أقلام حرة

أجوبة جاهزة وأمة عاجزة!!

صادق السامرائيالأجوبة الجاهزة حاضرة في الوعي الجمعي للأمة، فحالما تطرح سؤالا يأتيك الجواب المكرر المتعارف عليه عبر الأجيال، وكأن مَن أجاب قبل عقود أو قرون كلامه فصل الختام ولا يجوز بعد جوابه أن يُعاد السؤال.

مما يعني أن العقل معطل وممنوع من العمل والتفاعل المعاصر بحيثياته ومقتضياته المتطورة المتراكمة اللازمة لضناعة الحياة الأفضل والأقدر.

عندي صديق وزميل كلما تحدثنا في موضوع إستحضر ما يبرره من بطون الغابرات، وعندما تنتقد واقع حال ما في المجتمع يجيبك بأن فلان قد فعلها من قبل وأنها حصلت في زمن ما ولا جديد في الأمر، فهي تحصل وستحصل لنفس الأسباب التي أوجدتها من قبل.

وعندما أقول له نحن أبناء اليوم وليس البارحة، يجيبني لا فرق فالأسئلة نفسها والأجوبة لم تتغير.

أحتار معه كثيرا لكنه يعبر عن واقع الأمة وآليات تفكيرها، المتسمة بجهوزية الأجوبة وعدم القدرة على طرح الأسئلة وفقا لمتطلبات العصر والبحث العلمي المدروس عن الجواب المناسب لها.

وحينما تطرح  سؤالا جريئا  تُثار بوجهه الإنفعالات وتأتيك الردود الغاضبة المتحدية، وهي تحمل الأجوبة الجاهزة المكررة الغير مجدية التي تعودنا عليها، أي أن زعزعة العقل ومحاولة تفعيله مهمة تُواجَه بالمقاومة والعناد، لأن إعمال العقل يحتاج إلى جهد وإجتهاد وإرادة وتصميم، وقدرة على التفاعل الحضاري الإنساني الرشيد للوصول إلى إختراق معرفي مفيد.

بينما الركون للأجوبة الجاهزة فيه راحة وطمأنينة وشعور بالأمان، وإنتماء للكثرة المرهونة بما هو جاهز وحاضر وعلى خطاه تسير.

إن الأمم لا تتقدم وتكون بدون طرح الأسئلة ومواجهة ذاتها وإستكشافها بصدق وشجاعة وتصميم على التحقق والتقدم والرقاء، بدلا من السكون والجمود والإعتماد على الغابرات الباليات، التي لا تتوافق مع معطيات المكان والزمان المرهون بالتغيير والتبدل والتجدد، المحكوم بإرادة الدوران الفاعلة في الموجودات كافة.

وعليه فأن من الواجب على الأجيال الصاعدة أن تكون صاحبة عقلية معاصرة متسائلة باحثة، ودارسة ومستكشفة لآليات الإنتقال بالواقع إلى ضفاف العصر، والإنطلاق به في نهر الدنيا الدفاق بالمستجدات والمنطلقات الإبداعية المتوالدة.

فهل لنا أن نسأل ونبحث بصدق عن الجواب؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم