أقلام حرة

البئروية!!

صادق السامرائيفي مطلع الألفية الثالثة كتبت مقالا خلاصته أن حقول النفط في المنطقة ستتحول إلى دويلات تابعة لقوى طامعة بالنفط.

ويبدو أنها قد تحوّلت إلى تحزبات وفئويات ومافيويات، فلكل حقل نفط في الدول النفطية المستباحة، مَن يتولى أمره ويستحوذ على عائداته، خصوصا عندما تلبست النشاطات الفاسدة بأردية دينية وفتاوى شرعية تبيح ما لا يخطر على بال من الموبقات بإسم الدين.

وما جرى في الدول النفطية المستباحة أن الواردات قد تم سرقتها، وإستثمارها بتوريد السلاح لإشعال الحروب الأهلية المتواصلة بين أبناء البلد الواحد، لكي تخلو سوح نهب النفط.

واليوم ترى هذه الدول غرقى بالفساد العارم الذي أوجده نظام مشاعية النفط، وإعتبار البلاد وثرواتها بما فيها وعليها، غنائم حرب للذين إستباحوا وتسلطوا، وتحزبوا وتمنطقوا بالطائفية والفئوية والمحاصصاتية، والذين تعمموا وتأدينوا وشرعنوا المآثم والخطايا بفتاوى أباليس أمّارات السوء التي فيهم.

فقد أصابت السلوكيات التشرذمية حقول النفط بمقتل، وأوجدت آليات نهب غير مسبوقة في تأريخ الدول والشعوب، فتنامى الثراء الفاحش وتعاظم الفقر المدقع والبؤس المرير، والسراق يتعبدون في فسادهم، ويسبّحون بنعمة ربهم التي أغدقها عليهم، والبؤساء من حولهم يتضورون، والعمائم تعنفهم وتضللهم بالصبر والشقاء للفوز بجنات النعيم.

ووفقا لذلك يمكن تسمية هذه الدول بالبئروية، أي أنها قد تفتتت وفقا لمقتضيات الإستحواذ على حقول النفط وآباره، والتحكم الفاسد بوارداته، فهي دول ذات مديونية عالية وثرواتها مستباحة، وهي دول غنية وتسجل أعلى نسب حالات الفقر، وتتصدر مقاييس ومعايير الفساد بين الدول.

فهل هذه دول فاشلة أم ساقطة؟

ولماذا تلوم الآخرين لتدخلهم بشؤونها؟

وهل هذه دول ذات حكومات وطنية أم عدوانية؟

وتلك مصيبة شعوب حوّلت نعمة النفط إلى نقمة ما بعدها نقمة!!

 

د. صادق السامرائي

..............................

* البئروية من البئر: حفرة عميقة يُستخرج منها الماء أو النفط.

 

في المثقف اليوم