أقلام حرة

ما يُحسب على احزاب الاسلام السياسي في كوردستان

عماد عليلو لم نبالغ في تقديرنا للاسباب الموجبة في امر ايجابية او سلبية وجود الاحزاب الكوردستانية وفي مقدمتها الاسلامية منها، فلابد ان نشير الى الظروف السياسية التي اوجدت هذه الاحزاب وانتشارها وتمددها او توسع نطاق عملها على حساب مستقبل هذه الامة ومصلحته المستقبلية ايت يمكن العمل عليها قبل اي شيء اخر.  قد يسال البعض مع ذاته حول وجوب الاحزاب او النطيمات قبل اي شيء، لماذا الاحزاب الاسلامية السياسية موجودة اصلا في كوردستان بينما  الارضية التي مُهدت وبُنيت لتاسيسها مبني على المستوردات الفكرية والفلسفية غير المرعية لاسس الحياة العامة للمجتمع الكوردستاني وتاريخه. او لماذا تاخر تاسيس الاحزاب الاسلامية  الكوردستانية مقارنة بالقومية واليسارية العلمانية وما هي اسباب عدم ترافق نشوء الاسلام السياسي مع ما برز في العالم العربي من مثل هذه الاحزاب التي تعتبر رحما لولادتهم وتاسيسهم في كوردستان، او يمكن ان يكون المؤسس لهذه الاحزاب خفيا غير كوردستاني، ويمكن ان ان يوكل الى كوردي شبيه فكريا وعقليا وهو يؤتمر بامر المؤسس الحقيقي لحزبه.

لا ندخل في الجانب الفلسفي والاختلافات البائنة بين هذه الاحزاب في تفسير كل ما يمت صلة بهذا الامر اي فلسفة عملهم منهجهم  من جهة وما يلائم الواقع الكوردستاني والموروثات الاصيلة الاتية من التاريخ الغابر لشعبه منة جهة اخرى. وانما نريد ان نتحدث عن الحاضر  والموجود من هذه الاحزاب التي تمارس عملها دون اي فرق مع الاخر غير الاسلامي وبتركيبة الى حدما مختلفة او يمكن القول بانها شاذة على الاصالة الكوردية في شكلها وجوهرها.

انتابني شعور وامر بانني ربما ادخل في امر لا يعنيني كفرد يحترم حرية الاخر فيما يفعله ومن هذا المنطلق يمكن ان يكون الكوردي حرا في انتماءه الى هذه الاحزاب وفق ما تغير مجتمعه منذ الغزوات والاحتلال وما جرى فيه من التغييرات الثقافية والاجتماعية وحتى الفكرية نتيجة الضغوطات العسكرية والاقتصادية التي كانت سببها ما نتج من تلك الغزوات الاسلامية العنيفة المسلك والمسيرة والذي لم تشهد كوردستان مثيلا له من قبل الا ما مر بقرب منها ابان غزو هولاكو لها او قريبا منها على الرغم من وجود اراء متناقضة حول ما ذا كان قد مرت تلكة الغزوات الشرقية بكوردستان غازيا هالكا لشعبها ام ممرا لمسيرته نحو المناطق الاخرى.

عندما لم يولد شيء ما في رحمه الحقيقي الصحيح فانه اما يولد مشوها او يكون عمره قصيرا ويواجه عوائق تبرز امامه جراء الموجود غير الملائم لتلك الولادة. فان اول حزب اسلامي كوردستاني كان الحركة الاسلامية في كوردستان العراق في وقت كانت الحركة الثورية التحررية الكوردستانية قد مضت عليها عقودا طويلة دون ان تشهد ظهور مثل هذه الاحزاب الاسلامية العقيدية بشكل جلي. لقد ولدت هذه الحركة بعد توسع شان الحركات الاسلامية في المنطقة والعالم الاسلامي والعربي بشكل خاص سواء نتيجة الصراعات الكبيرة بين الشرق والغرب وتاسيس احزاب كبيرة شتى من اجل اتخاذها كوسيلة لمحاربة الاخر غير الاسلامي وكانت الكثير منها لمصلحة عالم غير اسلامي ايضا دون ان يعلموا، او كانت المصلحة الضيقة لمجموعة او شخص او من التزم بفكر معين واستغل من قبل المخابرات العالمية لهدف مخابراتي دون ان يعلم او بعلمه ايضا من جهة، او كنتيجة انتهاء فترة الاستعمار وابقاء المنطقة على فراغ فكري فلسفي من جهة اخرى. هذا قبل اكثر من اربعة عقود في هذه المنطقة التي تواجد فيها الكورد، اما ما برز مابعد الانتفاضة الاذارية في كوردستان من الاحزاب لمابعد الحركة الاسلامية هو شان مختلف سواء ما انشق من حزب الام او من تاسس خارج نطاق الساحة الكوردستانية واستورد على طبق في ظرف ملائم سياسيا كان ام اقتصاديا وتوسع ونمى على حساب الشعب والاحزاب العلمانية الكوردستانية الاخرى.

ان اقل ما يمكن ان يُقال عن هؤلاء انهم شوهوا الاصالة الكوردية باستغلالهم لضعفه وظروفه السياسية الاقتصادية الحياتية الصعبة اما مخدوعين من الاخر او نتيجة ايمانهم بشكل خاطيء بما لا يمكن ان يُعتبر انه يدخل في صحة امر العقيدة والفكر والسياسة والحرية التي تتطلب عدم منع اي كان في تنظيمه واتباع ما يؤمن ويفكر ويعتقد. الا ان الكورد وبعد التشويه المقصود في بنيته الاصيلة تاريخيا، كان لابد من التمعن الاكبر قبل قبول ما يمكن ان يمد من تلك التشويهات المستمرة باسم الحرية والديموقراطية في عصر لاول مرة يشهدون فيه حرية العمل السياسي بنفسهم  وعلى ارضهم شبه المستقل سياسيا واقتصاديا. وما شاهدناه عمّق الامور المشوهة اكثر من علاجها بشكل سليم واعادة الامور المصيرية الى نصابها الصحيح .

لو انني لم اتعمق فيما مر بشكل ما اكتشف امامي نتيجة التعمق والتمعن فيما تغير من التاريخ بسبب من يعتمد عليه هؤلاء الاحزاب السياسية الاسلامية فكرا وعقيدة وفلسفة وتنظيما ربما لمتُ نفسي على هذا الكلام المسبق قوله، الا انني اعتقد انني لم افي حق ما يمكن ان يُقال عن هذا الشان وبالاخص في ظرف مقلق جدا لكوردستان لكون ما يجري ذو اتجاهات متعددة وللاسلاميين توجهات مغايرة اساسا للناس بشكل عام ويعتبرون  ويخضعون للامر العربي التركي الفارسي الاسلامي الخارجي كثيرا جدا.

فان كان العرب لهم الحق في امر البقاء على دينهم لدواعي ما تخص بقائهم عرقيا وابقائهم بعيدا عن الانقراض الذي انتظرهم لولا الكتاب والخداع والتوشيهات التي بدات جراء الغزوات وانتعاش اهل البداوة والصحراء على حساب المدنية والحضارات التي لم يتمتعوا بها في تاريخهم في الصحراء القاحلة. انهم يحافظون على كيانهم بهذا الدين،  كما استغل الاخرون غير العرب عدا الكورد الدين ذاته بشتى الطرق للحفاظ على نفسهم ومنها احلال البديل المناسب لهم عن الدين باسم المذهب وطرق اخرى كما هو حال ايران وتركيا وتمسكهما السياسي بالمذهبية باسم العقيدة وهو في اساه فكري قومي قح، اما الكورد فانهم خضعوا لامر دون اين يفكروا بعمق او عقليا لما يؤدي بهم ويحدث لهم وهم من اوائل الشعوب التي سكنت ارضهم وموطنهم، وكلما انتشر ما جُلب الى ارضه من ما هو غريب عنه وعن اصالته واسس بناء كيانه ازداد فرص ضعفهم هم على ارضهم وحتى انقاراضهم لو لم يجدوا الحل الفكري الفلسفي التنظيمي السياسي وو الفكري الفلسفي البديل المناسب كغيرهم، حتى في هذا العصر من العولمة والاحتكاك المباشر بين شعوب العالم وما موجود من التوجه نحو الوحدة الكونية والتواصل.

الاحزاب الاسلامية هي التي تعيق ما يمكن ان يُعمل في اتجاه الحفاظ على الكيان الكوردي التاريخي دون علمهم او نتيجة خداعهم الفكري والفلسفي الغاشم. وفي المقابل فان تاثيرات انعدام الدولة الخاصةبالكورد تقع لصالح هؤلاء الشواذ عن الامة الكوردية وان تكلموا كورديا.

ز عليه، فان ما يُحسب على الاحزاب الاسلامية المنتشرة على ارض كوردستان  من الضرر والتشويه والتحريف اكثر من غيرها من الاحزاب الاخرى على الساحة، وهذا نتيجة الاضرار الكبيرة التي تلحقها في فكر واصالة وتاريخ المجتمع الكوردستاني الى جانب فشل الاحزاب المحسوب على العلمانية ونشرهم للفساد والفوضى وعدم اتقانهم لامر الادارة والفشل الكسيح في السلطة السياسية في اقليم كوردستان وضعف نظرتهم وبصيرتهم للمستقبل من جانب، وخضوعهم لما يضر الامة الكوردية في المدى البعيد من اجل مصلحة مرحلية مؤقتة شخصية كانت ام حزبية  منة جانب اخر. وعليه دون ان يعلم الشعب الكوردستاني فان الاضرار التي تسببها الاحزاب السياسية الاسلامية الكرودستانية اكبر من غيرها، وان عدوا بانهم يعملون لصالح الكورد سواء لخداع الناس او لعدم معرفتهم لخفايا الامور التي فرضت عليهم، الا ان امرهم خطير ومضر اكثر والضرر خفي عن الانظار وما لم يلمسه المواطن البسيط في حياته بل يكون هو مشروع الخداع دون ان يعلم.  وعليه فان ما يُحسب على الاحزاب الاسلامية مما يحدث في كوردستان اكثر من غيرها.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم