أقلام حرة

الموجود هو لا احد مسؤول حقيقي في اقليم كوردستان

عماد عليما نلمسه في اي كيان سياسي في العالم وجود مسؤولين وصلاحيات وواحبات وحقوق سواء كانت موزعة على المناصب الموجودة باسماء وتعاريف واختصاصات، او ما ينظمه الدستور والقوانين المستندة عليه. وكل موقع له رئيسه ومرؤسه ومن هو متابع ومسؤول عن المسؤول الى ان يصل الى اعلى الهرم سواء كانت فردية او جماعية، ويكون المرجع حسب النظام الجاري واكثره البرلماني، وهو المشرع والمراقب. اي النظام التقدمي الذي افضت عنه التطورات المتلاحقة تاريخيا هو نتاج العقل الجماعي في ادارة وحكم البلاد من خلال ممثلي الشعب، ولكل بلد خصوصياته وتاريخه الذي فرض سمات وصفات متميزة تفرقه عن الاخر سياسيا واقتصاديا، الا انه من المعلوم ان النظام الراسمالي هو الطاغي حاليا وباليات واشكال مختلفة وفق النظام السياسي المناسب  للبلدان وما يعانية الموطان هو ما موجود من الخلل في كينونة النظام الراسمالي ومحتوياته والياته واهدافه وليس في آلية مسيرته.

 الاكثر اهمية هو ارتباط السياسات بالاقتصاد وتاثر اي نظام بما يحصل لكل منهما وتاثر كل منهما على البعض، هذا في الدول ذات السيادة الحرة المتزنة صاحبة دستور وقانون ونظام ولا ضغوطات حزبية فردية مزاجية عليها. ويتاثر الاقتصاد بشكل مباشر بكل تقدم او خلل سياسي يحصل او العكس، وعليه فان سياسة الدول واستنادهم على الاتزان في التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية الداخلية والخارجية التي تكون وفق عدم المساس باقتصادهم ومصالح شعبهم هو الامر النابع من التخوف من تاثر الفرد في كل صغيرة وكبيرة في الوضع الاقتصادي السائد، وتكون هناك ردودةافعال من قبل الشعب صاحب الكلمة الذي يمتلك ثقافة عامة يعتمد عليها في تحديد المصلحة والنفع والضرر له ولبلده. ويتوقف النمو ودخل الفرد على مدى تطور العمل السياسي والاقتصادي المرتبط مع البعض والعقلية التي تديره.

ولا يمكن ان يخرج اي مسؤول او صاحب سلطة من دائرة صلاحياته لان، اضافة الى القانون الذي يحدد تحركه فهناك ثقافة الادارة وما تفرضه القوانين التي تمنع الخروج من الصلاحيات وبادق تفاصيلها.

هذا في الدول المتقدمة، اما في دول المتوسطة الحال والموقع او ما يمكن ان نسميها النامية، فان هناك تدخلات وخلل في مسار النظام السياسي والاقتصادي وفق ماهو عليه من مستوى الشعب من كل جوانب الثقافة العامة كانت ام وعيه نحو حقوقه وواجباته والذي ينبثق او يخرج منه المسؤول المنتمي او المقرب من المتنفذ من كان او اينما كان، اي هناك دول تريد ان تقدم لشعبها ويكون لها موقع وتصرّ على التنمية وزيادة دخل الفرد الا ان نظامها والمستلزمات الانسانية والالية المناسبة لذلك غير موجودة بشكل اما مطلقا او نسبيا وفق مستوى تطور الدولة، واخرى لا تهتم اصلا بمصالح شعبها والاهم هو المسؤول اللامسؤول، وعليه نرى اخفاقا كبيرا في بعضها وتقدم الاخرى سواء صدفة كان او ما فرضته الطروف والمرحلة في ظل وجود الامكانيات المتوفرة وبالاخص في الدول النفطية.

هذه في تلك الدول المتنوعة الشكل واللون، اما في كوردستان كاقليم  وما هو له وعليه وماهو موجود فيه من حصره سياسيا واقصتاديا سواء من قبل المركز العراقي او ضرورات تعامله مع ما يحصل من تدخلات المحتلين والمصلحيين في المنطقة والعالم والجشعين من الفاسدين سواء من المتنفذين او من قبل افراد الشعب الموالين الذي برهن على عدم معرفته بالحياة المدنية وادارة الدولة، واستوضح ذلك من خلال مراقبة الامر وما يجري امام اعينه دون ان يتدخل او ينبس ببنت شفة الا ان كان مندفعا ومتهيجا من قبل الاحزاب بشكل غير مباشر من اجل مصلحة حزبية فقط، وهذه لاسباب كثيرة ليس هنا مكان تفسيرها.

الموجود في كوردستان هو سلطة ناقصة الصلاحيات والكيان لكونها تابعة قانونيا وفق الدستور لمركز لم يرض به شعب كوردستان في قراراة نفسه، وعليه فكيف بالسلطة المتنفذة  التي لديها صلاحيات تضمن مصالحها الخاصة ان تلتزم بما تفرض عليه من قبل المركز وهي غير مؤمنة به كما هو حال الشعب وما يفرض عليه قسرا من انتماءه الى تلك الدولة من جهة، وما تفرضه عليها مصالحها التي تتاثر لكونها تابعة ولا يمكن ان تكون حرة تماما كما تريد من جهة  ثانية.

فالموجود اذن قوى ودوائر واحزاب لها مواقف مختلفة وتتصارع فيما بينها من اجل الكعكة دون التفكير فيما يحصل وما يلحق بمستقبل هذه الامة. انهم يتعاملون مع الموجود مرحليا دون تخطيط او تفكير او منهج وفلسفة، والسلطة تحت رحمة مزاج مجموعة وفوقهم المسؤول في الموقع المعين فيه من قبل الاحزاب والتكتلات دون اي رادع له ان فسد او عمل وفق مزاجه وما يؤمن ونظرته للامور. وعليه نرى السلطة تتصرف وكانها معارضة وتتعامل المعارضة مع الموجود وكانها السلطة، ولم تجد المعارضة في مكانها ولا السلطة تؤدي ما عليها كما هو المطلوب والمفروض قانونا . فانعدام الدستور والمواد وتفاصيل الصلاحيات لكل موقع ومنصب في ظل عدم وضوح النظام وما يستند عليه من اي فكر اوفلسفة كانت وما يتبعه من منهج، فلابد ان تكون الحال كما هي عليه، اي الفساد وسيطرة المتنفذين وازدياد الفقر في ظل الثروات الهائلة المستغلة وما تسرق منها وفق الفوضى الحالية، اضافة الى مزاجية المسؤول ومصلحته فوق الجميع. نعم هذا هو الموجود واكثر اضافة الى ما لا يمكن ذكره للضرورة وحساسية المرحلة وما فيه كوردستان، وكما هو المفروض ويمكن ان نحس نحن المنتقدين اكثر من السلطة والمعارضة، علاوة على انعزال النخبة وانعكافهم عن المسؤولية والواجيات عليهم في هذه المرحلة التي تتطلب جهود الجميع. فهذا هو الموجود والمسؤول الحقيقي هو الالامسؤول او غير مسؤول والمنصب مستغل ومعتلى عليه من اجل جاه اجتماعي ومن قبل وجوه اجتماعية تدر على الاحزاب اصوات ومنافع ومصالح حزبية شخصية ضيقة فقط، ويذهب مستقبل الاجيال ادراج رياح هذا الوضع الموجود حاليا، رغم اتاحة  الفرصة خلال العقدين الماضيين في بناء الاسس الرصينة لتحقيق الاهداف التي راحت ضحيتها الدماء  التي لا يمكن نسيانها ابدا. وبه نصل الى ان الموجود هو اللاموجود من المطلوب واللامسؤول الحقيقي حل محل المسؤول المؤمن بقضيته والخالي من النخبة الخبيرة صاحب الدراية والحكمة التي  تفترض المرحلة ان تكون من المتمكنين قولا وفعلا وله القدرة وهو مخلص لقضيته قلبا وقالبا قبل اي شيء اخر، وللاسف واقولها بكل حصرة، اننا نفتقد هؤلاء  المناسبين في المكان المناسب والا ان العنصر المختفي المنعزل والمهمش موجود وبعدد كبير لدى هذا الشعب الوفي المضحي المظلم. وقد اجرفوا بشكل خطر او ازيل دورهم من قبل المتملقين واصحاب المصالح المتعددة والاحزاب ومتطلباته العكسية لما يتطلبها الشعب، وعليه اختفى الشخص المناسب الذي يمكن ان يملي المكان المناسب، نتيجة هذه الظروف المسيطرة والصراعات المتعددة الموجودة في كوردستان، ولا نتكلم عن التدخلات الخارجية لان من له المصلحة في التدخل لا يمكن ان يتوقف عن التدخل لسواد عيون الكورد . 

 

 عماد علي    

 

في المثقف اليوم