أقلام حرة

ما هي الحقيقة؟

صادق السامرائيولماذا الإدعاء بأنها مطلقة؟

ولماذا القول بإمتلاك الحقيقة المطلقة؟

وهل توجد حقيقة مطلقة؟

الحقيقة: الشيئ الثابت يقينا، أي الشيئ الذي نتيقن من وجوده بالحواس والمدارك التي نمتلكها، وجميعها ذات حدود وقدرات محكومة بآليات لا يمكنها تجاوزها، فالبشر لا يسمع جميع الأصوات ولا يرى جميع الأشياء، فهو مرهون بالعيش في صندوق مغلق دوار لا يمكنه الخروج منه والنظر إلى خارجه، لأنه سيموت.

يقينا: بالتأكيد، بلا شك

علم يقين : ثابت ليس فيه شك

على يقين من الأمر: عالم به حق العلم

عين اليقين: أعلى درجات العلم

الحقيقة المطلقة: شيئ ينظر له على أنه أساس جوهري للتفكير والكينونة، وهي من المعطيات الغيبية التي لا تدركها العقول المحدودة القدرات، فلا توجد عقول مطلقة أو حواس مطلقة، وإنما جميعها تتناسب طرديا مع ما تعرفه وتخبره، وهي في تغيرات دائبة وفقا لأليات الدوران الفاعلة فيها رغما عنها.

فالحقيقة اليقينية مغلقة، والحقائق أيا كانت لا يمكنها أن تكون مطلقة، وإنما مقيدة ومحكومة بعنصري زمانها ومكانها، ولا يمكن لبشر أن يقول بالإطلاق، إلا إذا وقع في حبائل الأوهام، فالوهم هو المطلق ولا غيره بمطلق، وهذا يعني أن صاحبه مجنون، لأن الوهم من علامات الجنون الواضحة، وبموجبه يقدم المصاب به على ترجمته وفقا لما أصابه منه من إستحواذ وإمتلاك.

وعندما نأتي للأديان بأنواعها ومسمياتها ومعتقداتها، فأنها تتوهم بالحقيقة المطلقة وتحسب أنها تدركها وغيرها لا يدركها، ثم ما قيمة هذا التصور أو الإعتقاد، لتمتلك ما تمتلك ولترى ما ترى، فلماذا تفرض رؤاك على غيرك؟

فأنت ترى بعقلك وهو يرى بعقله، ورؤى العقول لا تتطابق، حتى وإن كانت القلوب تؤمن بذات المعتقد أو الدين.

ويبدو أن مشكلة البشرية وهمية ونابعة من الغيبية التي تجهلها لكنها تتصورها، وتتوهم بدرايتها وفقا لما جاء بالأديان والمعتقدات التي تعتنقها.

والمشكلة أنها وضعت أسسا وضوابط وآليات كأنها متيقنة مما ستذهب إليه بعد موتها، وتؤمن به بقوة ومن يعارضها يعد كافرا ويجب التخلص منه.

ولهذا فأن لكل دين ومعتقد حقيقته المطلقة أو وهمه الراسخ الذي يتحكم فيه، وفي ذلك تكمن معضلة البشرية التي تأخذها إلى جحيمات سقرية حامية!!

فهل من إعتراف بأميتنا الغيبية، وأن الغيب لا يعلمه إلا خالق الأكوان؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم