابة لعامة الناس، فالكتابة التنويرية عليها أن تصل إلى العقول والقلوب، لا أن تبسط موضوعاتها بتعقيد، مما يؤدي إلى الغثيان والدوار، فالقارئ بحاجة لما يساهم في تنمية متعة القراءة وتنشيط العقل وإكتساب ما يساعده على الخطو الواعي في دروب الأيام.

أرجو أن نقرأ كتابات فلسفية تمتعنا وتنوّرنا، لا أن تعكر صفو رؤوسنا وتشيع السأم في نفوسنا.

وتحياتي للمعارف وفلسفاتها والأقلام التي تجيد الغوص في مكنونات أعماقها وفضاءاتها الساطعة.

فهل سنكتب بأسلوب الفلسفة للجميع؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم