أقلام حرة

ألنِسبِيَّةُ المَعرفيّةُ اعادة انتاجٍ للسفسطةِ

كثيرٌ من الافكارِ التي نراها جديدةً - اليوم - هي ليست جديدةً؛ بل هي اعادةُ انتاجِ افكارٍ قديمةٍ بأثوابٍ جديدةٍ، فالنَزَعاتُ الماديّةُ قديمة، وموجات الالحاد قديمة، وانكار النبوات قديم، كل مافي الامر انها قُدّمت بصيغٍ وزخارِفَ جديدة تتناسب مع العصر ولغتهِ .

والنسبيةُ التي غدت لغةَ المجالس والمنتديات اليوم، وهي مذهبٌ فلسَفيٌّ يرى: انَّ كلَّ وجهاتِ النظر صحيحةٌ، وان كانت متعارضةً؛ اذ لا توجد حقيقةٌ في الواقعِ ونفسِ الامر، وانما الانسان هو المقياس والمعيارُ للحقيقة . والنسبيّةُ امتدت لكل شيء، فالاخلاقُ نسبيةٌ، والمعرفةُ نسبيّةٌ، والجمال نسبي، وافكارنا نسبية، ولا يوجد شيءٌ مطلق؛ وبالتالي نفقد البوصلة، ونضيع في متاهات الطريق؛ اذ لا معايير ثابتة، ولا مقاييس نميز بها الحق من الباطل، والخطأ من الصواب، والصدق من الكذب.

هل النسبية فكرةٌ جديدةٌ؟

النسبية التي تحدثَ عنها برتراند رسل، وهو يتحدثُ عن الفيلسوفِ الليبرالي، يقول رسل: (ان الفيلسوفَ الليبراليَّ لا يقول: هذا حقٌ، بل يقول: في مثل هذهِ الظروفِ يبدو لي انَّ هذا الرايَ أَصحُ من غيرهِ). نقلا عن: (الفلسفة السياسية من افلاطون الى ماركس، ص 93).

وفي نفسِ الاتجاهِ يتحدثُ سايمون بلاك برن في كتابه:"Being Good" حيث يقول: (اذا نحنُ تخلينا عن ايةِ سلطةٍ فوقَ الطبيعةِ فاننا سنواجه قوانينَ أنشأناها بانفسنا، وعليه يظهرُ التفكيرُ أنَّ القوانينَ أُنشئت بطرقٍ مختلفةٍ في أزمانَ متفاوتةٍ، وفي ايةِ حالةٍ، وليسَ هناك حقيقةٌ واحدةٌ، وانما هناك حقائقُ مختلفةٍ لمجتمعاتٍ متباينةٍ) .

ألنِسبِيَّةُ اعادةُ انتاجٍ للسفسطةِ

هناك اصواتٌ - اليومَ - تدافعُ عن السفسطةِ، وعن مذهب السوفسطائيينَ الذينّ ظهروا في القرن الخامس قبل الميلاد، الذين جعلوا من الانسان معياراً ومقياساً لجميع الاشياء، كما عبر عن ذلك كبيرهم (بروتاغوراس) .

والسفسطائيونَ انقسموا الى ثلاثةِ طوائف:

1- طائفةُ العنادية: وهم الذين انكروا حقائق الاشياء، ونفوا وجود اية حقيقة، وانما مانعيشه هو اوهامٌ وخيالاتٌ .

2- طائفة العِنديّة: وهم وان كانوا لا ينكرون الحقيقة؛ ولكنهم ينكرون ثباتها، وانها متحولة ومتغيرة، وتختلف باختلاف الاشخاص، وانها تابعة لاعتقاداتِ المعتقد؛ ولهذا سُموا بالعنديّة، اي: ان حقيقةَ الشيء هو ما عندَ المعتقدِ .

3- طائفة اللاادريّة: ينكرون العلم بثبوت شيء او عدم ثبوت شيء، فهم في حالة شكٍ دائمٍ ولم يثبُت عندهم شيءٌ .

مذهب النسبيّة اليوم، ليس مذهباً جديداً في المعرفةِ الانسانيةِ، لم يعرفهُ السابقونَ من قبلُ، وانما هو: اعادةُ انتاجِ اتجاه العندية في السفسطة .

 

زعيم الخير الله

في المثقف اليوم