أقلام حرة

أوجه المشكلة!!

صادق السامرائيللمشكلة ظاهر وباطن والسائد في مجتمعاتنا هو التعامل مع ظواهر المشاكل وإغفال حقائقها، مما تسبب بتشويش الرؤى وإعماء البصائر، وتيهان السلوك وتحقيق إضطرابات متفاقمة ومتوالدة.

ويبدو أن العقل مرهون بالتلقي والتصديق السريع، وعدم التفكير والتقييم والنظر الحصيف، كما أن الميل للحكم المسبق هو السائد والقائم في الأجيال.

وعندما تتابع المواقع والصحف وما تكتبه الأقلام، تعرف أن الذي يطغى هو التفاعل مع ظواهر المشاكل لا أصلها وجذورها، وحالما يأتي مَن يبحث فيها ويسلط الضوء على حقيقتها وجوهرها يكون كلامه بلا صدى ولا تأثير، لأن العقل الجمعي قد حصل على ما أراد وترسّخ فيه ما يتلاءم ومنهج تفكيره وسرعة تصديقه وعدم إكتراثه بغير ذلك.

وفي واقع الأمر فأن هذه المشكلة حضارية مروعة وظالمة، ذلك أن العقل عندما يتسطح ويعطّل مهاراته وقواه يكون مذعنا وملبيا، فيحوّل صاحبه إلى دمية يمكن للآخر أن يحركها وفقا لمشيئته وما يرمي إليه من النوازع والتطلعات.

وهذه الحالة تفسر التفاعل العام العاصف في الأمة، وكيف أن وجودها عبارة عن بضعة أشخاص يتحكمون بملايينها السهلة الإنقياد، والتي لا يعنيها من الأمور إلا ظواهرها وما يُشاع عنها.

ووفقا لذلك نجد أبسط الأقوال تسري في ربوع الأمة وتهيمن على وعيها وتأسره تماما، فالفائز بالسيادة يأتي أولا.

والأمثلة على ذلك كثيرة وآخرها أن الآخر البعيد جدا هو سبب المشكلة الفلانية، لكن الناس أخذت بالذريعة وأسلمت أمرها رغم تندرها عليها، لكن المنطلق ذاته، أن الظاهر سائد ومتحكم بالوعي العام، ومَن يخوض بالجوهر والجذور يبدو غريبا ومصابا ببعض الجنون.

وتبقى الأمة رهينة الظاهر، ولا تريد أن تعرف الكامن المكنون والفاعل فيها كالأفيون!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم