أقلام حرة

أيهما أصلح للأمة الكفاح العقلي أمْ المسلح؟!!

صادق السامرائيمنذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم والأمة بجميع أطيافها وفصائلها غارقة في الكفاح المسلح، الذي أوردها الخسائر والإنتكاسات والإنكسارات والإندحارات، حتى وصلت إلى حالة مروعة خلاصتها أنها لا تستطيع الحفاظ على سلامة أوطانها، وهي لا تزال منشغلة بالكفاح المسلح، وبشراء الأسلحة التي تقاتل بها أبناءها، وتدمر ديارها.

ومضت الأجيال مضللة بأن الوطنية بندقية، والشرف أن تموت في سبيل ما يراه المتسلطون على مصير الناس، فالحروب تلد حروبا، والصراعات تنجب صراعات، والويلات في مسيرة الإنشطارات الأميبية المتواكبة، ولا من أحدٍ يستفيق ويرى بعيون العقل والبصيرة، ويحاول الخروج من دوامة الهلاك والإهلاك المتعاظمة.

ويغيب عن وعي الأمة الكفاح العقلي الذي هي في أمس الحاجة إليه، هذه الأمة التي ما تعلمت مهارات المواجهة الحوارية المحاججاتية العقلية والفكرية، ولهذا ضاعت حقوقها وتميّعت قضاياها، وصار الغاصب صاحب حق، وصاحب الحق مُدانا مجرما، لأنها لا تعرف سبيل العقل، وتحسب البندقية الحل وهي غير قادرة على صناعة سلاحها.

وفي واقعها المعاصر يتعاظم التفاعل المسلح وينتفي الكفاح الفكري، الذي يعتمد الحجة والأدلة والبراهين والتفنيد والإثبات والإقناع، وغير ذلك من مهارات التواصل الإنساني السائدة في الدنيا المتقدمة.

ويبدو أن على الأمة أن تكون في عصرها، وتؤمن بالقوة العقلية وليس البدنية أو البارودية، وتستنهض ما فيها من الطاقات الفكرية والمعرفية، لكي تؤسس لمسيرة ذات قيمة معبرة عن جوهرها، لا أن تنحسر وتنكمش وتتبعثر في تصارعات دامية خالية من الغايات السامية والمصالح المشتركة لأبنائها.

فالمطلوب كفاح عقلي جريئ يزعزع ما يعشعش في ظلمات النفوس من عاهات ودمامل، وتفاعلات سوداء لا تأتي بغير السيئ المشين.

نعم الكفاح العقلي هو الطريق الصالح لنجاة الأمة من ويلاتها وما يعصف بأرجائها من دعوات إنكسار وحطام.

والأمل كبير بإرادة الأجيال الطالعة المتحمسة المنوّرة المؤمنة بقوة العقل، والمؤهلة لخوض غمار الكفاح العقلي الوهاج، الذي سيعيد للأمة قدرات تفاعلها الحضاري الأصيل.

فالعقل سلاحنا الأمضى وطبيب الخطوب!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم