أقلام حرة

سلوك الأحزاب في العراق!!

صادق السامرائيفي عراق اليوم أكثر من مئة حزب وتكتل وتجمع وغيرها من الحالات، وهذا العدد يتحرك وفق آليات التصارع والتكالب على السلطة والثروة ولا يعنيه أي شيئ آخر.

فكل فئة  تفكر بنفسها ومصالحها، ولكي تحقق ما تريده لا بد لها من الإستعانة بقوة ما تساعدها على السيطرة على الآخرين الذين ينافسونها، أو يقفون عثرة في طريق ما تصبوا إليه من المطامع والغايات الإستحواذية الأناية البغيضة.

ومَن يقرأ سلوك الأحزاب والتكتلات منذ تأسيس الدولة وحتى الزمن الحالي الذي بلغت فيه ذروتها في التفاعلات الغابية الشرسة يتبين له ما يلي:

أولأ: الشك

هو القوة المهيمنة على جميع الأحزاب والتكتلات، وبوصلة السلوك ومصدر القرار،  وهذه القوة الفتاكة   أدّت إلى تداعيات دامية وصراعات مأساوية.

ثانيا: الخوف

الخوف الشديد يلازم سلوك أي حزب أو تكتل، فهي لا تتطمئن لبعضها، بل يحذر كل منها الآخر، ويفسر ما يبدر منه وفقا لمعايير الخوف والحذر.

ثالثا: العدوانية

طاقة مهيمنة على سلوك الأحزاب والتكتلات،  ولا يمكن لأي منها أن يشفى من هذه العاهة الفاعلة في السلوك السياسي، إنها تعتدي على بعضها البعض وبشراسة وتوحش منفلت.

رابعا: الكراهية

كل حزب أو تكتل يتبنى ثقافة الكراهية وإعلام السوء والبغضاء، فينزه نفسه عن الخطايا والآثام ويجعل الآخر آثما ومجرما ويصفه بأقبح الأوصاف.

خامسا: الإمتهان

الأحزاب تمتهن بعضها وتهين بعضها وتنال من بعضها، ولا يمكنها أن تتخلص من عقلية الإمتهان والإستحواذ على بعضها البعض لأنها لا تعرف مهارات الحياة الوطنية الإيجابية.

سادسا: القهر

جميع الأحزاب عندما تتمكن من السلطة تمارس سياسة القهر والظلم والتعذيب، وبناء السجون وتأسيس الأجهزة الأمنية والإستخبارية الظالمة الخاصة بها، والتي تقضي على الإنسان وتصادر حياته بلا مسوغات وأسباب عادلة ووطنية.

سابعا: إفتراس الوطن

الأحزاب والتكتلات تعمل ضد الوطن، ولا يوجد حزب واحد في تأريخ البلاد  قد سعى لخدمة المصالح الوطنية، وإنما دوما تكون مصالحها فوق مصلحة الوطن مما أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم.

ثامنا: الإنفرادية

كل حزب يتسلط وينفرد بالحكم ويمحق الأحزاب الأخرى، فالأحزاب لا تمتلك روح تعايشية جماعية، ولا تحكمها معايير وثوابت وطنية ذات قيمة حضارية وأخلاقية منضبطة.

تاسعا:الإمعان بالأنانية

الأحزاب والتكتلات تدين بمفهوم " هذا وقتنا" وعليناأن نحقق أقصى ما نستطيعه من المطامع الشخصية، فتعمم السلب والنهب والفساد وتثرى ثراءً فاحشا، وتشرد الآلاف والملايين من أبناء الشعب وتستحوذ على حقوقهم، وتؤدي هذه النشاطات الأنانية إلى تبديد طاقات وثروات البلاد.

عاشرا: صناعة الشخص

كل حزب يصنع شخصه ويتحول إلى تابع له، فيرفعه إلى مقامات فوق البشرية، ويتبرك به وبأقواله وطلعنه وصورته، ولا يعنيه إلا تغذية رغباته وحاجاته المستترة الفاعلة فيه.

حادي عشر: الإعتماد الخارجي

الأحزاب والكتل تتمتع بإسناد خارجي، وهي تمثل أجندات الآخرين ومصالحهم ولا يعنيها مصالح الشعب، فلكل حزب قوة مساندة تمده بالمال والسلاح والإعلام وغير ذلك.

ثاني عشر: التحالف مع الآخرين

الأحزاب والتكتلات ضد بعضها وتتحالف مع الآخرين من أجل القضاء على الحزب المضاد لها، وتستخدم جميع الوسائل اللامشروعة للنيل من الحزب المعارض وتدمير الإنسان الذي عنده رأي.

ثالث عشر: مملوكة لشركات النفط

لا يمكن لحزب أن يكون في السلطة إن لم يكن مملوكا لشركات النفط المعروفة، ولكي تحكم لابد لك أن تكون ملكا مشاعا لهذه اشركان وإلا تصيبك الويلات.

رابع عشر: الطائفية

الأحزاب والتكتلات ذات نزعات تفريقية وهي لا تعرف التوجهات الوطنية الجامعة، ولا تتكلم بإسم الوطنق، وإنما بإسم الفئة، ولهذا فهي تسعى بكل نشاطاتها لتأكيد التناحر والتفرق.

خامس عشر: لا تؤمن بالدستور والقانون

لا يوجد حزب أو تكتل في تاريخ البلاد يقر بالدستور والقانون، وإنما جميعها تنسف القانون والدستور بأفعالها وقد تتحدث عنه وحسب، فهي أحزاب لا قانونية ولا شرعية ولا وطنية فكيف تقر بدستور وقانون.

سادس عشر: الإستبدادية والدموية

كلها تتمتع بهذه الصفة السائدة الفاعلة القابضة على السلوك في جميع المراحل، فالحزب لا بد له أن يستبد وأن يعبر عن سلوكه الدموي المشين، فكلها قد تلطخت أياديها بدماء الأبرياء من أبناء الشعب المحرومين من أبسط حقوق الإنسان.

وهكذا فأن الأحزاب في البلاد ليست أحزابا وطنية بالمعنى المتعارف عليه للأحزاب، وإنما هي ذات ديناميكيات وآليات سلوكية تتفق وتوصيف العصابة، ويبدو أن البلاد قد أصبحت في قبضتها.

فكيف بربكم سينجو الوطن من هذا المأزق المروّع؟!!

 

د. صادق السامرائي

27\3\2012

 

في المثقف اليوم