أقلام حرة

بيان السيد الرئيس (عرب وين طنبوره وين)

علي المرهجشكراً سيدي رئيس الوزراء لأن بيانك ذكرني بحوادث في حياتي وجدت فيها بعض من أعرفهم يتعاملون مع المشكلة التي تمر بهم لا بمحاولة حلها إنما بالتغاضي عنها و(ينطونها إذن الطرشة) و(وتغليسه) زينه والزمن كفيل بحلها...عفية عليك والله...

جعلت من نفسك محللاً للمشكلة وواصفاً للأحداث وكأنك خارج الحدث ولست بمسؤول عنه!!. لتخرج لنا ببيان مُلخصه:

ـ التظاهرات سلمية ولا يُعكر صفوها سوى الخسارة لأرواح شهداء من الطرفين، فكل قطرة تُراق يجب إيقافها!، ومن الذي يوقفها (احميده أم اللبن)!.

ـ استخدام الخارجين عن القانون قطع الطُرق الحرق قنابل الملوتوف والمنجنيق والأسلحة النارية والسكاكين!، (هسه كلشي افتهمنه بس المنجنيق شنو احنه بحروب الروم لو الفرس، لو يقود المتظاهرين صلاح الدين الأيوبي لأنها معركة من موروث معاركنا مع الصليبيين)!.

ـ لا تقوم القوات الأمنية بأية أعمال تعرضية أو هجومية، (أظن الشباب اللي استشهدوا نتلتهم الكهرباء) والمجاريح انجرحوا بحرب البسوس)!.

ـ حققت المظاهرات الكثير من أغراضها.، (بلله يا غرض حققته غير أغراضك في شعورك بأنك باق في السلطة).

ـ حصلت المظاهرات على دعم مدني كبير من النقابات والمرجعية، (وما هي النتجية؟ يرجعون المتظاهرين لبيوتهم وينسون الشهداء ونبدي صفحة جديدة أنت كاتب سطورها بدم الشهداء)!.

ـ التأكيد على دور المرجعية في الدفاع عن التظاهرات، (يعني اتحس السيد الرئيس لو مو المرجعية تؤيد مطالب المتظاهرين جان صارت دم للرجاب)!، لكن أكثر من ٢٥٠ شهيد واكثر من سبعة آلاف جريح (الشغلة سهلة)!.

ـ مرَ شهر تعطلت فيه الحياة وآن الأوان لتعود الحياة لطبيعتها، (يعني هسه العطل الدوام والحياة كان الشباب سببها وتظاهراتهم مو الحكومة واستهانتها بالدم العراقي، وقتل الشباب بدم بارد)!، (والله هم عفيه عليك..امغلس وجن الشغله مو يمك)!.

ـ ونحن باقون (يؤكد رئيس الوزراء) وإن شئتم فتظاهروا فهذا حق متروك لكم!! (يعني أيسوا ما أستقيل هاي سالفه سولفوها على الدبه)!.

ـ لقد أجلنا معرض بغداد الدولي بسبب الأوضاع، (يمكن لو ممأجلين معرض بغداد الدولي جان هسه كل مشكل الشعب انحلت)!.

ـ تأخرنا في إقرار ميزانية العام القادم، (شكراً لك سيدي الرئيس لحرصك على ميزانية البلد وتبويبها وفق متطلبات الجماهير وشعبك المتظاهر)!.

(سيدي الرئيس أنته تحجي من كل وعقلك)!.

يُذكرني رئيس الوزراء بوالدي حفظه الله، رجل كبير بالعمر، مرَ بتجارب كثيرة في الحياة، لذا أجده كلما مات صديق له أو قريب لبس ملابسه الأنيقة كي يذهب للتعزية ومن ثم يعود ليقول لنا (والله جان خوش آدمي الله يرحمه) وهو صادق في قوله وسعيه، ولكن أبي ليس رئيساً للوزراء.

في أيام المتوسطة كان عندنا معاون مُدير مدرسة كبير بالعمر هم سيد مثل السيد رئيس الوزراء، ذهب إليه زميل لنا لطلب الإجازة لأمر ما أيام صيف حار جداً، فطرق الباب عليه، فأجابه المعاون أدخل، (ها بابه شتريد) فقال له زميلنا (أستاذ أريد إجازة)، فنظر السيد العاون وهو جالس على مكتبه ونظارته على أسفل أنفه وعيناه تنظران للطالب شزراً من بين انفه والنظارة، فردَ المعاون على زميلنا، وقد سمع طلبه بالقول (بابا أنته ليش لابس ستره مو الدنيا حاره)، ولم يكن الطالب يلبس ستره، فحار الطالب برد السيد المعاون عليه ونسيَ طلب الإجازة، وبقيَ يحلف له بأغلظ الأيمان أنه لابس قميص وبنطلون فقط، ولكن المعاون ظل يقول له (بابا روح ذب الستره وتعال إطلب إجازة)، فلم يحصل الطالب على الإجازة وبقي المعاون معاوناً مرتاح البال لأنه (قشمر الطالب)!.

بالعودة إلى والدي فقد تم القبض على أخي الأكبر، إذ لم يلتحق يلتحق للمشاركة بحرب الكويت، وكان الحُكم آنذاك الأعدام وإن خدمه الحظ 15 عشر سنة، وبعد أن قُبض عليه رُحَل إلى سجن كركوك العسكري، وحين سمعت الخبر صُعقت وتمنيت لو كانت لي جناحين لطرت بهما لهذا السجن لأعرف حال أخي، وبعد اتصالي بابن عمي لي ذهبنا لأبي فأخبرناه في الأمر، فإذا بأبي يمتعض ولكنه طلب منا الانتظار للاستحمام وبعد ذلك انتظار الغداء، فقلت له (يابه إذا انظل هيج راح ينعدم أخوي ومنوصل)، فأجابني: (بويه قابل هسه إذا أروح وأوصله راح أطلعة شنو أني وطبان) ويقصد به أخو صدام، (بويه مطاعم الطريق ممضمونه، خل ناكلنه لكمه ونوصله إن شاء الله)!.

وفعلاً وصلنا وسمحوا لأبي بلقاء أخي وعدنا وخرج أخي بعد أشهر بعفو عام عن الهاربين.

ملخص القول أن أبي ترك مصير أخي للصدفة بحكم أن العراق يحكمه دكتاتور أنذاك مثل النعمان ابن المنذر عنده أيام نحس وأيام سعد، ويبدو أن أخي نجى بأيام سعد الدكتاتور أو أيام تخاذله وخوفه من الشعب.

ما لاحظته في خطاب السيد الرئيس أنه يتعامل مع إدارة الدولة مثلما يتعامل أبي مع الحياة ليس وفق التحديات وخطط الدولة وبرامجها، إنما وفق تجارب الحياة لكبار السن، بمعنى، أن هذه التظاهرات (فورة) شباب وخلصت يلله تعالوا ارجعوا للبيت!.

عفيه عليك سيادة الرئيس ربما لا تنجح خطط التكنوقراط وتنجح معك خططك في (التغليس)، فالزمن كفيل بحل المشاكل التي لاتُحلّ...

خويه سيادة الرئيس (عرب وين طنبوره وين).

 

علي المرهج

 

في المثقف اليوم