أقلام حرة

الفلاسفة والمفكرون والمثقفون تسببوا بضياع الأمة!

صادق السامرائيالفيلسوف والمفكر والمثقف هم الذين أسهموا في رسم خارطة التداعيات والويلات العاصفة في أركان الأمة، منذ أن بدأت تتفاعل بإرادة حضارية متميزة وحتى اليوم.

فهم الذين جاؤوا بما يدمرها ويفرقها ويفرغها من جوهرها الإنساني، ويمنعها من التفاعل الأصيل مع التحديات والمستجدات.

قد تقولون ما هذا التجني والهراء؟!!

وأقول علينا أن نمتلك الجرأة والشجاعة الكافية لمواجهة أنفسنا والنظر البصير بمفردات تدهورنا، وإنحطاطنا الشامل العاصف في أركان وجودنا كأهوال الأعاصير.

فماذا قدم الفلاسفة والمفكرون والمثقفون لأمتهم عبر العصور التي تواكبت فيها وعليها؟!

ستسطرون مآثر وإنجازات وكتب ومؤلفات، وغيرها من العطاءات، ومعظمهم قد أصابته المحن وأزرى به الدهر ومات ميتة سوداء.

إنهم غاصوا فيما لا ينفع الأمة بل يضرها كثيرا ويفرقها ويدفع بها إلى الشحناء والبغضاء، ولهذا تعددت فرقها وجماعاتها ومذاهبها، وصارت الأصولية شرعتها والتصارع مذهبها، ودينها التنابز بالويلات.

وكل منهم قد ترك موسوعات في التحليل والتفسير الغثيث الذي لا يساهم في البناء والتنوير، وإنما في التضليل والتحريف والتدمير لمعاني الوجود المتكامل الساعي إلى بناء القوة والإقتدار، فكانت الأنانية طاغية والأنا المتضخمة عاتية، والتناحر ديدن التفاعلات، وما قدموا قدوة حسنة، وما فعلوه وتفاعلوا به أورثوه للأجيال من بعدهم.

وجميعهم وبلا إستثناء تمترسوا في النخبوية، وأمعنوا بمفاهيم الخواص والعوام، التي لا تزال سارية وتمارسها العديد من الفرق والجماعات، وتحسب أبناء الأمة قلة تدري وكثرة جهلة لا يحق لها أن تدري، لأنها قطيع عليه أن يُقاد ولا بد للقطيع أن يعيش في أمية وجهل وإظلام.

ولهذا ما وجدنا واحد منهم آمن بضرورة نشر الثقافة بين الناس، وإنما حَسِبَ ما يعرفه حكرا ومؤهلا له لكي يكون قريبا من ذوي الجاه والسلطان، فهم وبلا إستثناء كانوا خدمَ الكراسي، ومتسولين ينتظرون من السلاطين مكرمة وعطاءً، وهذا هو أسلوب حياتهم أجمعين إلا القليل النادر منهم كالفارابي وبعض أمثاله.

وليس فيما تقدم إنتقاص منهم وإنما وصف لأحوالهم وما جرى ويجري في أجيال الأمة المنهوكة بالشدائد والملمات.

وحتى في زمننا المعاصر، وعلى مدى القرن العشرين وإلى اليوم، لا يوجد طرح عملي موضوعي فعال يثوّر الطاقات ويمنح الناس أملا وقدرة على التفاؤل والجد والإجتهاد، وإنما السائد تبرير وإسقاط وتسويغ، ومحاولات تفسير وتأويل لترسيخ ما هو قائم، وكأنه الأمر المحتوم والمصير الذي لا خلاص منه، وعلى الأجيال أن تستلطف ما هي عليه، وترضى بالمقسوم، فهذا قدرها ولا يمكنها أن تغيره.

هذه خلاصة ما تنتهي إليه تحليلات وتفسيرات وتأويلات الفلاسفة والمفكرين والمثقفين، واقرؤا ما يكتبونه في الصحف والمواقع وما يصدرونه من كتب، ليتبين لكم تشابه الإستنتاج والمفردات وآليات الإقتراب، والتفاعل مع المصطلحات، والإعتماد على الرأي المستورد والنظريات المولودة في بيئات أخرى، وما إمتلك أحدهم الجرأة وجاء بفكر أصيل.

وأرجو لمن يريد أن يفند هذا المقال أن ينورنا ويساعدنا على النظر من زاوية أخرى، لكي نستعين على معاناتنا بما يشافيها ويغنينا ويضيئ عقولنا.

فكن جريئا في إعمال عقلك إن كنت تريد التنوير!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم