أقلام حرة

حراثة الأرض في الوطن خير من عد النقود في الخارج!

زيد الحليتستوقفني مرات عديدة، بعض صفحات التواصل الاجتماعي، بسبب رقيها، وتناول موضوعاتها بصدقية، وافق متنام، يهدف الى توسيع الادراك للمجتمع بكل اطيافه، ومن هذه الصفحات استوقفتني صفحة بعنوان (سلطان مبين) يديرها د. حسين عبيد النعيس، حيث اثار فيها مؤخرا موضوعا مهما، ضمن تساؤل عميق في معناه ..قائلاً (لماذا تأخير مستحقات الفلاح يا حكومة؟!.. أنسيتم قدرة الله)

وقد أثارني هذا التساؤل، فالذي يشير اليه الاعلام دوما، ان الحكومة سددت كل مستحقات الفلاحين، غير ان سطور د. حسين النعيس، تؤكد عكس ذلك، فكتبت له حول ذلك، وكانت اجابته نصا (أخي من المعلوم ان موسم الفلاح يبدأ من شهر 12 ويسلم محصوله في حزيران، فإذا كان الى الان لم يستلم الفلاح، مستحقاته فكيف يبدا موسمه الجديد وشهر كانون (12) على الابواب ؟ ان الفلاح يشتري السماد والبذار والمبيدات بالآجل من التجار والى الان التاجر ينتظر الفلاح، والفلاح ينتظر الدولة، والدولة تعطي بالقطارة . والى الله المشتكى، علما ان الفلاح ارسل ولده الى الجيش او الداخلية او الحشد لعله يكسب لقمة العيش فقدموا الشهداء تلو الشهداء، كما ان الفلاح باع نصف او أكثر أو اقل من "حيواناته " لعله يسد النفقات ولا أحد يدري به سوى علام الغيوب .. نعرف أن الفلاح لا يملك اللسان الذلق، ولا القلم الرشيق، ولا الفضائية الفضفاضة، وليس من مدافع له الا الله . وحسبنا الله ونعم الوكيل . تحياتي)

وتنتهي السطور الموجعة، لكن آثارها تبقى عالقة في الوجدان .. فالفلاحون عماد الارض هم الآن، في ظرف عصيب، متمنيا ان تسعى الدولة الى النهوض بواجبها تجاه هذه الشريحة المهمة .

قال افلاطون ان القانون سيد الدولة، وقال ارسطو : القانون يجب ان يحكم، والموجودين يجب ان يخدموا القانون، فيما يقول الفقيه الانكليزي دايسي : لا احد فوق القانون ولا احد يعاقب الا القانون وان المحكمة لا تستطيع ان تعاقب بأمرها. والكل يخضع للقانون، وقد فصّل ذلك في نظريته الشهيرة "علوية القانون" التي تستبعد الآراء الاعتباطية العشوائية المخالفة اصلا للقانون.. ففي أي خانة نضع حالة الوضع الصعب الذي يعيشه الفلاحون، القانون والعرف معهم، لكن الدولة تغفل عن ذلك !

خريفنا الزراعي الذي نمر به منذ سنوات، هو ربيع عدونا... فالخطر لا يهددنا من الخارج فحسب، ولكنه من داخلنا، لأن عدونا الخارجي نعلمه ولكننا لا نعلم من هو عدونا من ابناء وطننا، والمثال واضح هنا .. لم هذا الخناق الذي يطال الفلاح العراقي، فمتى يدرك المسؤولون ان حراثة الأرض في الوطن خير من عد النقود في الخارج .. والحليم تكفيه الاشارة!

 

زيد الحلّي

 

في المثقف اليوم