أقلام حرة

اردوغان بين رفات ناظم حكمت وجثة سليمان شاه

عماد عليقد يتبادر الى اذهاننا الكثير من الاسئلة وما يحضنا الى التساؤل حول سلوك اردوغان وتعامله مع ما يعتبرهم من مواطني تركيا وليس غيرهم كما هو المعلوم عنه بانه يضحي بكل ما يمت بالانسان من اجل نرجسيته وليس شعوب الدولة الاخرى فقط. واهم تلك الاسئلة، انهةكيف يفكر وما تقدير الثقافة والعلوم عنده ومن هم الاولى لديه الشيخ المتخرف ام المثقف الاكاديمي والشاعر المبدع؟ كيف يتعامل مع الثقافة والنتاجات الدنيوية مقارنة مع الادعاءات المظهرية لايمانه الديني المهبي، ومن هو الاولى لديه العالم الديني ام المواطن التركي والعالم العلمي؟ كيف يتعامل مع الديانة وما يحتويه وشرائعه ومع النظام السياسي الموجود والقوانين العلمانية التي ابرزته واوصلته الى قمة السلطة؟

السؤال الاكثر الحاحا واجابته توضح عقلية وفكر وتوجهات اردوغان، هو ما وراء عدم اهتمامه باعادة رفات الشاعر الوطني التركي ناظم حكمت لحد الان او بالاحرى منع اعادته ودفنه هناك بينما صرف الكثير وارسل الجيش التركي الجرار الى خارج بلاده لنقل ضريح جده وقدوته سليمان شاه بعدما ادعى انه تعرض للخطر وكاد ان يودي به وهو في قبره !!!.

انه محط الفكاهة والضحك ايضا ان يخاف على جثة من غدر واحتل ولم يقدم شيئا ليس لبلاده فقط وانما لاي مكان توجه اليه او بالاحرى تسبب في الخراب والقتل والتدمير وراحت ضحية ما اقترفته ايديه الكثير من الارواح، بينما الشاعر العظيم ناظم حكمت الذي قدم للانسانية جمعاء افكار وفلسفة انسانية بحتة بعيدة عن اي سياسة مغرضة من خلال اشعاره ولم يضر يوما ليس لبلاده وحتى للاخرين بل افادهم بثقافته ونظرته التقدمية الى الانسان وبعقليته المتنورة.

فهذا يدل على مدى تعمق روح العثمانية التوسعية الشرسة في كيان وعقل وسلوك وايمان اردوغان، ولم يدع شكا فيما ينوي ان سمحت له الظروف السياسية ولم يوضع سدا منيعا امام طموحاته، انه يعتبر لجده من آل عثمان بينما لا يلتفت بل يمنع حتى الاخرين ان يلتفوا حول من خدم الانسانية وقدم ما يفيدهم وما يناسب العصر بعيدا عن ما يعيشه اردوغان بنفسه منعزلا عقلا وف كريا في عصر العثمانية التوسعية التي فشلت في وقتها دون ان تقدم شيئا للعالم بل احتلت بالقوة ما وصلت اليه ايديه ونهبت خيرات العالم باسم الدين.

فهل يتعض اردوغان مما اصابه هذه الايام من تساقط حتى من سانده وابتعادهم عنه ام يستمر على غيه ويريد فرض عظمة هشة او خاوية باتخاذ خطوات خارجية ومحاولته باسماء وادعاءات مختلفة من الامتداد لسد طمعه في الاراضي والثروات الوطنية لبلدان المنطقة، والظاهر انه لم يدرك انه قد ولى زمن الامبراطوريات التي نهبت العالم باسم الدين والمذهب، واليوم الناس في عصر اصبح فيه الفكر والفلسفة متعمقا لكل فرد والعقلية تطورت ولم تسمح للخرافات والادعاءات الفلسفية والفكرية الزائفة ان تسيطر عليها. وان نجح داخليا خلال المدة السابقة انه نتيجة لمعادات وما تغير وردود الافعال عن ما جرى ابان المرحلة الاتاتوركية وما افرزته من المعادلات التي ادت الى التخبط في حياة الناس على الارض وعدم استيعابهم للحلول الجذرية والمتشددة لما استقروا عليه خلال القرون مابعد الغزو الاسلامي لبلدهم ابان فرض العلمانية بالقوة عند اتاتورك، فاتخذوا مواقف جراء الخوف الذي سيطر عليهم ورحبوا فيما بعد بكل ما يعيد الماضي لهم وهو الانستولوجيا الانسانية الملعومة، الا انه بعد كشف الموجود ومقارنته مع الماضي القريب وفي ظل المراحل المتلاحقة من الحكم الاسلامي المتصارع مع بعضها، كُشف المستور من ان الاسلام السياسي ليس كما ادعوا ابان عصرهم الذي عاشوا سرا وكان الامر (كل ممنوع مرغوب) ليس الا لدى اكثرية الشعب التركي الذي امن بهم.

اما اليوم فان الواقع تغير والعصر الجديد في تغيير مستمر في كل لحظة ولا يمكن ان تتواصل الاحزاب القديمة الفكر والفلفسة والحديثة البنية مع المتغيرات، وهو ما يشكل التناقضاتة مع نفسها، وكما لاحظنا في تحالف اردوغان مع الداعية الراقص عدنان اوكتار وقططه ومساعدته لاردوغان كما كشف اخيرا بانه اي اردوغان كان يزور بيته في مرات عديدة (و ربما تلاعب مع قططه كثيرا باعتبارهن جواري كما يسمح له دينه وشريعته) ومن ثم تبين مدى تقاطع مصلحته معه فزجه السجن .

ان منع رفات ناظم حكمت والتلهف على جثة سليمان شاه والمحافظة عليها كي لا يصيبها سوء دليل على مدى تخلف عقلية اردوغان وتحكمه ببلاده بوسائل لا تمت بالعصر، وان لم يكن الشعب التركي واعيا وداركا وله المستوى الثقافي العام المكتسب ابان العصر الاتاتوركي العلماني رغم التحفظات عليه لكانت تركيا الان امبراطورية عثمانية اخرى في داخل حدودها في وقت لا يمكن ان تترسخ هذه على هذه الارضية والواقع المتغير في اي بلد كان في العالم اجمع.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم