أقلام حرة

يكرهون أنفسهم ليحبوا الحسين

 لذكرى عاشوراء في البلدان المسلمة.

هذا الرابط:  http://www.elaana.com/vb/t310621

 

يبين صورا مفزعة لشباب وصغار أدموا أنفسهم (يفترض في كربلاء) بضرب السيوف، وهناك صورا اخرى للبحرينيين وهم يغطون انفسهم بالغائط بحسب الموقع الذي يصّر على أنه ليس طينا، وأخرى للبنانية طبرت رأس طفلها وأدمته وهو يبكي حتى باتت صورها فرجة لكل العالم وتناقلتها وسائل الاعلام. ما أستغربه أنهم يستمتعون بتصويرهم ونشر صورهم حتى وإن وُصفوا بأقبح الاوصاف وُشبّهوا بنصارى بعض الدول المتخلفة الذين يدمون أنفسهم مثلما حصل للمسيح بحسب معتقدهم .

 

لا يمكن لأي عاقل إن يحكم على المشهد بمنطق واستيعاب وتقبل مهما فاضت حكمته وزادت عن معدل البشر اجمعين . صور تملؤها المواقع تحت تعليقات تؤكد حكم كاتبها المسبق وغيظه من الشيعة معطيا لنفسه الحق بأن يكون الحكم العادل بأتهامهم بالخروج عن الدين وتشويهه وبعبادة قبور الائمة وإدماء اجسادهم حبا بالحسين، متناسيا وجود متطرفين من السنة يكّفرون ويقتلون  باسم الدين كل من عدّوه خارجا عن الدين والسنة،  وكأن الناس خراف وليسوا بشرا، أما هم وكلاء الله في الارض يقررون  الثواب والعقاب بدلا منه .

المتطرفون من الشيعة والسنة يتبارون الان في ساحة الحرمان والفقر واليأس التي يملؤها قطاع واسع من العراقيين، ويتسابقون ليس حبا بالحسين وآال البيت أو حبا بمحمد وصحابته، بل حبا بالصراع السياسي الاصل والمنشأ بين رجال الدين ومؤيديهم والمنتفعين منهم من رجال السلطة من كلا الطرفين . هذا الصراع الذي بدء لأسباب وظروف سياسية بعيدة عن العقيدة أدت الى تقسيم المسلمين الى سنة وشيعة يدخل اليوم في إحدى مراحله الخطيرة بأرادة الطرفين لغرض فرض السيطرة والنفوذ والحكم في بلد كالعراق حيث ما يفرقه اكبر مما يجمعه بسبب تعقيد تأريخه وواقع حاضره ومجهولية مستقبله .

وخير دليل على أن الصراع سياسي ما قاله مؤخرا الشيخ محمد بن عبد الرحمن العريفي خطيب جامع البوادري في الرياض حيث وصف المرجع السيستاني بـ (الزنديق الفاجر) لأن الحوثيين يريدونه حكما بينهم وبين الحكومة اليمنية عند التفاوض ..... فلم الان بالذات  إتهموا الرجل وشنّعوا به على مسمع ومرأى من الحكومة السعودية ؟

 

أما الكيانات السياسية والاحزاب المرشحة استغلت فترة (اللطم) في عاشوراء لغرض نشر دعاياتهم الانتخابية، أي أنهم لطموا ليس حبا بالحسين بل طمعا بالهريسة . أليس هذا مؤشرا واضحا على استغلالهم للدين لأغراض سياسية ؟  فلم يفتوننا بأن المرجعيات لا تحبذ ادخال الرموز الدينية في الانتخابات؟

هناك ازدواج واضح في تدخل المرجعيات في شؤون العباد، الاجدر بهم أن ينهوا الناس عن أدماء انفسهم بهذا الشكل المنفر، فالإسلام لا يرتضي للعبد أذيته وألمه واسترخاص نفسه لأجل اي من البشر سوى الرب، وهنا استحضر جزءا من خطبة الوائلي وهو يعارض التطبير في عاشوراء بشدة  في هذا الرابط

    http://www.youtube.com/watch?v=D3iV6JoY31s

 

في حين أن غيره من رجال الدين المحدثين يشجعون على التطبير وادماء الاجساد ظنا منهم أن تجمّع الشيعة بهذا المنظر والعدد سيرسل رسالة الى الاخرين بأنهم موجودون ولديهم اتباع كثر مازالوا يأتمرون لتعاليمهم ومعتقداتهم، اذن هي رسالة سياسية ليس لها علاقة بحب الحسين ولا بأكل الهريسة.

لم الرهان على تلك الامور بدلا من اظهار وجه متعقل ورصين ؟ لم لايكتفي الشيعة بالذكر وتلاوة قصص آل البيت واظهار مناقبهم الكثيرة وتوزيع الطعام على المحتاجين في ذكرى استشهاد الامام الحسين  عوضا عن جرّ الشباب والصغار الى الشوارع الباردة لتقطيع انفسهم وتقبيحها وادمائها إمعانا  بكره انفسهم لإظهار حبهم للحسين ؟

لا يحتاج الحسين منكم للطم والتطبير فهو استشهد ليكون قدوة لكم، ليرشدكم الى التضحية من اجل المبدأ واحقاق الحق ذلك الذي اضعناه في زمننا ........... فأين أنتم منه ؟

 

لو كان هؤلاء الشباب يعيشون حياة كريمة مستقرة لما نزلوا الى الشوارع بهذا الحال المخيف، فهل يعقل أن يركن اي من هؤلاء الشباب سيارته الجديدة ويخلع ملابسه الراقية كي يدمي نفسه؟ بالتاكيد لا لأنه يخاف أن تؤلمه جروحه وتلتهب ويصاب بالامراض لان حياته لها ثمن، فكلما زادت نفقة المرء على نفسه زاد ثمن حياته وأعتز بها أكثر .

أو هل يعقل أن يترك الاخر صحبة اصدقائه ويتخلف عن مشاهدة احدث الافلام في السينما الفارهة او يترك صحبتهم الى النادي لحضور حفل عيد ميلاد صديق؟ بل سيلتحق بهم بلهفة قد تنسيه حتى التزاماته العائلية .

أن الفقراء والمحرومين والذين لا حول لهم ولا قوة ولا ثمن لحياتهم هم من يراهن عليهم رجال الدين الادعياء ويعملون على غسل ادمغة الشباب والاطفال، متجاهلين دورهم الاهم في توعية الناس بالظلم الذي حاق بهم في ظل الاحتلال الاميركي والحكومة الفاسدة والتدخل الايراني السافر .

 

الناس لا يبكون الحسين بل يبكون على حالهم، ولا يلطمون على خسارة  سيد الشهداء بل يلطمون على كرامتهم المهدورة وحقهم الضائع ...... على حالهم الذي لن يرتقي بهم يوما ويوصلهم الى ثورة مثل ثورة الحسين .

إن الحسين أن خرج علينا اليوم هو من سيبكي على ما آل اليه العراقيين وعلى البلد الضائع ومصيره المجهول .

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1279 الاربعاء 06/01/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم