أقلام حرة

انتشار الفقر المدقع فی كوردستان!

عماد عليانه آفةخطرة على حياة الناس اينما كانوا وهو يودي بهم وان بقوا على قيد الحياة في بؤس وعوز. كما يعلم الجميع ان العراق وكوردستان لم يقعا ضمن الدول الاكثر فقرا في العالم اي النسبة الكبيرة من انتشار الفقر التي تفرض على المقيمين ان يقيسوا معيشة الشعوب بتلك الحالة التي تفرض عليهم ان يضعوه في مستوى الفقر او تحته او ما يقعون في القعر من الفقر المدقع، فان الدول الخمس الهند وبتغلادش ونيجيريا واثيوابيا وكونغو يشتهرن بانهم كسروا المقياس في معدل الفقر، ولكن هذا لا يعني ان الدول الاخرى لا تتسم بانها تقع تحت هذه المستوى وان كانت بنسبة اقل. فهناك ما ينتشر من الفقر المدقع في الدول الغنية الرسمالية الكبيرة ومنها في العالم الثالث اكثر من غيره وكما هو الحال في الدول البترولية ايضا، والمملكة السعودية شاهد على هذه الظاهرة دون ان يتكلم عنها احد على الرغم من ثرواتها النفطثية الهائلة وهي التي تعمتد علي ريعها التي لو استغلت بشكل جيد في تحسين حياة الناس لكانت الاولى في الرفاه والترف في معيشة سكانها.

اما العراق فانه ابتلي بالحروب الداخلية والخارجية وشهد مراحل يمكن ان نصفها بالمزدهرة الا انه تراجع وذهبت ثرواته هباءا في فوهة الاسلحة التي دمرت سواء ما ابيدت بايدي اللجان التفتيشية او في شدة ومصروفات اوار الحروب المتلاحقة وبالاخص بعد تاميم النفط وما تلاه وابتلي به على ايدي الاستعمار بحيل وسياسات وتضليلات ما دفعوا السلطة الغاشمة فيه الى ارتكاب الاخطاء المصيرية الجسيمة واشعال الحرب واُعيد البلد الى المربع الاول الذي كان عليه فيما قبل اكتشاف النفط، ومن ثم تلت ذلك مراحل لم يتمكن من اعادة تنظيم الذات وغرق في مستنقع الديون التي تراكمت عليه وانهار اقتصاده ولم يقم بعد ذلك الى ان اضظر الى ان يفكر بان يزيح اثار الخطا بخطا اخر، واغرق البلد في وحل لا يمكن ان يخرج منه بعقود.

اما كوردستان فقد عانى اكثر من بقية اجزاء العراق نتيجة الحصارالاقتصادي وعدم الاهتمام بها وقطع الطريق عن الاستثمار فيها من قبل الدولة ورغم الثبوات التي تمتلكها الا انها استغلت من قبل السلطة الغاشمة المسيطرة لمغامراتها، واصبحت بنيتها التحتية منهارة ولم تجد معملا او مصنعا او حقلا متقدما يمكن ان يدر واردا على شعبه، وهناك ما اطبق عليها اشد الظروف الصعبة باتخاذ الحصار المتعدد الجوانب لعقود طويلة عليها من قبل الحكومة الدكتاتورية في بغداد.

اما الاسباب الرئيسيةلانتشار الفقر بعد التحرر فيما بعد انتفاضة اذار في كوردستان يمكن ان نقسمها الى مرحلتين ماقبل سقوط الدكتاتورية وبعده، فما قبل السقوط كان اكثر اسباب الفقر المنتشر على ايدي بغداد من ما اتخذته من الحصار المتشدد عليها لحين السقوط ومن ثم الفساد الذي انتشر على ايدي السلطة الكوردستانية ذاتها والحزبين المتنفذين وما اقدموا عليه من الحرب الاهلية الداخلية التي احرقت الاخضر واليابس وما تهرب من اماكيناتها الصناعية والزراعية والحاجات التي يمكن ان يعتمد عليها الى الجانب الاخر من الحدود واستغلتها الدول الجوار الظالمة مما ادخلت حياة الناس الى قعر المعيشة السيئة ونسبة الفقر المدقع وصلت الى قمتها.

اما اهم الاسباب لعدم تحسن الوضع بشكل مرضي وبقاء الفقر المدقع بنسبة كبيرة في كوردستان بعد سقوط الدكتاورية في بغداد هو:

*عدم وجود نظام سياسي مناسب بل من وكيف حكم كوردستان هو الاحزاب ومصالحها وما ادى الى انتشار الفساد وتوسع الفجوة الكبيرة بين الفقر والغنى وبروز مجموعة من الاثرياء التي استغلت الواقع الذي ترسخ على حساب الفقراء والسبب الاول والاخير هو السلطة والاحزاب والقيادة الغشيمة والفاسدة التي حكمت كوردستان وهي تحكم لحد اليوم. فكل ما نفذوه هو استغلال الموجود والظروف الجديدة التي توفرت في كوردستان ولجوئهم الى بغداد من اجل ملأ الجيوب وليس لمصلحة الناس بشكل عام.

* لم تبق القيم الجميلة التي كانت سائدة ابان الثورة الكوردستانية واستغلت القادة العسكريين الذين افتخروا بثورتهم وباعوها بحفنة من الاموال وتحولوا الى مرتزقة بدلا من ان يكونو ثوارا مناضلين مضحين كما كانوا، او لم يكونوا هكذا في حقيقتهم بل ضللوا الناس من قبل ايضا ولكنهم لم يعثروا على ثروة كي ينهبوها كما حصلوا عليها مابعد السقوط. وباعوا كافة القيم الانسانية الثورية الى القيم المادية واصبحوا من رجال الاعمال واصحاب المليارات. فالمصلحة الشخصية الحزبية افنى القيم والانانية اصبحت العامل الحاسم للقيادة التي اعتلة الكرسي وامتلك زمام الامور، واصبحت المادة والامتيازات في مقدمة الاسباب لتحول الصراعات التي كانت موجودة اصلا الى الحرب الداخلية. واصبح انعدام وافول ما تميزت بها الثوار ابان الثورة الكوردستانة من الصفات والسمات الثورية منبعا للاسباب الاخرى التي ادت الى محو الروح الثورية والزهد والنزاهة الت كانت سائدة يومئذ.

هذا من جانب السلطة اي الظروف الموضوعية قبل الذاتية للشعب، اما ما يمكن ان يقع على الشعب الكرودستاني نفسه، فانه بعدما عاش في القعر والعوز والفقر المدقع وخرج منه بعد فترة بعد السقوط، انه لم يعتبر وياخذ درسا من ما مر به. فانتشر النمط الاستهلاكي المظهري للتفاخر والمشاوفة في الصرفيات، وما وصل الى شراء ماهو المفيد وغير المفيد لتوفر السيولة لديهم دون ان ينظموا ما اصبحوا عليه الى ان وقعوا في البئر بعد الحصار الذي فُرض عليه ثانية من قبل بغداد الجديدة. وبعدما حُصرت الثروة في كوردستان بيد مجموعة قليلة جدا وكما تفرضه الراسمالية في النظام القائم وما فرضته الاحزاب وطريقة حكمهم والقيادة الفاسدة غير المهتمة بشؤون الشعب، فظهرت طبقة جديدة اوسعت الفجوة بينها وبين الفقير كثيرا جدا، اي اكتمل جمع الثروة المالية في كوردستان بيد القادة والتابعين باسم رجال الاعمال وهم اما منالاغنياء التابيعين للقادة او القادةة بانفسهم والمشاركين مع الاثرياء الجدد ايضا او القادة مع اصحاب قرار او ما يهمهم لضمان بقائهم وما اصبح لديهم من الثروات الهائلة جراء الفساد الذي استشري على ايديهم.

* ما يفرضه البنك الدولي والصندوق النقد الدولي وعملية التحولات في السوق والاعتماد على الخصخصة .

* تفتق الكثير من الامور الغريبة عن كوردستان ومسيرتها بعد التقليد العمياء للدول الراسمالية وما فيها من المظهريات على حساب الفقراء، ومنها انتشار البنوك والمولات واماكن العهر والعربدة والامور المظهرية للناس.

* استنزاف الموارد من قبل السلطة سواء لمصحلتهم او بغش وخداع دول الجوار وبالاخص في قطاع النفط والتجارة غير المقننة. وسيطرة الدول الاستعمارية الجديدة وشركاتها الكبيرة على لقمة عيش الفقراء بسرقة في وضح النهار وبطرق قانونية لا يمكن الشك فيها.

* تدخلات دول الجوار والتجارة المفتوحة معهم على حساب الثروات الداخلية ونجاح هذه الدول على افشال القوى الخيرة الداخلية العاملة على تحسين الواقع المعيشي من خلال قطاعاتة الكثيرة ومنها الزراعة، وما فرض هذا على خلو القرى من الانتاج الوافر للاكتفاء الذاتي المطلوب في اية بقعة من اجل الحفاظ على الثروة الوطنية.

* وعليه يمكن ان نعدد اسباب ثانوية اخرى كثيرة تدخل في اطر اسباب تردي الوضع الاقتصادي وهو المسبب الاكبر لنشر الفقر المدقع في كوردستان الغني بثرواتها وامكانيتها المادية التي تهدر من قبل سلطتها منذ عقدين وتسببوا في انخفاض مستوى المعيشة الى الاسوا رغم الحرية النسبية التي توفرت لها منذ انتفاضة اذار وبالاخص بعد سقوط الدكتاتورية.

 

عماد علی

 

في المثقف اليوم