أقلام حرة

الكراسي تلد المشاكل!!

صادق السامرائيالكراسي في مجتمعاتنا عبارة عن مواقع يتخمر فيها الخوف والشك والرعب والعدوان  الموجه ضد الشعب،  فحالما يكون الفرد فيها، يتحول إلى وحش كاسر لا يعرف الرحمة والألفة والأمان، بل يتحرك وفق بوصلة الشكوك المتعاظمة والكراهية المتفاقمة والأنانية المتراكمة.

ويحيط بالكراسي أعوان يعززون هذه المشاعر ويدفعون إلى إستجابات عدوانية متفقة معها، تقهر الشعب وتفتك بوجوده وتقيّده في معاقل الذل والهوان.

وبمرور الزمن تدخل الكراسي في دائرة مفرغة من التفاعلات السلبية، التي تزداد شراسة وضراوة وتمضي في هذا المنهج المتصاغر الفهم والوعي والإدراك، حتى تجد نفسها في مأزق شديد فتتصرف وفقا لعجزها وقصور نظرها.

وهذه المحنة تفسر ما يجري في بعض مجتمعاتنا التي ثار شعبها ضد الظلم وإنعدام الحرية والقدرة على المشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل.

فرأينا كيف أن الكراسي هبّت مذعورة وراحت تبطش بالمتظاهرين وتقاتل أبناء الشعب، وتدمر المدن وتقصف بكل ما أوتيت من القوة مواقع المتظاهرين، فسفكت دماءً كثيرة وراح مئات الأبرياء ضحايا هذا الجبروت والأسر بقيد الكراسي.

وتم قتل المتظاهرين وترويعهم وإعتقالهم ومحاصرتهم وتعويق نشاطاتهم، وإحاطتهم بآلات الرعب والترهيب والتهديد والوعيد وحتى الإغتيال والخطف والتنكيل.

ورأينا العديد من الكراسي في حالة ردود أفعال مشينة ومذلة ومهينة، لا تنتمي لواقع الحياة  والزمن المعاصر.

إن مشكلة الكراسي في مجتمعاتنا، أنها تحولت إلى إضطراب سلوكي مرضي، قد يصل في بعض الحالات إلى درجة السلوك الذهاني، حيث يكون التصرف ممهورا بالأوهام والهذيان والإنحرافات والتصورات اللاواقعية.

وتستخدم الكراسي آليات النكران والإسقاط والتعميم والإتهام، ووصف مَن لا يخضع لها بأنه إرهابي وخائن ومتآمر ومجرم وغيرها من المسميات القبيحة، التي أمضينا القرون نتداولها من أجل سحق الإرادة وقهر الإنسان وإذلاله وقتله بأعصاب باردة.

ففي أحد المجتمعات تظاهر الناس من أجل الحصول على الكهرباء والعمل والحقوق الإنسانية الأساسية المشروعة، فتم إتهامهم بمسميات ما أنزل الله بها من سلطان، وراحت الماكنة الإعلامية للكراسي تتقول وتبدع وتدّعي وتتهم وتقضي بأن كل متظاهر هو كذا وكذا.

وفي هذا تعبير عن إستهتار الكراسي بالشعب وبإرادته وحقوقه وحاجاته وإذلال له وإنكارا لوجوده،  فما دامت الكراسي تتمتع بكل شيئ وتسرق كل شيئ فعلى الشعب أن يُبارك ويهلل ويمدح.

إن الكراسي عليها أن تستيقظ وتخرج من مستنقع أوهامها وتصوراتها المريضة، وتكون مع الشعب لا عليه، وتدرك بوضوح أن الجالس على أي كرسي هو خادم للشعب والوطن، وإن لم يتمكن من القيام بواجب الخادم المطيع الوفي فعليه أن يتحرر من قيد الكرسي، ولا يكون فريسة لرغباته ونواياه السيئة.

فعداء الشعب خطيئة وجريمة ضد الإنسانية تحاسب عليها البشرية وليس الشعب وحسب.

وعلى كل كرسي أن يُرضي المعايير والضوابط الإنسانية والأعراف القانونية الدولية، ويتصرف وفقا لما يؤكد التعبير عن مبادئ لائحة حقوق الإنسان.

ولن تعصم الكراسي الآثمين المجرمين بحق شعوبهم، وسينال أي نظام جائر جزاءه الإنساني العادل على ما إقترفه بحق الشعب الذي يريد الحياة!! 

فكن خادما للشعب لا للكرسي!!

 

د. صادق السامرائي

27\3\2011

 

في المثقف اليوم