أقلام حرة

النفط والفساد!!

صادق السامرائيالنفط في البلاد ملك مشاع للكراسي، لعدم وجود قانون ينظم وارداته ويحصرها في وزارة المالية، التي من المفروض أن تكون المسؤولة عن الواردات الوطنية بأنواعها، وتحرص عليها في خزينة الدولة وبنوكها المركزية والحكومية، وأن يتحقق توزيع عادل ووطني للعائدات.

ومشكلة النفط العراقي أنه لا يخضع لقانون حازم ومراقبة نزيهة ذات معايير وضوابط ومقاييس صارمة، وإنما كلما تغير نظام الحكم صار الكرسي سيدا على النفط، وحسبه من غنائمه التي عليه أن يتصرف بها كيفما يشاء.

وبسبب هذه العشوائية وعدم الإنضباط والحرص المالي تفشى الفساد في أركان الأنظمة المتعاقية، فكلها تستحوذ على عائدات النفط ولا يعنيها من الأمر إلا كم ستغنم وتملك، ولهذا تجد الذين يأتون إلى السلطة يتحولون في ليلة وضحاها إلى أصحاب الملايين، ولا مَن يسائلهم عمّا ينهبونه من الواردات النفطية، بل ربما أن لبعضهم حسابات أجنبية تودع فيها أموال النفط.

وأن الكثير منهم ربما يتعاقد مع الشركات، فلا توجد جهة رسمية لوحدها مخولة بإبرام الصفقات النفطية، وفقا لآليات دولة ذات سيادة وحرص على الموارد الوطنية، ولهذا فأن الفساد هو المتحكم بالسلوك والداعي إلى تعزيز الفاسدين وتأهيلهم للأخذ المُشاع والجشع.

ولا يمكن القضاء على الفساد ما دام النفط بلا قانون معمول به، للتعامل مع الواردات بموجب نظام إقتصادي علمي معاصر، رغم تواجد العديد من الخبراء الإقتصاديين والعارفين بالنفط ومردوداته، وكيفيات توظيف العائدات لصالح الوطن والمواطنين.

وبسبب الفساد لم يتناول البرلمان منذ نشأته وحتى اليوم موضوع عائدات النفط بجدية وإخلاص ومسؤولية، وإنما الحبل على الغارب، ولكلٍ ما يستطيع أخذه بإبرام عقود وإتفاقات ومناقصات وغيرها من أساليب نهب الثروات، والإستئثار بالعائدات.

وقد يقول البعض بأن هناك قانون، لكنه وإن وجد فلا يُعمل به، لأنه يحتاج إلى رقابة مالية وتدقيقات حسابية، وسلسلة متداخلة من المراقبات والنشاطات الداعية إلى الحرص والنزاهة الوطنية، مما يعني أن الفساد سيكون محاصرا وكل ما يؤخذ مدونا، ومعلوم الغرض الذي صُرف لأجله، وهذا يتنافى مع جشع الكراسي وما يتصل بها من الحالات، التي ترى انها قد غنمت البلاد والعباد ومن حقها الشرعي أن تتصرف بغنائمها كما تشاء.

فأين قانون تنظيم وضبط واردات النفط، وهل سمعتم بتداوله ومناقشته ومراجعته في البرلمان؟!

إذا كانت هناك نية صافية وصادقة للقضاء على الفساد فيجب القبض على عنقه، ومنبعه، ولن تتحرر البلاد من الفساد، إذا بقي النفط بلا قانون صارم وجاد!!

فهل توجد غيرة وطنية أصيلة تحافظ على ثروات البلاد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم