أقلام حرة

خشونة الحوارات والصراعات في منطقتنا!

عماد عليطبيعة حياة الناس ومعيشتهم وما توارثوه من التاريخ والحروب والصراعات دون اعادة النظر بامور بعيدة عن الفكر الانساني السليم التي انتشرت اثناء ذلك، لا بل التفاخر بما جلبت او برزت من الصفات التي تؤدي الى الخشونة والقتل ونفي الاخر ودحره، هذا ما ابقى على مسيرة الانسان الشرقي العاطفي في اكثر الاحيان ان يكون بعيدا عن العقلانية وهو يسلك بشكل وطريقة تؤدي الى الابتعاد عن حتى اصلة بعضهم الذين كانوا اصحاب الحضارات، وساروا بطرق غير عصرية مستندة على استئصال الاخر وتدميره بدل تصليحه وتصحيح توحهاته او عقليته، وهذا ما ابقى المنطقة في دوارة الصراعات الخشنة وارضية مائلة الى اندلاع الحروب الدائمية، واستغلها الاخرون لتنفيذ مرامهم واهدافهم من خلال فرقتهم وعدم التنسيق والتعايش والتعاون بينهم طوال التاريخ. وبعد ان تحول الغرب الى باحة السلام واستقر على الحياة الحرة الانسانية، ولنا ان نقول معيشة مترفهة دائمة اعتمادا على مصادر وثروات الشرق ومستغلا هذه العقليات والتوجهات المسيطرة عليه.

لقد مر الشرق بكثير من الحروب والصعوبات المؤثرة حتى على اخلاقياتهم الا ان فترة السلام ليست بقليلة للتقدم وتنظيم الذات ان كانوا بعقلية راقية تقودهم كي يعيدوا النظر في اخطائهم والسير نحو اللين والسلام والتعاون، كما فعل الغرب ويتقدم الان ويخلف الشرق وبالاخص منطقة الشرق الاوسط وراءه كثيرا.

الوضع الاقتصادي الموجود لدى كل بلد ومستوى معيشة الناس ونسبة الثروات التي تمتلكها كل دولة واختلاف مستوى الفقر والغنى والنظرة الى البعض من خلفيات ادييولوجية وما فرضه تاريخ كل بقعة على عقلية مواطنيها الى الاخر من زاوية ومنظور معيشته وثروته ومستواه المعيشي وان كانت ما يملكها الاخر من القلة هي خارج ارادته. وعليه يتربص كل شعب للاخر من اجل الانقضاض عليه كما هي حال المراعي والغاب وبكل السبل وان كانت الحرب الوسيلة الاولى التي يفكرون بها وان تناقشوا حاوروا فيما بينهم ظاهريا.

للغزاوت والتعديات الاسلامية التاريخية التي غيرت وجه كل منطقة وبقعة وصلت اليها الايادي الصحراوية الاسلامية دور كبير في تغيير مشاعر واخلاقيات وعقليات وتوجهات وتصورات كل مسلم اجبر على الاستسلام للدين ترهيبا او ترغيبا وبدورهم ورثوا ما اعتنقوا الى ابناءهم. وكما هو المعلوم فان العلاقات والتعاملات التي كانت سائدة بين فرد واخر وعائلة واخرى وعشيرة واخرى مبنية على اقتداركل منها وامكانيتها وقوتها وما تملك للدفاع عن نفسها ومن ثم في الفرصة المناسبة الانقضاض على الاخر لسلبه وسرقته ووضع اليد على ما يملك دون ان يفكروا في التعايش والتساوي والسلام، وما شهدته المناطق التي اسلمت من التدمير والسبي والسلب والنهب لما امتلكوه ثبت في مشاعرهم وتوارثتها الاجيال دون اي مقاومة. وعليه نرى التضاد والصراع الخشن ومحاولات استئصال الاخر مسيطرة هنا منذ تلك الغزوات، اما الحروب الغربية والتي دامت طويلا لم تكن تحوي على هذه النسبة الكبيرة من الافعال البشعة الا ما يذكره التاريخ عن عملية الهولوكوست التي فيها اراء ومواقف وتقييم مختلف لجوانب واسباب حدوثها، غير ان المناطق التي شهدت الحروب وان كانت الحرب قاسية عليها فلم تقلع عن ما اكتسبت افراده من العلوم والفنون والجماليات في مسيرة تاريخها على العكس من الحروب الاسلامية التي ادت الى فناء الفن والجمال والتعايش والتعاون والنظرة الجميلة الى الطبيعة والحياة وادت الى تغيير الواقع وحتى الانسان نحو طبيعة وكيان مختلف بشكل مطلق عما كان قبله.

فعليه ان المحاولات الكبيرة لاعادة النظر في مسيرة الحياة في هذه المنطقة لدى المهتمين والمخلصين الاصلاء والتفكير في الالتحاق بالغرب انسانيا تذهب هدرا لاسبابها الموضوعية التي فرضت نفسها، والتعب والجهود المضنية التي تبدر من قبل الافراد والمجموعات المدركة بما حصل وما يجب تغييره لانعاش او عادة الحياة الى هذا الموت المطبق المفروض على حياة الناس في هذه البقعة، وهناك من لا يحتمل ويهرب مخلفا المنطقة بما فيها لما هي عليه من هذه الحالة الحياتية البعيدة عن صلب الانسانية المتصارعة على اتفه الاسباب والتي تستغلها السياسات والاطماع الراسمالية الغربية ايضا علاوة على ما هي فيه من الظروف القاسية.

اما لو تكلمنا بشكل افصح فاننا يمكن ان نقول بانه حتى الحوار لم يصل الينا بعد كاسلوب وتعامل وليس بطريقة او سلوك يمكن ان يُعتمد لحل الخلافات او الوصول الى نتائج مفيدة للاطراف المتحاورة بعيدا عن الافرازات السلبية المؤدية الى سكب الدماء، اننا في وسط غابة متصارعة من اجل الحصول على وسيلة الحياة والمعيشة اليومية غير مهتمين بما يمكن ان نعمل باسلوب يمكن ان نوفر كل الوسائل والضروريات بعيدا عن تلك الصراعات الخشنة بل بالتفكير والتعامل والتقدم والصد عن التدخلات الخارجية المصلحية التي تريد ان تستفيد من هذه الحالة للتقدم الاكثر لابناتئهم وعلى حساب منطقتنا، واكبر الوسائل المستخدمة من قبلهم هو وجود القيادات والحكومات والانظمة التي توفر لهم امكانية سيطرتهم على هذه المنطقة وتفرههم وتساعدهم على نهب الثروات من اجل مصالحهم الضيقة على حساب ابناء شعوب هذه الحكومات ودولهم وخير وسيلة لتنفيذ مراهم هو تثبيت ما يشغلهم ويلهيهم من الصراعات الخشنة الداخلية والحروب التي تندلع وتستمر اوارها بشكل واخر مؤديا الى تطبيق شعارهم الابدي فرق تسد وهم يسيدوا لحد الخنوع لشعوب المنطقة ولفترة يُعتقد ان تكون طويلة طالما بقت الحال والمستوى الثقافي الاجتماعي وما تسير عليه شعوب الشرق هكذا على ماهي عليه اليوم .

الحلول النهائية غير متوفرة الان وفي هذه المرحلة التي نعيشها، كلما تقدم بقعة هنا وهناك نحو الخطوة الاولى لتغيير معيشة الناس وعقليتهم وسلوكهم وتعاملهم مع البعض، اي التغيير الكلي الاجتماعي، طالت اليه ايدي من ليس له المصلحة في تقدمها وتغييرها وتعمل على منعها وتنجح في اكثر الاحيان في عرقلتها وبه تعود الى ما كانت عليه، والمناضلين المحاولين العمل على محو هذه المحنة دون هوادة اما يياسوا او يتشردوا او يفروا مخلفين الواقع والمنطقة على حالها دون اي تغيير، وبه يمكن التراجع عن حتى الخطوات التي اتخذت في تقدمها.

التدخلات الغربية في شؤون البلدان وبالاخص اصحاب الثروات هي اكبر الاسباب في بقاء الوضع الاجتماعي العام والعلاقت البينية لافرادها على ما هي عليه من اجل تقدم هم اكثر وبقاء هذه الىمنطقة كبقرة حلوبة لهم فقط. والسؤال هو؛ الى متى تبقى المنطقة وشعوبها هكذا ، فالسؤال يحتاج الى دراسة وتحليل من اجل ايجاد الجواب الوافي والعلمي الدقيق ومن ثم ايجاد الحلول، ولا يمكن ان يقول اي منا ما يمكن ان يتغير به وعليه اي شعب ويسير دون توفر المقومات الكثيرة ومنها ثقافة الفرد والمجتمع وتفهمه للواقع وكيفية صد اي تدخل مؤدي الى بقاءه على حاله وما هو فيه والوصول الى العقلية المتصدية للمؤثر السلبي والبدء بتطبيق مناهج وطرق تؤدي الى التغيير السلس وتجاوز العقبات نحو الامام، اما من الناحية الاقتصادية فهي ثرية لا تحتاج الّا الى التنظيم للاستفادة منها دون اي تدخل من الاخر الطامع السالب الناهب بطرق شتى.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم