أقلام حرة

هل نمتلك الشجاعة على عمل الصحيح؟!!

صادق السامرائيسؤال يطرح نفسه على المجتمعات في أي مكان، ويضعها في مواجهة نفسها، ومعرفة سلوكها، فهل هي رهينة المخاوف، أم متحررة منها وتؤمن بإنجاز ما هو صحيح في مكانه وزمانه، والصحيح هو العمل الذي يؤكد المصالح الجمعية المشتركة البقائية المنطلقات، وذات القدرات التواصلية اللازمة لتقدم الأجيال وتقويتها.

فالمجتمعات القوية ذات شجاعة مطلقة وإرادة فائقة للوصول إلى ما تراه صحيحا ومؤكدا لمصالحها الوطنية،والمجتمعات الضعيفة مرهونة بالمخاوف والتردد والإنكماش، وعدم تفعيل الجرأة والإقدام والتوثب والعزم المتوافق مع الطموحات والأحلام.

والشجاعة قوة وجرأة ورباطة جأش، وطاقة معنوية تمكن الإنسان من مقاومة المحن، ومجابهة الخطر أو الألم، وتدفعه إلى العمل بحزم وثبات وإصرار فائق، وأن لا تدع الخوف يمنعك من عمل الصحيح.

وعندما نراقب كيف هبط الإنسان لأول مرة على سطح القمر، تظهر لنا الشجاعة المطلقة والإصرار الوثاب على إنجاز ما لم يُنجز من قبل، ولولا الشجاعة التي تمتع بها فريق العمل لما هبط الإنسان على سطح القمر قبل أكثر من نصف قرن.

وعندما تقرأ وتشاهد إفتراضيا ما أصاب مدينة وارسو من دمار في الحرب العالمية الثانية، وتنظر إليها اليوم تتيقن بأن فيها شعب شجاع يتحدى المحن ويؤمن بأنه يكون ويتجدد ويتجسد، ولهذا أعاد بناءها بأجمل مما كانت عليه قبل تلك الحرب الفتاكة القاسية.

وهناك أمثلة كثيرة عن شجاعة المجتمعات وقدرتها على التصدي للمحن الجسام، كما هو الحال في مجتمعات البوسنة والهرسك التي صمدت، وسجلت ملاحم أسطورية رائعة في مقاومة التطهير العرقي، والمحق الحضاري الأسود الذي عبر عنه المتطرفون الصربيون، فكانت الشجاعة العظيمة التي تحلى بها الناس مفتاح وجودهم وحياتهم الجديدة.

وهكذا فأن المجتمعات لا تكون إلا بالشجاعة والتحدي والإصرار على البقاء والتحقق والنماء والإزدهار، أما التي تستسلم وتقبع وتخنع فأنها لمنقرضة حتما، لأنها تتعارض وقوانين الحياة ودستور صراعها المقيم.

فهل من شجاعة وإقدام وإصرار على صناعة الحياة بحاضرها الزاهر ومستقبلها الباهر؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم