أقلام حرة

فتنةٌ وإفتنان وأمةٌ تُدان!!

صادق السامرائيعلمونا أن "الفتنة أشد من القتل"، ولا زلت أذكر معلمنا في الإبتدائية كيف يقولها ويشرحها ويحذرنا منها، وكذلك مقولة " فرّق تسُدْ"، وقد تعبت أسماعنا منها، مثلما تعبت من كلمة "فلسطين" التي دوخونا بها ونحن لازلنا في المرحلة الإبتداية.

كما أن نشيد بلاد العرب أوطاني وموطني نرددهما كل يوم في الإصطفاف الصباحي.

وأعود متسائلا عن كيف تم بناء جيل بتلك المواصفات الوقائية من الويلات، وكيف تم الإجهاز عليه ومحق دوره وقدرته على بناء الحياة وإلهام الأجيال؟

فترانا مفتونين بالفتنة ونسعى إليها بعنفوان المآليس، ونجسدها في العائلة والشارع والمحلة والدائرة والحزب والمذهب والدين، بل أن كل بقعة في ديارنا مهما كانت صغيرة وضعيفة منشغلة بالفتنة، وما تستوجبه من السوء والبغضاء والكراهية العمياء.

ووصل بنا الحال إلى أن "فلسطين" الكلمة التي ترددت في مسامعنا أكثر من غيرها مئات المرات، قد صار أهلها في فتن تستولد أخرى، فأصبحت حالتين وفي كل منهما تتوالد الفتن ويقتل الفلسطيني الفلسطيني ويستحضر الأعذار ليصول عليه، وفي دولنا أضحت الفتنة دين، والمذهب دين، والقتل من طقوس التقرب إلى رب العالمين.

ويأتي في مقدمة أسس الفتنة المتاجرة بالدين، مما تسبب بتوظيفه بالقتل المشين لأي مسلم مهما كان مذهبه، لأن تجّار الدين يسوّقون ما يدمر الدين ويقضي على المسلمين ويخرب بلدانهم بإسم الدين.

نعم إن الدين فتنتنا الكبرى ووجيعنا المستديم الذي به كنا وبه سننتهي أجمعين.

قد يقول قائل أن هذا الطرح فيه تحامل على الدين، لكن النظرة الموضوعية والقراءة السلوكية لما يجري في بلاد العرب والمسلمين، تؤكد أن الدين جعلوه الفتنة الكبرى، وأن الجميع بات مفتونا بالفتنة الدينية، وتجرد عن قيمه وأخلاقه ودام تابعا لمن يتاجر بمصيره بإسم الدين.

فانظروا ما يجري في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفسروا ما يتحقق من ويلات ما بين أصحاب القضية، وعاينوا ما يدور في العراق واليمن وليبيا وسوريا وباقي الدول، وسيتبين لكم مآزق السلوك الجماعي المتشظي الممعن بتجسيد إرادة الفتنة وتأكيد القتل بها، وبما تلده من التداعيات والشدائد والتفاعلات العدوانية على الدين وأهله ومواطنه.

فهل من قدرة على اليقظة والخروج من قيود الفتنة، وبناء عزيمة الإفتنان بصناعة الحياة الحرة الكريمة الأبية العزيزة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم