أقلام حرة

هل من المحتمل ان ينفلت الوضع في العراق؟

عماد عليعلى الرغم من بطء سير المتغيرات التي يمكن تحسسها بتامل وتمعن ودقة شديدة الان، الا انه من المنتظر ان يخرج الوضع الجاري من السيطرة بعدما يصل ما نحن فيه الى امكان الوصول الى الاحتمال الكبير المتوقع للوصول اليه خلال مدة ان لم يُستوعب ما يجري بعقلانية او ان فرضت المصالح على الاطراف العديدة في المنطقة والعالم ما يمكنه الوصول الى المنتظر وهم على الدراية به وليس هناك ما يردعهم ان توجب ذلك لمصلحتهم. نرى الشد والارتخاء والمد والجزر لازال مسيطرا على سياسة الاطراف المعنية في الصراعات المتعددة الموجودة في هذه المنطقة، امريكا تحسب لكل لحظة بدقة وتعتمد على حسابات بغاية الاهمية لانها تعرف اي خطا ولو بسيط سيحسب عليها وستقع اوزاره على مصالحها وهيبتها وسمعتها وعلى مستقبلها واهدافها الاستراتيجية التي تنوي تحقيقها محاولة ان تسيطر بها على المنطقة لعقود وراميا الى استبعاد روسيا والصين باي شكل كان في اللعب الرئيس لمدة ليست بقليلة.

الصراع الاكبر الذي يثبت نفسه ويسيطر على المعادلات السياسية يوميا هو ما يجري بين امريكا وايران، والمعلوم عن توجهات كل طرف وما يجري تحت البساط سريا اكثر من المعلن، وربما ما يحدث عكس ما نراه على العلن وما يدعيه كل طرف ازاء الاخر بعدما يرى اي طرف منهما مصلحته في ذلك وهما مهتمان بما يحققانه في تهميش القوى الاخرى وما يفرض عليهم ان يكونوا في حال الدور الثانوي فيما يجري مستقبلا ان توافق هذان الطرفان على امور يهمهما قبل غيرهما، ويخرج الاخرون من كل ما يتبرصون ان يحدث من المولد بلا حمص. وهناك احتمال اخر هو حدوث الفوضى ان لم يكن احد الطرفين دقيقا في تعامله وما يهمه الاخر اكثر من صراعه معه، اي ان لم يحسب احد الطرفين ما يهمه اكثر من صراعه مع المقابل الذي يقع لصالح الاخرين غيرهما او ان كان الانفلات لمصلحته في النهاية كما وقع سقوط الدكتاتورية في العراق لصالح ايران كلاعب رئيسي رغم اسقاطها من قبل امريكا. ايران تدرس ذلك وتعلم ما يهم امريكا قبل غيرها وهي تعلق على ما يمكن ان تجعل امريكا تحت امرة مصالحها التي يمكن لايران ان تجعلها تحت ارادتها بشكل غير مباشر كما نراها اليوم. اي ليس كل ما يجري يوميا من الممكن ان يتقدم ويتطور لحدوث ما يُنتظر او يفرز منه ما يمكن ان يؤدي الى الفوضى التي تتمناه الاطراف التي تقع على عاتقها الثقل الكبير من المصروفات وما تتحرك عليه امريكا وكل شيء بحسابات مادية قبل اي شيء اخر.

طالما بقى البترول واهميته على حاله، وامتلك هذه الدول وما موجود فيها من حكومات تحت السيطرة التي تهم امريكا على هذه الحال، فان توازن القوى في المنطقة من الاوليات واهم من اي شيء اخر لدى القوى العالمية للايصال البترول الى مكانه المستعمل والاهم لديه.لا يمكن ان تدع امريكا ان تموت عدوا ضعيفا ليبرز اخر قوي امامهأ، فتصارع عدوين في الساحة التي تهمها افضل من افراغ الساحة حتى من الاعداء لها، لانها تعقتد بكل تاكيد بانها لن تبقى لمدة طويلة دون اعداء في هذه المنطقة طالما تعتمد على ضمان مصالحها من اجل مستقبل بلادها وعلى حساب المنطقة باكملها وليس شعب بلد واحد فقط، وهذا ما بعلمه الجميع ومنهم اصدقاء امريكا قبل اعدائها، وهي تعلم من يعاديها او يصاحبها او يصادقها في كل نظرة او توجه تجاه ما تفعله امريكا وما تهدف به في المنطقة ولكل تحرك قبل مطالبة موقف ما في اي موضوع كان. هنا لا يمكنني ان اؤكد كيف ينظر الكورد المستضعفين المحتاجين الى المنقذ دائما، كيف ينظرون الى السياسة الامريكية في المنطقة وتعاملها معهم وفق ما تتطلبه مصالحهم فقط بعيدا عن الانسانية مهما كانوا من المظلومين والمغدورين لاكثر من قرن ام يفكرون عاطفيا وكأن امريكا لا يمكن ان تبيعهم مرة اخرى.

الفوضى التي ربما تنتج ما لا يحلو لامريكا ويمكن استبعادها لانه من المعلوم لا يمكن ان نقدر ما تتفاعل معه امريكا وسياساتها التي تختلف عن ما يجري في هذه المنطقة وما فيها مع الساكنين وحكوماتهم من القيم التي تجعل حتى سياساتهم الدبلومساية معتمدة عليها على خلاف ما تفعل وتفكر وتتحرك امريكا التي تعمل بعيدا عن كل قيمة شرقية كانت او غربية في سياساتها المجردة من اي صفة او سمة انسانية يمكن ان تُنتظر منها، ولا يمكن ان تكون كل خطوة منها بعيدة من الربح التجاري لاية سلعة كانت وان ذهبت جرائها الدماء والارواح. وعليه ان حدثت الفوضى فلابد ان تكون مدروسة ومعلومة النتائج ان لم تخرج من تحت السيطرة وان لم تكن بعيدة عن الحسابات المسبقة لها.

 الفوضى التي يمكن ان ينتظرها الشعب العراقي قبل غيره لا يمكن ان تؤدي الى حال افضل ان لم يكن ما يحدث يضع استقرار وامن العراق في اولويات اللاعبين الرئيسيين في المنطقة مهما تراجع الوضع الاقتصادي السياسي الاجتماعي في العراق، وقانون حماية استقرار العراق الذي مرر قريبا في امريكا له حانب ساطع في ثنايا المعادلات التي يمكن ان تحسب لها وتتعامل بها الاطراف في حال حدوث اي تغيير منتظر او انعطافة كبرى قد تؤدي الى تغيير الخارطة السياسية والواقع الجديد سواء كان مرسوما او غير معلومة الصورة النهائية له بوضوح.

المعلوم ان اي فوضى ستكون لصالح التكتلات الصغيرة او القوميات التي تعيش تحت رحمة المسيطرين على السلطات في المنطقة وسوف تؤدي الى تقسيم البلدان الى بقع متعددة غير مسيطرة عليها بشكل كامل من قبل جهة واحدة، وهذا ما يجعل امريكا ان تكون مترددة في خطواتها رغم دراستها النظرية وهي تراجع نفسها كثيرا وحتى اخر اللحظات. تغيير النظام العراقي على ايديها قد جعلها تعيد التفكير في اية خطوة استراتيجية في هذا الشان وان اي فوضى قد تفعل ما لا تنتظر وتعتقد وتخمن ما يحصل او يفرز في نهاية المطاف,

و عليه، لا يمكن التاكد بشكل كبير من حدوث الفوضى من صراع ايران وامريكا في نهاية الامر مهما حصل لانهما على يقين بانهما يخسران في نهاية الامر بنسبة اكبر من غيرهما ويراوغان ويتناوران الى اخر الامر وان لم يجدا الطريق المفتوح سوف يتنازل احدهما الى االخر دون اي خجل ولكن بالحفاظ علىماء الوجه التي تهم ايران اكثر من امريكا، لانهما اكثر عقلانية من الدكتاتور العراقي السابق ويعلمان انه لا جدوى من النعند في مثل هذا الامر الذي لا تدخل فيه حسابات القيم والهيبة والشهامة التي تلتزم بها الشعوب الشرقية اكثر من الحكومات، واية حكومة عاقلة تكون فوق كل ما تُسمى في العرف الاجتماعي بالقيم التي تؤدي الى انهيار الدولة او ضرر الشعب . وان حدثت الفوضى بعد دراسة نتائجها فان البلدين هما المستفيدان اكثر من غيرهما دون شك.

و كما نرى ان العراق اليوم على ماهو هو عليه تابعا في سياساته ووضعه الاجتماعي الاقتصادي، وعليه لابد ان لا نعتمد على دوره الذي يمكن ان يُناط به لانه رقم ضعيف في المعادلات التي تحسب لبيان نتالئج ما يمكن ا ن تحصل من الاحداث الكبيرة ان حصلت، وعليه سيصبح العراق تابعا اكثر وسيلعب به الطرفان كل وفق ما يريد منه من اجل ضمان تحقيق اهدافه وليس ما يهم الشعب العراقي وكما يجري منذ نحو عقدين فيه واكثر ايضا. ان كان انفلات الوضع احد الاحتمالات وراى احد الطرفين فيه ما يضره سيضع حاجزا لمنع حدوثه ان وصلت الحال الى تشتته لحد عدم امكان السيطرة عليه كما هو موحد تحت امرتهم، كما هو الحال اليوم للطرفين المسيطرين على العراق.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم