أقلام حرة

ان لم تضمن انسانيتك لن ترسخ يساريتك

عماد عليما يحيّرني حقا ويدعني ان اتامل ولم اجد حجة او مبررا له هو ضعف موقف المحسوبين على اليسار من القضايا العالمية المعتبرة انسانيا ومنها محسوبة على القوميات او المكونات بشكل عام, او ما يمكن ان نطلق عليه ماهوغير محسوب على الطبقة العاملة بشكل خاص. اي استمرار النظرة المتصلبة القاسية تجاه امور عديدة وان كان الانسان هو المحور الاساسي المهم فيها.  وهناك امثلة كثيرة طوال المدة التي برزت القوى اليسارية او الفكر والفلسفة اليسارية والاطراف المعتنقة بها ومسار تطبيقها وفحوى الفكر اليساري المتبني على تلك الاسس التي انبثقت منها تلك الحركات والاطر التي تجوي في ثناياها اليسار بانواعه واشكاله.

من الغريب ان ترى القضايا الانسانية ولم تلق موقفا يساريا منصفا تجاهها، والذي من المفروض ان يكون اليسار الحقيقي في مقدمة المعتبرين للانسان وما يهمه على هذا الكوكب الواسع. الم يذكر ماركس كل ما يمت بالانسان ومصلحته متصل بالفكر الذي تبناه فلسفيا وفي نهاية كل مسار يجب ان يعتمد على مصلحة الانسان قبل اي شيء اخر، وهنا يجب ان نبعد الايديولوجيا عن الفكر والفلسفة الماركسية او اليسارية بشكل عام. فلابد ان نعترف بان دكتاتورية البروليتاريا كما يدعيها المؤمنون بها لا تمت صلة بالفلسفة التي تعتبر الانسان مركزا مهما, وان دعا احد غير ذلك وبرر هذه الدكتاتورية بالهدف والنتيجة ونهاية المقصد الذي يكنه هو وفكره فيها.

فهل من المعقول ان لا يكون هناك موقفا صريحا واضحا ازاء الابادة البشرية التي هي قمة ما تتصل بالانسانية في موقع هنا اوهناك لانه جاء باسم لا تمت بصلة بالماركسية بشيء كما يدعون، او انها ابادة عرقية وليست طبقية، او دينية او مذهبية او ما شابه ذلك مهما كانت اسماءها. ان كان الانسان محور اية قضية من هذا القبيل وجوهرها، فلا يمكن ان نهمش الانسان  ومصلحته من اجل توجه او فكرة او ايديولويجا مقصرة للامور العامة ايضا، اي بالاخرى ان كانت قاصرة للوصول الى الحقيقة التي تتصل بالانسان فكرا وفلسفة ومصلحة.

هناك جدال واسع فكرا وفلسفة لما موجود من العقليات الكثيرة التي تعبت منذ بروز الشيوعية اواليسارية حول ما اذا كان الانسان والانسانية قبل اية فلسفة مهما كانت مضمونها وما انبثقت منها من الايديولوجيات سواء كانت بعيدة شيئا ما مع الانسان ومكنونه او الارازات الناتجة من الشعارات المرتبطة به وبحياته. لا يمكن تبرير اي قتل لاي انسان كاخر مستوى لاذية الانسان مهما كان لونه وعرقه ودينه وكل ما كان يتسم به مهما كانت الاهداف وراء اذيته وان كانت هناك احتمالية للنفع العام في تلك الاذية، ومن المفروض ايجاد الحلول بعيدا عن القتل وان كان الموضوع يمس اليسار فكرا وفلسفة.

 فهل الكورد من الجنس الاخر، ام انه انسان وخلق وتطور وفق الانتخاب الطبيعي استنادا على النظرية الداروينية ووصل الى ارقى مرتبة حيوانية ويجب ان يعتبر له بعيدا عن اي هدف كان. انني يمكن ان اكتب هنا نظرتي الخاصة الى اليسار الانساني بعيدا عن كل الافكار والفلسفات الانسانية والايديولوجيا وما تدعيه الاحزاب التي التزمت بما برزت من ام اليسار  العاملي وهي الحزب الشيوعي السوفيتي وما انتشر منه وتعلق الكثيرون شخصا ومكونات واحزاب وحركات بما صدر من موسكو دون اي انتقاد او تقييم وفق الخصوصيات والعقليات المختلفة في اتحاء العالم عن الانسان الروسي وان كان عبقريا او له القدرة كما كان حال لينين، وفق البديهية وهو ان كل انسان خطاء ولا يوجد من لا يخطاء مهما كان ذكائه وقدرته العقلية .

استنادا الى كل ما سبق، فهل من المعقول ان يصمت اليسار اليوم ازاء التطهير العرقي الذي يتعرض له الكورد الان وتعرض له في تاريخه،  المواقف التي لقيه اما كانت وفق مصالج دولية اوحزبية كبرى او افكار لا تمت باليسار بصلة لكونها بعيدة عن الانسانية وما يهم حياة الانسان . اي لابد من مراجعة النفس وبالاخص اليساريين او المحسوبين على اليسار الحقيقي ولا اقول الماركسي المتصلب الذي اصبح صورة دون تغيير جدلي، اي غير قادر على التلائم مع المراحل والطرق المرسومة له وفق مثبتات او مباديء واسس اتفق عليها السلف.

فهنا يمكن مناقشة اليسار وجوهره وفق نظرته للانسان بعيدا عن الثوابت النظرية والادعاءات التي رسمتها في اكثر الاجيان المصالح الكثيرة المختلفة فقط. ان ما اؤمن به هو ان يكون الانيان اولا واخيرا ومصلحته وحياته وسعادته ورفاهه قبل اي شيء اخر، ولا يمكن ان اعتبر وجوديا هنا ان قلت يجب ان يضمن الموقف الانسانية قبل ترسيخ اليسارية، او من المقبول والمعقول القول بان الانسان قبل اي فكر وكما يحوي الفكر اليساري هذا بنفسه او بهذا المعنى قبل اي توجه وفكر اخر.

ان النظرة الى الفقر المعدم والعمل على تقليل نسبته بخطوات انسانية هو اليسارية القحة مهما كان ذلك الانسان فكرا وعقلية  ورفي اي مجتمع كان. ولا يمكن ان لليسار الحقيقي الواقعي البعيد عن الخيال واليوتوبيا ان يهمل الظلم باسم ما يتصل ويخص العرق او الدين والمذهب بحجج فلسفية ث سلفية ثابتة غير متلائمة مع الزمان والمكان. وعليه يجب القول بصريح العبارة ان الانسانية قبل اليسارية فكرا وفلسفة وايديولوجية، اما التوجه الفلسفي فهو يتلائم مع الانسانية مهما انكر اي منا ذلك.

و من جانب اخر فان لم تكن ضامنا للاحتياجات الضرورية الانسانية لك انت كانسان فكيف يمكن ان ترسخ يساريتك التي يجب ان تدفع بك الى ضمان العدالة الاجتماعية والمساواة وحقوق الانسان الخاصة في ارضية تتجسد فسها الحرية والديموقراطية او باي طريق يمكن ان توفر بها الضرورات الانسانية الملحة يوميا ومن ثم تفكر بالاخر والوسائل والطريقة والفكر والفلسفة التي تتبعها انت في تحقيق هدفك. اذا ضمان الانسانية ومتطلباتها تمهد لترسيخ اليسارية كفكر انساني يضمن للانسان خصوصياته كفكر وفلسفة وللمجتمع كجماعة كتحصيل حاصل جمع الافكار والتوجهات الاناساينة لضمان احتياجات الفرد الانسان دون اي تخلخل او تمايل لاي جهة كانت. 

 

عماد علي   

 

في المثقف اليوم