أقلام حرة

لا يؤسسون دولة ولا يرضون بالتقسيم !!

عماد عليعجيب امر هؤلاء الذين يحكمون العراق وان كانوا موالين لهذا وذاك وغير مستقلين بانفسهم وليسوا احرارا كما هو المطلوب ان يكون الحاكم حرا مستقلا مؤمنا ببلده، عجيب امر من لا يعمل بجد وبطريقة صحيحة ولا يريد ان يعمل الاخر وان كان لخير البلد، والان يريدون ان يحلّوا المشاكل بين ليلة وضحاها وكأن المشكلة والقضايا من ولادة اليوم والبارحة. غريب امرهم هؤلاء لم يتبنوا امر دولة قوية مستقلة باسس صحيحة سواء لاسباب موضوعية او ذاتية ويريدون ان يعيشوا امنين تحت نير المتدخلين المصلحيين ومتطلباتهم، الاغرب في امر هؤلاء انهم لا يعلمون اين يكمن الحل ويدعون انهم يحلون ماهو المترسخ والمتفشي والمستشري من الفساد وما يسير عليه الامر بيد المافيات وله ابعد وتاريخ واسباب عميقة. والعجيب في امرهم اكثر هو عدم طرح ارائهم بصراحة للحلول الجذرية ولا توجد لديهم حتى الحلول الترقيعية التي لا تصل من مسيرتها الى نصف النهر في جانب ضفتهم والناس يريد منهم العبور الىالضفة الاخرى و الوصول الى بر الامان.

من يرى العراق ويتبع الامور ويقيّم الموجود يتيقن بانه لا وجود لدولة حققية في العراق منذ تاسيسه، واليوم اصبح  على حال دون ادنى صفات الدولة، بدلائل متعددة ومنها عدم وجود قوة عسكرية موحدة بل لكل حزب قوته وميليشياته وهناك قوى تابعة لهذا الطرف الخارجي وذاك، وليس هناك اقتصاد حرّ ولا نظام موحد ويسير بنظام معين بل خاضع لامور خاصة، وليس هناك وحدة وطنية بل هناك فروقات شاسعة عرقيا ودينيا ومذهبيا، فهذه هي الحال، ويريدون ان يبقى هكذا لمصحالهم الضيقة البعيدة عن المصالح العليا التي يجب ان يتمتع بها اي بلد وشعب موحد، والادهى في الامر ومنذ عقود ولا يدعون ان يتكلم اي احد بصراحة ليقول ماهو الحقيقة ويصرخ بعظمة لسانه ويقول يا ايها الناس ان العراق ومذ1 تاسيسه لم يكن بنيانا رصينا ولم ينبثق كدولة حرة بارادة شعوبه وانما اسسه الاستعمار من اجل ما خضع وجرى له طوال تاريخه وتضرر بالذي وقع لمصلحة مؤسسيه فقط.

وعندما تتكلم بكل صراحة ونستشهد بما قاله بعض القادة المخلصين المحنطين في لحظة صراحة وعقلية في التعامل معه ومنهم الملك فيصل وكذلك نوري السعيد بانه ليس هناك شعب موحد بل تجمعات اجتماعية، فعندما ترد هذا فانهم يتهمونك بمتعصب عرقي. وعندما تقول الحق وتطرح ماهو الصحيح والحل الجذري للقضايا الشائكة وماهو المتعقد واصبح عقبة لبناء دولة حقيقية صحيحة قلبا وقالبا ويمكن ان تتعظم كلما طال الوقت، فيقولون انك قومي شوفيني ولست يساريا انسانيا كما تدعي.

يجب ان يتصارح العراقيين بكل امور تخصهم بصراحة تامة دون التعلق بشعارات ومباديء ورقية فقط مر عليها الزمن ولم تعد صالحة شكليا كما كانت ابان العصور القومية واليسارية الصورية  التي طغت على العراق وكانت غير المبنية على الارضية الرصينة. نعم يجب ان يكون للمثقف الدور الحاسم والكبير على طرح المواضيع كما هي دون خيال او عقائد مثالية لا تمت بارض الواقع،  يجب على العراقيين ان يقولوا ما لم يقولوه من قبل. فان المشكلة ليست كما هي  من صنيعة اليوم فقط كما يقول البعض، لان الادارة لم تبنى على اسس صحيحة ولم يحكم العراق من قبل الا الحديد والنار وان بقي كما هو لا يمكن حكمه بشكل ديموقراطي وبحرية . نعم ان المجتمع العراقي كما بحثه علي الوردي والذي يجب ان يعتمد من قبل الجميع ما كان يؤمن به وبحثه وما قاله عنه في التحليلات  العلمية وكتاباته وما طرحه في ايجاد الحلول المناسبة في مشاكله. نعم ان المكونات مختلفة جذريا وان التناقضات هي التي تحكم الفرد العراقي ولا يؤمن بدولة وسلطة اكثر من رئيس العشيرة وعرقه ومذهبه. نعم انه يعيش في دائرة صغيرة ولم يتقدم منذ تاسيسه وهو كما كان لحد اليوم، فهل يتابع المتابعون ما يحدث بالمناسبات الدينية، وهل تابع المتابعون للوضع العراقي ما يحدث في كل منطقة يختلف عن الاخرى في الشكل والجوهر. فهل التظاهرات التي اندلعت شرارتها في المناطق الشيعية اخيرا وعدم حدوثها في المناطق السنية صدفة او هناك اختلاف تركيي سياسي جذري وتركيبة وظروف اجتماعية متباينة. فيجب المصارحة بكل شيء لايجاد الحلول الجذرية، نعم الجذرية طويلة الامد ان كنا ننوي الحلول وليس الترقيع.

فان الشعب العراقي هو ثلاثة شعوب وثلاثة مكونات وثلاث بنيان وثلاثة اوضاع اجتماعية مختلفة جذريا وحتى لهجة ولغة وعرقا  في جوهره واساسه،هذاعدا ماهو هو عليه من اختلاف ديني ومذهبي.

و عندما نقول ان الحل هو بناء ثلاث سلطات متجاورة وبثلاث كيانات متجاورة متعايشة مع بعضها بعلاقات سلمية متناسبة سواء كانت كونفيدراليات او حتى  ثلاث دول متجاورة تنعم شعوبها بسلام وامان ويمكن ان تتحد فيما بعد طوعيا دون ضغوطات وقسريا لمصلحة دولة استعمارية طامعة بل رضى الاطراف ان رات مصلحتها في ذلك.

وانا اجزم قطعا ومن هنا اقوله بكل صراحة، فان توافقت المكونات وتصالحت واتفقت على بناء كونفيدرالياتهم او دولهم فان الاستعمار وبالاخص وفي مقمدتهم البريطاني ومن ثم الامريكي، انه لن يرضى بسهولة وسيتآمر بكل ما يتمكن منه، لانه يعلم بانه لم يبقى له اي دور في المنطقة  وسوف تحل الكثير من المشاكل ليس في العراق فقط وانما في دول المنطقة اجمعها في المدى البعيد. نعم اننا ومن الخلفية الانسانية التي نؤمن باننا لم ندعي هذا نتيجة عقائدنا العرقية ولا من اجل امور اقتصادية خاصة لكوردستان وانما نجد ان العراق ليس له حل الا بطريقين اما الوحدة القسرية البعيدة عن  الامان والعيش الرغيد، ويجب ان يُحكم بالقوة والحديد والنار وهذا لن يدع شعوبه ان تنعم بالراحة والامان والسلام والحرية في حياتهم، واما ان ينقسم بشكل لم يكن لاحدهم سلطة على الاخر سواء كانت بدول مستقلة او كونقديراليات لمدة غير محدودة الى ان يتغير الواقع الاجتماعي الثقافي العام لشعوبه في المدى البعيد ويتم اتحاده كما هو حال اوربا في وقته المناسب ان ارتضى الجميع .نعم ليس هناك اي حل للوضع العراقي وان استقالت الحكومة وجاءت حكومة نابعة من الشعب ووطنية وغير تابعة وغيرعرقية او مذهبية او مهما كانت مواصفاتها، فانه لن تتمكن من ضمان حرية الناس والتعايش السلمي بعيد المدى مهما كانت حرة ومنبثقة من قبل الشعب وان كان هذا غير ممكن واقعيا بداية لاسباب كثيرة لا يصع هنا ان نذكر جميعها.

اذن الحل الوحيد والجذري دون اي مبالغة او بهدف كما يمكن ان يتهمني المتزمتين بافكار ضيقة سواء كانت عرقية او دينية او مذهبية بما هم يؤمنون به من قرارة انفسهم. وربما يمكن ايجاد حلول ترقيعية لمدة معينة لا يمكن ان تصل الى عقد واحد فقط وتعود الحال وتستفاد منها الاستعمار القديم الجديد ومن ثم يبدا القلق المستمر وعدم الاستقرار الدائم وهكذا دواليك وتذهب ايضا دماء وجهود وامكانيات البلد سدى للخيال والعقائد المثالية التي تسبب فميا مضى من تاريخه لما مرّ به العراق من المآسي المؤسفة.     

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم