أقلام حرة

الطاقات الوطنية المُبوّرة!!

صادق السامرائيبوّر الأرض: تركها دون زراعة أو إعمار.

المبوّرة: التي لم تحقق غاياتها وأهدافها، أي المُعطلة عنوة وقصدا.

الأمم والشعوب المعتمدة على طاقاتها وقدراتها ومستثمرة بمواطنيها هي الأقوى والأقدر إنتاجيا وإبداعيا وحضاريا، فكلما تحقق الإستثمار في الطاقات الوطنية تنامت الأوطان وتقوّت وتمكنت وتعززت كرامتها وسيادتها ووسائل عيشها.

والعجيب في المجتمعات المتأخرة أنها تبوّر ما عندها من الطاقات، وتجتهد بتعطيلها وتنمية معاناتها وحرمانها ومكابداتها، بما تضعه من عوائق ومنفّرات بوجهها، حتى لتشد الرحال وتغادر أوطانها، لتساهم في صناعة مسيرات مجتمعات أخرى، وتزيد من سرعة دوران عجلات تقدمها وقوة إنطلاقها.

وعلى سبيل المثال، ما يجري في البلاد منذ أكثر من عقد ونصف بخصوص مشكلة الكهرباء، لو أن الحكومة أطلقت الحرية للخبرات الوطنية المخلصة لحلها لتمكنت من ذلك في غضون أشهر أو بضعة سنوات، لكن الذي حصل ويحصل، أن الخبرات الوطنية ممنوعة لأنها لا تساهم بتوفير فرص للفساد الذي يريد سرقة أموال الوطن، ولهذا تم الإعتماد على ما هو غير وطني، وإنكار القدرة والخبرة الوطنية في الكهرباء. 

أي أن الكهرباء صارت تُستورد من الآخرين، الذين يريدون إدامة تسويقها للبلاد، مما يعني مزيدا من التعويق والممنوعات أمام الخبرات الوطنية، لأنها ستؤثر على أسواق الكهرباء المستوردة بأبهض الأثمان، ووفق عقود فاسدة وإستلابية للسيادة وذات شروط مهينة.

ويمكن القول بأن البلاد فيها خبرات بجميع المجالات، وعلى الحكومة أن تؤكد وطنيتها بتفعيلها والإعتماد عليها، لكي تنهض وتتحرر من الإعتماد على الآخرين الذين يستلبون إرادتها وثرواتها.

فلكل مشكلة مهما كانت جمهرة خبراء مهرة مقتدرين على حلها ومنع تكرارها، فلماذا يتحقق منعهم من القيام بدورهم، والمساهمة ببناء وطنهم؟!!

إن الإهتمام بالخبرات الوطنية وتفعيلها يُظهر درجة الوطنية في الحكومة، فالتي تهملها ذات وطنية ضعيفة، والتي تعزها تتمتع بوطنية عالية وتستحق التقدير.

فهل من إرادة  صادقة لتفعيل الخبرات الوطنية المتنوعة لكي تنهض البلاد وتهنأ العباد؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم