أقلام حرة

على الكعبة أن تطوف حولي !

سامي العامري(وكل امرئ يولى الجميل محببُ

وكل مكانٍ ينبت العز طيبُ)

أيهما أقرب إلى العقل والمنطق وسمو الروح والنجابة وعلو الأخلاق والشرف وإنسانية الإنسان أن تذبح خروفاً كأضحية في مكة ثم تأتي شركات أمريكية وأوروبية متخصصة وبالاتفاق مع آل سعود لتعلِّب لحوم الخرفان هذه وتبيعها هي وأصوافها في أسواق الغرب والشرق فتثرى هذه الشركات وتكسب أرباحاً خيالية، أم الالتفات إلى فقراء بلدك واليتامى والثكالى والمشردين وتوزيع هذه اللحوم عليهم أو منحهم ما يقابلها من مال؟ إننا لا نستخدم عقولنا إطلاقاً ولا نصغي إلى ضمائرنا وهي تحتضر طالما أن الأمر يتعلق بالعبادات والطقوس ( إنّا وجدنا آباءنا عليها عاكفين )

ثم ما الحكمة من الحج إن كانت فيه ثمة حكمة؟

بعض السلف سبق أجيالنا الحالية بأشواط وأشواط في الوجدانيات وفي عمق الوعي الإنساني الكوني ورهافة الضمير ولا أريد أن أتسبب بالصداع لمن يمارسون هذه الشعائر التي كثيراً ما نعتها بعض المتنورين في الماضي والحاضر بأنها شكل من أشكال الوثنية فأستشهد بالكثير من المقولات التي لا يستوعبها من في أذنه وقر ولكني أكتفي بتعبير صوفي لعل القارئ الحصيف يلتقط المعنى المتخفي خلف هذه العبارة وهي للحلاج شهيد الصوفية الذي كان كلما أتى وقت الحج ينظف بيته ويعطَّره ثم يطوف حوله بدل طوافه حول الكعبة إذ قال وهو في حالة من التجلي أو الوجد أو الجذب العرفاني حين استغربوا منه هو الشديد التدين فقد أتى أوان الحج ولم يذهب ليطوف حول الكعبة، فقال: على الكعبة أن تطوف حولي !

ونحن لا نطمع أن يصل رجال الدين عندنا إلى هذا المقام من التوحد مع الكون وكشف الحجب والانخطاف بتعبير المتصوفة، كلا،

ولكن بدل الإنفاق على آل سعود وأنتم صاغرون إنفقوا على فقراء بلدكم بما يسدون به الرمق كي يناموا ولو ليلة واحدة بهناءة ودون كوابيس !

 

سامي العامري

برلين ـ آذار ـ 2019

 

في المثقف اليوم