أقلام حرة

حتى يغيروا مابانفسهم..

"لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابانفسهم"..الرعد 11

التغيير: هو مجموعة العوامل المؤثرة في امر ما لتغييره من حال الى حال افضل..

جبل الانسان على التغيير، ولولا حبه للتغيير لما وصل الى ماوصل اليه الان، فهويسعى على مر الدهور الى التغيير، فتراه يكون ميالا الى تغيير حياته، يرغب بتغيير سكنه، مكانه، بيته، اصدقاءه، عمله، والاكثر المحيط او المجتمع الذي يعيش فيه، لكن هل من المعقول ان يغير الانسان مجتمعا فيه كل الاجناس من الناس؟

الجواب لا بالطبع فبدلا من ان يغير الانسان المجتمع ككل بما يحوي من عادات وتقاليد وعقائد ومنهجا انتهجته الحياة وفقا لضوابط ما، عليه ان يبدا بنفسه اولا، لان تغيير النفس بما تحوي من اتجاهات وايدولوجيات وافكارومناهج اسهل بكثير من تغيير مجتمع باسره -خصوصا وان التعود وتغير الروتين و تغير الموروث يكون من الامور المعقدة للغاية-لان تغيير الكل يبدا بتغيير الجزء، واذانجح ذلك الجزء بتغيير اتجاهه سيترتب على الكل فيما بعد انتهاج منهج التغيير خصوصا اذا كان تغييرا ممنهجا، مقنعا، واضحا ليس فيه لبس اوغموض، والاهم ان يكون التغيير نحو الافضل، وليس لمجرد التغيير، سيكون بذلك القدوة للاخرين من اجل تغيير منهجهم ايضا، وهكذا فانا ابدا بنفسى اولاوان اكون مؤثرا بمحيطي الصغير لكي استطيع بعدها ان احدث التغيير بمجتمعي الاكبر، يقول تولستوي "الجميع يفكر في تغيير العالم لكن لااحد يفكر بتغيير نفسه"وهذا ماسعى اليه الانبياء والرسل والقادة العظام بمحاولاتهم الحثيثة لتغيير اسلوب حياة مجتمع ما.

ان القيام بالتغيير يخضع لعدة ضوابط منها حتمية القيام بالموضوع وهذا يتطلب شجاعة للاقدام على هذه الخطوة، وهذه هي الخطوة الاولى للقيام بالتغيير، ثم التخطيط اذ لايمكن لاي موضوع النجاح مالم يخطط له، ثم المنهجية وهي وضع منهج معين للسير عليه، واخير ديناميكية التغيير التي تكون تحصيلا حاصلا للقيام بهكذا مشروع لضمان استمراريته وديمومته ثم نجاحه وصولا الى الهدف المنشود، اذ ان التغيير بحد ذاته ليس هدفا، وانما هو السبيل للوصول الى الهدف.

وبما ان دوام الحال من المحال فالانسان منذ بدء الخليقة وهو شغوفا بالتغيير، فتراه يجتهد ويخطط من اجل تغيير حياته، ولولا حبه بالتغيير لما لبقي قابعا في عهود الظلام والبدائية، يقول نجيب محفوظ"نحن لانموت حين تفارقنا الروح وحسب نموت قبل ذلك حين تتشابه ايامنا، ونتوقف عن التغيير، حين لايزداد شئ سوى اعمارنا واوزاننا"

هناك اشياء في الحياة تعتبر من المسلمات، فكما ان هناك ثوابت هناك ايضا متغيرات، فالثوابت هي الامور التي ارساها الله لكي تبقى ثابتة الى نهاية الكون كشروق الشمس وسطوع القمر، كاختلاف الفصول، الليل والنهار، وغيرها من الثوابت التي اعتدنا ان نراها ثابتة غير قابلة للتغيير

وفي الوقت نفسه هناك متغيرات، كتغيير النهر مجراه مثلافي حال تعذر عليه الجريان، او انه واجه صخرة كأداء، كتصدع الجبال، كتغير الانسان لمكانه، لعمله، لطريقته في التعامل، او الاتيان بمشروع، اوفكرة ما، وهكذا، ورغم صعوبة التغيير في بداية الامر واستهجانه من قبل الاخرين، لكنه ليس مستحيلا، فتتابع سقوط قطرات الماء يحفر الصخر، فلاتستهن بقدراتك على التغيير، لان الله سبحانه وتعالى قد وهبنا نعمة العقل من اجل ان نتدبر ونتطور ونتغير نحو الافضل..

ومع قدرته وعظمته ومعجزاته فقد اوكل مهمة التغيير للانسان نفسه، للانتقال من حال الى حال افضل يتيح له العيش بكرامة، وعليه فالتغيير على انواع فالاول مادي وهو تغيير الشكل الظاهري فقط، والثاني معنوي وهو التغيير الجوهري الذي يتطلب الانفتاح الفكري وعدم التعصب والتقولب في اطار معين، لان الانسان ينمو ويكبر ويتطوروككل شئ يكبر فيه ويتغير فليشمل هذا التغيير عقله وعاداته وسلوكه، فكل شئ قابل للتغيير نحو الافضل، والثالث جذري وهذايتطلب عزيمة وحزم ولدتا في ساعة معينة، ونتيجة لظرف معين، وهذا يكون عاما شاملا..

"الامر ليس ان بعض الناس يملكون الارادة وغيرهم لايملكونها، بل ان البعض مستعدون للتغيير وغيرهم لا"..جيمس جوردن

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم