أقلام حرة

لماذا يضايقون عادل عبد المهدي؟

عماد عليربما نكون محقين عندما نقول ان عبد المهدي هو اول رئيس وزراء معتدل وبعيد الى حد كبير عن التحزب والتوجه المناطقي والديني والمذهبي الذي كان يتمتع به رئيسا وزراء السابق والاسبق بعد التغيير في العراق وتسلمهم زمام الامورو هم من عرابي وقيادات الاسلام السياسي وم شهده العراق من التدخلات الشنيعة من دول الجوار وخرق السيادة وسلامة الكيان العراقي دولة وشعبا منذ عقد ونيف دو ان يتمكن هؤلاء من الوقوف الحدي امامهم.

انه رئيس الوزراء الوحيد الذي يعيش ويلمس ما يحتاجه العراق بلدا وشعبا على الرغم من كونه محصور بين مطرقة الضغوطات الخارجية الدولية والاقليمية وسندان مصالح الاحزاب الضيقة الافق والاهداف والتركيب والايديولوجيا والعقيدة، وكيف اصبح العراق لمدة عقد ونيف وهو تحت ظل قيادة تفاجات هي بنفسها بانها اصبحت على قمة هرم السلطة والعرش العراقي الذي اهتز كثيرا ولم يستقر بعد.

بعد فشل الكثيرين من المحسوبين على القيادة العراقية وهم يعلمون بان الصدفة هي التي امكنتهم على نيل المناصب والمواقع التي لم يحلموا بها، انهم دون ان يتذكروا ما انتهى به الدكتاتور العراقي وبعدما تسنموا السلطة لم يعلموا من اين يبدءوا وهم لا يصدقون بما اصبحوا فيه، فانهم سلكوا طرقا لم تتجه نحو الاستقرار للعراق بل عقدوه اكثر من قبل، وبما انهم كانوا ضعفاء وشخصيات تستحق الشفقة من فقر امكانياتهم وخبرتهم وحتى تاريخهم السياسي، فاصبحوا هم في حيرة من امرهم قبل ان يحيروا بادارة البلد لانهم اصبحوا في وحل عدم المعرفة والخبرة لكونهم لم يستدرجوا السلم بشكل طبيعي او لم يكونوا هم قادة ثورة مخططين بل جاءوا على الساحة الحضارة لهم من قبل الاجنبي. هذا المستجد افاد الدول الطامعة وسهل امرهم واصبح فرصة سانحة لهذا وذاك من الدول الشامتة والمتربصة وكانهم لهم حقوق ينتظرون فرصة لنيلها، فان هؤلاء القادة الجدد اصبحوا تحت رهن اشارة المتدخلين بسهولة تامة. ومن جهة اخرى انهم كانوا قيادات مفاجئة لاحزابهم الدينية التي كانت مشتتة والتي لم تختلف تحزبهم والعملية السياسية التي اداروها وتركيبة احزابهم عن الاحزاب الاخرى على الرغم من الادعاءات الفارغة من قبل النزاهة والايثار والتضحية، وحتى يمكننا ان ندعي بانهم الى حدما كانوا حتى شبيهين للبعث وتنظيماته واداءه الحزبي وتحركاته وتوجهاته ومطابقين له في الية تنظيماته وتعامله مع السعب العراقي بكل فئاتهم ومكوناتهم.

اما اليوم وبعد ان جاء عبدالمهدي بعد ابتعاده عن التنظيمات الحزبية وبخلفية مختلفة محسوبة على المستقلين تنظيما، وبعد عمر طويل في العمل الحزبي المختلف الشكل والتركيب وما خاض من النضال، فانه يدرك جيدا الخطا الكبير الذي وقع به من كان قبله وهو يريد ان يتفاداه في سياق توجهاته وسياسته وادارته الحالية بحيث يريد ان يخرج بين كل تلك الاحراش التي تزرع في طريقه ومن التحرشات والمضايقات التي يتلقاه من مَن ضُربت مصالحه من الشخصيات السياسية والاحزاب المتضررة من فقدانهم لمنصب رئيس الوزراء ومن حاول ولم يصل اليه.

خلال هذه المدة القصيرة التي اعتلى فيها عبدالمهدي سدة الحكم، فانه لازال في بداياته ولم يخرج منها وليس ما يدعي ما يمكن ان يصرخ هؤلاء دون ان يحصلوا على اسباب مقنعة لمحاولاتهم ابعاد عبد المهدي، ولم يقدروا على استغلال اية نقطة ضعف في ادارته لهذه المدة فانهم يتجهون الى تعامله مع الكورد محاولين استغلال الميزانية التي تحتوي على البنود التي تمنعهم من تنفيذ ما فعله المالكي والعبادي من قطع رواتب الموظفين وارزاق الشعب الكوردستاني بحجج واهية وكان دافعهم التعصب سرا وحججهم سياسيا في العلن. اليوم وبعد استقرار الوضع والعلاقات بين المركز واقليم كوردستان وبعد كل تلك المخلفات الكبيرة المضرة بحياة الشعب الكوردي الباقية لهذه المرحلة جراء الاخطاء الكبيرة من قادة اقليم كوردسنان من جهة سواء بسبب عدم التنسيق والتعاون بينهم وغرور البعض والفساد المستشري في السلطة الكوردستانية والعراقية على حد سواء او نتيجة طمع القادة الكورد في ملء جيوبهم اكثر من مصلحة ابناءهم ومستقبلهم او نتيجة تعامل سلطة المركز بعيون ضيقة النظر نابعة من دوافع غير عقلانية. وعليه اصبحت العلاقت هشة بداية على حساب الشعوب والمكونات العراقية كافة ومن ثم وصلت الى الصراع السياسي وحتى العسكري في نهاية الامر وهو الآفة التي يعاني منها الشعوب العراقية بكافة مكوناته في تاريخه الحديث، وكلنا على العلم بما جرى وكيف وصلت الحال للبلد منذ انبثاقه لحد الساعة وكيف زرع الاستعمار البريطاني الذي يتدخل اليوم ايضا نبتة الصراعات والخلافات والعيش بقلق وعدم الاستقرار للمصلحة الاستراتيحية لها، وما تفرضه اليوم الشركات المسيطرة على السلطات الراسمالية اليوم تعيد ما فعله الاستعمار من قبل بسياسات اقتصادية احتكارية جديدة اليوم.

بعد كل تلك التعقيدات التاريخية وما جرى فيها والتي توارثها العراق وازدادت تعقيدا على يد الوصوليين بعد سقوط الدكتاتورية، مع كل تلك التراكمات من الافرازات السلبية المتجمعة من تلك الاوضاع المزرية التي طالت في ظل عدم الامان، فان السلطة العراقية لم تشهد قائدا متميزا يمكنه ان يخرج العراق نهائيا مما ابتلى به على يد من اسسه ومن قم بناه بشكل عشوائي بما واحتوى من المكونات التي لا يمكن ان نعتقد بانها تنسجم وتكوّن شعبا موحدا منسجما مطمئنا ومؤمنا ببلدهم ومحبا له. انه تجمعات وتراكيب ومكونات لم تعرف لحد الساعة ماهو الوطن والمواطنة وما هي حقوقهم وواجباتهم، وبه لا يمكن ان نجد افضل مما نراه اليوم بشكل اكبر طالما كانت الارضية هكذا والوضع السياسي الاجتماعي الثقافي ليس باحسن من هذا.

و عليه، فانه لا يمكن ان نستغرب ان يخرج بين فينة واخرى صراخا وعويلا من مَن استبعد عن ما كان يتمتع به من السلطة من ما وفرته له الصدفة على الرغم من انه متاكد بان عبدالمهدي يدير القارب بافضل منه على الاقل. وهذا هو العوق وهذه هي المصيبة التي اصابت العراق بعد السقوط، فانه يعاني من نقص القادة الوطنيين المخلصين النزيهين والمتفهمين لما فيه البلد من المشاكل والقضايا التي تحتاج الى تعامل خاص وعملية سياسية قيصرية ، ويكون افكارهذا القائد نابعة من تحليل الاوضاع فيما مر به العراق وما يحتاجه من تشخيص امراضه وردم سعة فجوات بين المكونات والمجتمع العراقي بشكل عام، وان ما يحتاجه من الحل النهائي القاطع، لان المشاكل والقضايا الكبيرة التي تعقدت لا يمكن ان تُحل بمسكّن مرحلي مؤقت، لو اراد القائد ان يجد حلا نهائيا قاطعا للمشاكل العويصة وما موجود بين المكونات التي لا يمكن ان تُحل بعاطفة او بعمل وسلطة تسير بدوافع عقيدية حزبية دينية مذهبية التي لا يمكن ان تجد المنفذ والمخرج لكل تلك التراكمات ولا يمكن ان تُحل على من يدعي الاخلاص نظريا بينما طوال حكمه اثبت العكس نتيجة ضيق افق تفكيره وعدم امتلاكه للخبرة ولم يتعلم من التاريخ ولم ينظر الى المكونات بعيون ناظرة وناضرة بل اختلط عليه الحابل بالنابل نتجية ما سلكه في السطلة وهو يحكم وكانه قائد حزبي عقيدي عسكري وليس هو من يحكم الشعب الذي يحتوي على المنتمين للاحزاب الكثيرة والمستقلين واصحاب الافكار والعلماء والمثقفين وشرائح مختلفة، انه لم يتعامل مع القضايا الدولية وفق ما تستوجبه التعاملات الدبلوماسية والخطوات اللازمة لحفظ حقوق الشعب بعيدا عن استغلال العراق من قبل الاعداء نتيجة ضعفه بعد السقوط.

اذا، فان عبد المهدي وهو يسير بين كل تلك المضايقات وما ورثه ممن سبقه من المشاكل والتعقيدات، لازال يسير بخطاه، ولكن الاعاقات التي يمكن ان توضع امامه وعقبات شخصية وحزبية وسياسية ربما يمكن ان يعثره قليلا لاننا نعلم بان الشعب العراقي بهذا المستوى الثقافي قد يخدع بادعاءات القادة المصلحيين ونتيجة المصالح التي تجبرهم ايضا على الولاء، فاليوم سمعنا عويلا واصواتا شاذا يطلق هنا وهناك وبدلا من التشحيع والدعم وتوضيح الامور واضاءة الطرق المظلمة امام عبد المهدي، فانهم قبل اي شي يريدون تحقيق ما يطمعون وهو منصب رئيس الوزراء فقط كي يفيدو شلة ومجموعة وحزب وعصابة هنا وهناك. اذا المضايقة تاتي فقط من اجل مصالح خاصة دون ان يقدروا ما فيه العراق والظروف الحالية ودون ان يقيّموا الحكم ودون ان يقارنوه بما كانوا هم عليه وكيف كانت سلطتهم وكانوا سببا لهذا التخلف، ولولا تداول السلطة لكان العراق الان في ضفاف الهاوية.

يجب ان يتعاون الجميع مع عبد المهدي وان لا يسمع الشعب من جرّبوه ولم ينجح، وتعايشوا معه ولم يقدم شيئا ومن فيهم من تلطخ ايديه بدماء مكونات الشعب العراقي واليوم ينهق ويصيح محاولا عودته دون فائدة. وعلى الكورد قبل غيرهم ان يقدرّوا وضع عبد المهدي والمضايقات التي يتعرض لها من قبل هؤلاء المتعصبين المذهبيين الذين لم يفكروا يوما بما يجب ان يعيشو يكون الشعب العراقي عليه بكافة مكوناته وماهي المصلحة العامة وكيف يمكن ان تُدار الدولة المعقدة التركيب والمحتوي على المكونات المختلفة مع البعض بعد طول تاريخهم البائس.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم