أقلام حرة

سَلامُ الاقوياءِ وسَلامُ المُتَحَضِّرينَ

السلامُ كَلَمَةٌ مُحَبَبَةٌ الى النفوس، وتهفو اليها القلوبُ، وَيَتَطَلَّعُ اليها البائسونَ والمُعَذَّبونَ في الارضِ. والسلامُ الذي نراهُ على ظَهرِ هذا الكوكبِ، هو سلامُ الاقوياء، والقوى العظمى، والمَدخلُ لهذا السلامُ هو القُوَّةُ،وَالطَريقُ اليه هو الحرب، والرُعبُ ؛ حتى اطلقَ الاقوياء على سلامِهم "توازنَ الرُعبِ" . هذا السلامُ لايقومُ على انهاءِ الرُعبِ واستئصالهِ من جذورهِ؛ وانما يقومُ على توازن هذا الرعب. سلامٌ مُنطَلَقُهُ القُوَّةُ والرُعبُ، سلامٌ يقومُ على اخافةِ الخصوم حتى يكونَ هناكَ تَوازُنٌ للردعِ.

هذا هو سلامُ الاقوياء، منطلقُهُ الرعبُ، ومبدؤُهُ القوةُ، واخافةُ الخصمِ . هذا السلام سلامُ الاقوياء، والقوى الكبرى، سلامٌ يُبنى على توازنات الرعب، ومعادلات القوة، سلام القوى العظمى، والامبراطوريات التوسعيّة. هذا السلام يبدأُ من قمةِ الهرمِ، وينتهي بالقاعدةِ .

وهناك سلامٌ اخر لايصنَعُهُ اصحابُ القوةِ والنفوذ والمصالح، بل يصنعُهُ المفكرونَ بافكارِهم النيّرةِ، ويصنعهُ المناضلونَ بتضحياتهم، وتصنعُهُ الشعوبُ المُستَضعفةُ ؛ لانّ هؤلاءِ لهم مصلحةُ بهذا السلامُ . مصلحتهُم ان يعمَّ السلامُ العالَمَ كلَّهُ .

هذا السلامُ يبدا من القاعدة وينتهي الى الهرم . يبدأ من الفردِ فالاسرة فالجماعة فالمجتمع وينتهي بالسلطة .

والقرانُ الكريمُ تحدثَ عن قيمةِ السلام؛ فالسلامُ اسمٌ من اسماء الله تعالى، وتحية المسلم هي السلام عليكم، وتحية اهل الجنة هي السلام، والجنةُ هي دارُ السلام، وليلة القدر هي ليلةُ السلام، وخطاب الجاهل سلام .

هذا السلامُ يَصنَعُهُ المتحضرون، واصحاب الاقلام باقلامهم، والدعاة بكلماتهم، بعيداً عن تَوازُناتِ الرعبِ، ومعادلاتِ القوةِ، وحسابات المصالح .

عاشوراءُ كانت رسالةَ حُبٍّ وسلامٍ الى العالم .... خاطب الامام الحسين (ع) فيها الجموع التي جاءت لحربه، والسيوف المشهرة في وجهه بكلمات الحب والسلام ؛ ولكن دعاة الحرب والكراهية، واجهوه بحرابهم وسيوفهم .... واخيراً انتصر السلامُ الحسيني على قوى البغي والحرب والاجرام .

 

زعيم الخيرالله

 

في المثقف اليوم