أقلام حرة

المقابر الجماعية والمواقف العجيبة

عماد عليكل يوم ينكشف لنا اكثر كيف غُدر بنانحن الكورد ووصلت الحال الى قتل الرضيع  ودفنه وهو حي في حضن امه، وشاهدنا كيف مليء افواهم بالتراب وهم يصرخون دون ان يلقوا رحمة من هؤلاء الذين لازالوا يعيشون في فكر وعقل من ورثهم حتى بعد سقوط الدكتاتورية، ولك يوم يغدرون باسم وتوجه وفكر وعقيدة معينة. هكذا صار الامر، اليوم يعيدون الامر باشكال مختلفة، فهناك من يقول بيعوهم، والاخر يطلب ويدعوا الى ان يدفنون كما فعل كبيره بالامس، ولم يدع الثالث جريمة والا ويضعها على عاتق الكورد ليبرر الجرائم التي الحقت بها، وهناك من يصرخ اسبوا نساءهم باسم الدين وما يحويه دينهم هذا الذي يسمح لهم كل ما لم يمت بصلة بالانسانية ويقول  اقتلوا اطفالهم وارجموا كبارهم واقطعوا ايديهم وحزوا رقابهم، ويفعلون يوميا ما يتمكنون ولم يسمع احد من احدهم كلمة ولو شفقة منهم ولا الرحمة والنظرة الانسانية، يسرقون كوردستان منذ قرن او قرون حتى، يذبحون ابناءه منذ قرن ويدمرون كل ما يقع بين ايديهم ويؤنفلونهم دون هوادة، وياتي معمم ديني والاخر يعتبر نفسه علماني ويقول بيعوهم ل (اغآه وقرداش)، ويتكلم وكانه صاحب الارض وهو من كان يتلذذ من فتات ما تبقى من فضلات هؤلاء الدول التي يريد ان يستجدي منهم الماء بدلا من الكورد. هذا مثال حي وآني بسيط لموقف من يعتبر نفسه من قادة العصر ويتكلم بعنجهية ويتكا متوسلا على عتبة الدار لمن يعطيه علفه.

هل من يدلني على طريق كي افرق بين الامس واليوم ومن كان يذبح باسم العراق والدولة والعلمانية واليوم ينطق بابشع التخرصات ويعلن عن مواقف في الفوضى الموجود ضد الكورد وهو ابخس من البعث ودكتاتوريته. يريدون ات يلتزم الكورد بكل ما يفرض عليه التبعية لهؤلاء دون ان يفكروا ولو مع نفسهم بحقهم، يريدون ان يضمنوا وحدة هذا البلد الذي انبثق على ايدي الاستعمار ومن غدر الكورد من اجل مصلحته دون ان يستفاد منه الكورد ذرة خير ويتهمونه بالعميل مرة والتبعية والموالي لهذا وذاك مرة اخرى، دون ان يقفوا ولو لحظة لما هم عليه ومن كانوا ومن اين اتوا وما هو اصلهم الذي جائوا واحتلوا البلد وجرفته عاصفة الغدر والغزو والسبي والقتل ماكان موجودا في البلد من شعب اصيل وكانت له حضارة ودمروه وشعب واستاصلوه وغيروا ديموغرافيته بالزحف الجارف الذي غطى عليه من كان الوافد الغازي من الجزيرة القاحلة، انهم غدروا بالشعب العراقي الاصيل ولم يبقوا له ما يذكر عددا وثقافة وتاريخا، انهم شوهوا كيانه.

اليوم يتوارث اولاد قحطان وجربان وعريان وجدوع ما كان يحمل اجدادهم من العقلية البدوية التي لا تحوي غير القتل والانكال بغيره وغدره. اليوم هؤلاء الموجودون هم ابناء هؤلاء ومن جائوا وجلبوا معهم الجمل والناقة والربابة والدشاشة دون لباس وهم عراة وغطوا بما كان فيه العراق ولم يضيفوا شيئا اليه غير الغدر والاعتداء على اصل الموجودين وفصلهم. ما يحز النفس هناك ان  اولادهم اليوم لا يكلوا في الاستمرار على افعال اجدادهم ولم يتغيروا ولم يتاثروا بالحضارة التي لمسوها في العراق القديم  ولكنهم بعدما جاءوا ودمروها ونكلوا باهلها ومن بنى البلد الاصلاء الاصحاب الحقيقيين له .

ان من عجب العجاب اننا لم نشاهد تغييرا في عقلية هؤلاء وسلوكهم بعد مئات السنين وهم ملتزمون باصالتهم في هذا الجانب السلبي دون ان يلتزموا بما احتكوا به منذ مئات السنين ومنذ مجيئهم من الحشارة التي تعجبوا منها، انهم يعيدون ما حدث بالامس قولا وفعلا دون ان يفكروا بان العالم تغير وكل ما يسير عليه العالم هو لمصلحة الانسان ولم يبق التعصب والتطرف في الاماكن التي يعتبر منبع التقدم والحضارة وافادوا ما انتجوا الاخرين، ولكنهم هم لم يهتموا ويجحدون وما اكثرهم وهم ينفون نتاج الخير وما صنعته ايادي الخيرين ووصل اليهم  وهم ينكرون ويدعون علوهم بعقلية استعلائية خرفة، علاوة على ذلك يمنون على الاخرين بما اتوا به وجوهره الشر ونابع من القحط واما تفرزه لارضي الجرداء. وعليه لا يمكن ان ينتظر اي ملة منهم غير ما يملكون وهو الشر فكرا وعقلية وصنعا. وهم يستمرون لحد اليوم في مواقفهم وان تمكنوا يعيدوا كل ما فعلوه منذ الغزوات. فهل من ينكر ان الدكتاتورية اعادت ما اتى به الاسلام على الشعوب الاخرى بعد غزوهم وسلبهم ونهبهم بادعاءات شرعوها باسم الدين، واليوم يتمسك سليلو هؤلاء  بما اتى به اجدادهم الغازية وكل ما يستمرون اكثر في احتلالهم الذي دام قرون يمسحون الاض ويجرفوه  من كل ما كان عليه من الاصالة، وعليه لا يرحمون، لان القسوة والغدر صفة توارثوها من جيناتهم  التي اكتسبوها من بيئتهم الصحراوية القاحلة.

فهل من المعقول ان تنكر حق الاخر وتعتدي عليه وتستمر قرون  في غدرك دون ان تعيد النظر ولو للحظة؟ فهل من المعقول ان تنهبه وتسلبه وتسبي نساءه وتقتل بوحشية  وغدر وحيلة من يرفض الخضوع دون ان يرف لك جفن؟ فهل تعمل كل ما بوسعك لتغيير الاصالة وتدعي تملكك للارض وان بقيت فيها ساعة واحدة فقط؟ فهل هناك من ينكر انك لم تكن موجودا في  بقعة ولا تملك فيها ما تقتات عليه واتيت جوعانا ولكنك شبعت ثم  انكرت، وما اكثر اللئم فيك وانت تاكل وتقلب على من يبقى من يعينك على اشباعك دون ان تذكر خيرا له ولمن ساعدك في ضيقك ؟ فهل يمكن لاي متبع ان يفرق بين الجيل الجديد تالمتطرف التي ورثهم عن ما اتسم به اجدادهم من الصفات السيئة؟

فهل من سمع موقفا وتصريحا ابان الدفن الجماعي للكورد باسم الانفال  ابان النظام السابق المقبور من هؤلاء الذين كتموا انفسهم كي  يرضى عنهم الدكتاتور، واليوم يعيد التاريخ نفسه، وبعدما يشتمون ويسبون ويضعون تخلفهم وعقدتهم على الاخرين لم نسمع بعد كشف كل مقبرة كلاما من هؤلاء المتعصبين المتخلفين المجردين من الضمير والوجدان يبين موقفهم ويوضح ما حصل وما كان يجب ان يفعلوه وهم من يدعون السلم والامان وما لديهم من الدين الحنيف الذي يعبتروه دين الانسانية والسلام والتعايش.

لم يبق شيء لم يفعلوه بعد احتلالاتهم المتكررة لاراضي الغير كي يعتاشوا بعدما كانوا عليه من الفقر والضيق وشبعوا بعد السلب والنهب والاحتلال ولم يشكروا بل خربوا من مد اليهم يد العون وقلبوا الموازين بكل ما امكنهم من القوة واللاانسانية من السلوك والتعامل مع الاخر، انهم وحتى اليوم يطبقون؛ مقولتهم ومثلهم العلى وهو: هم واخوانهم على ابن عمهم وهم وابناء اعمامهم على الغريب، وكذلك؛ ناصر اخاك ظالما او مظلوما، يا له من فكر وتوجه وعقلية ضيقة الافق بعيدة عن الانسانية والحياة الامنة والسليمة وبتصرفات حيوانية مفترسة قحة. وعليه لا يمكن ان ننتظر من سلالة هؤلاء الخير للاخر المفيد له وليس امام الكورد فقط وانما مع غيرهم جميعا اينما كانوا وان كان لهم حتى الفضل عليهم وهم الناكرين مهما كان موقفهم.

بالامس اكتشفت مقبرة جماعية كبيرة في صحراء السماوة وكانت من ضحايا الدكتاتورية التي اخضعت هؤلاء في زمانه واجبرهم على السكوت بجبروتها وقوتها، واليوم ينكرون ولا ينطقون لا بل حتى يتحجج الكثير منهم نتيجة ما كان للدكتاتور من الفضل عليهم على حساب الشعب العراقي الاصيل بشكل عام والكورد بشكل خاص. التعصب والنظرة الدونية الى الاخر لازالت تسير في دمائهم، انهم يدعون الخير للاخر ويفعلون العكس بافعالهم، اين مواقفهم وانهم يشاهدون الصور التي خرجت اثناء كشف واخرجت المقابر الجماعية للكورد المؤنفلين والتي تدمي القلوب، ولم نسمع رد فعل حتى صغير وكانه لم يحصل شيء، كل ما يؤمنون ويعقلونه في قرارة انفسهم ان المغدورين ليسوا من اصولهم فلا داعي لاي موقف، يا لهم من وحوش برية  مفترسة بعيدة عن ذرة احساس انسانية.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم