أقلام حرة

الاستحقاق القادم للاحتجاجات

ما لا يدركه البعض هو ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق ليست فاسدة وحسب بل انها عاجزة وغير كفؤة.

ولقد كشفت الاستجابة البائسة التي ابدتها الحكومة واجراءاتها الاصلاحية عن هذا العجز وعدم الكفاءة في التعاطي مع المحتجين وتنفيذ مطالبهم وكذلك اجراءات البرلمان التي أتت لتذر رماداً في عيون المتظاهرين فلم تستطع ان تمس ادنى مطالب المحتجين وشرقت وغربت في اجراءاتها .

ان وضع التشريعات والاجراءات التي من شأنها مواجهة ومكافحة الفساد المستشري بصورة كاسحة في مفاصل الدولة هو الاُس الاول للاصلاح ومن دون ذلك فكل الاصلاحات كذبة كبيرة سرعان ما ستنكشف لتزداد ضراوة الاحتجاجات وتتصاعد وتيرتها .

المشكلة ان من نرجو منهم مواجهة الفساد هم ذاتهم المفسدين وهم ذاتهم من يقودون مافيات الفاسد ويوفرون لها الحماية ويجعلون اعمالها شرعية وقانونية .

تستغل مافيات الفساد المرتبطة بالاحزاب الفوضى وضعف القانون في التضخم والاستقواء والاستحواذ على مزيد من مقدرات الدولة واموالها في صفقات هائلة لا يتم الكشف عنها ولا التأشير عليها وتبقى اجهزة الدولة الرقابية عاجزة امامها بل ومستفيدة منها.

ان تتبع مسؤولي الدولة وبعض موظفيها وذويهم ومتابعة ارصدتهم واموالهم وعقاراتهم سيكشف عن تضخم كبير في الارصدة والعقارات والاموال السائلة .

ان اي اصلاح منشود لا يمكن ان يتم دون ازاحة الطبقة الفاسدة المتحكمة بشؤون البلاد وهو ما لا يتم الا بوجود قيادة واعية توجه التظاهرات بشأن تغيير قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات  ليضمن اقصاء هذه الفئة الملطخة بدماء الابرياء واموال الفقراء وافضل من يمكن ان يقود هؤلاء المتظاهرين هم اساتذة الجامعات وعلمائها اذ لا يمكن ان تبقى فوضى التظاهرات تقاد من قبل صفحات ممولة لا نعرف الجهات التي تديرها ولا نعرف ما هي ارادتها وما هي مآربها .

ان استحقاق وجود قيادة للتظاهرات بات امراً ملحاً وضرورياً ولا يمكن اغفاله واللهو عنه.

ان صمود المتظاهرين وبقائهم في ساحات الاعتصام وعدم السماح لبعض القوى من محاولة ركوب الموجة ومصادرة نجاحاتهم واختيار قيادة واعية ومستقلة وشجاعة من اساتذة الجامعات غير المسيسين تأخذ على عاتقها صياغة مطالب المتظاهرين وتوجيههم وتولي دفة الاحتجاجات وتقف بوجه بعض المفسدين والمخربين وتعزلهم سيحقق نجاحاً لتلك التظاهرات ومن دون ذلك ستكون النتائج سلبية وتقود الى الفوضى ويعم الضرر الجميع.

ان عفوية التظاهرات لا تعفيها من مسؤولية اختيار من يمثلهم من المخلصين الشجعان كما ان عدم وجود قيادة واضحة سيضيع هذه الفرصة على ابناء هذا الشعب المسكين الذي ذاق الكثير من الويلات وأُشبع ظلماً وفساداً.

ان دخول اساتذة الجامعات على خط التظاهرات وانحيازهم الى جانب ابناء شعبهم في الاعتصام الذي نفذوه هو بادرة امل لاستبدال الطبقة الحاكمة الفاسدة والعاجزة والجبانة بطبقة نزيهة وعاملة وشجاعة تغير من وجه البلد وتسوقه نحو التقدم والنمو.

انها لهبّة مشرفة اعلت هام العراقيين ورفعت رؤوسهم عالياً وستنتصر ارادة الامة بعد ان غُيبت وكادت تذوي وتموت.

 

اياد نجم

٢٩-١٠-٢٠١٩

 

في المثقف اليوم