أقلام حرة

القيادة والشعوب!!

صادق السامرائيالشعوب لا تحقق أهدافها وطموحاتها من غير قيادة مستوعبة لحاجات العصر، ومدركة لمتطلبات المستقبل.

قيادة واعية متفاعلة راشدة ذات قدرات عقلية راجحة، وطاقات صيرورة ناجحة، تساهم في وصولها للقرار الصحيح.

ومَن يرى أن الشعوب يمكنها أن تحقق شيئا لوحدها فأنه على وهم كبير، ومعطيات أحوال المنطقة توفر له الأدلة الدامغة على خطئه الجسيم.

فالشعوب لا يمكنها أن تنتظم في مسيرة التقدم والإرتقاء، من غير قيادة ترسم لها خارطة الحياة الحاضرة والقادمة.

وأية ثورة شعبية لا تصنع قيادتها المتفقة مع طموحاتها وتطلعاتها، ستتشظى بتفاعلاتها المدمرة للذات والموضوع.

والثورات العربية وجدت نفسها في مأزق، لأنها فشلت في صناعة قيادتها المعبرة عنها، فتحولت إلى حالة مضطربة ذات أهداف مجهولة أو سرابية، مما أدى لإمتلاكها من قوى وأحزاب ربما لم تشارك فيها، لا لشيئ إلا لأن تلك القوى والأحزاب تمتلك تنظيما وقيادة، ولكن أية قيادة؟!

قيادة لا تجربة عندها في السياسة، والتفاعل الوطني والمصلحة العامة، ومنغلقة في صناديق أوهامها العقائدية والحزبية، ولا تعرف المرونة والتفاعل الديمقراطي الحقيقي، وإنما حسبت الديمقراطية وصولها للحكم وحسب، وأنها صاحبة الحق المطلق.

وهذا ينطبق على المتغيرات التي حصلت في المجتمع العربي، وبلا إستثناء، ولا تزال الدول بلا بوصلة قيادة، وتتحرك الناس فيها وكأنها في قارب الثورات، الذي تتلاطمه أمواج العاديات وتأخذه إلى إتجاهات مجهولة.

ولهذا فأن الثورات ربما ستتحول إلى حالة مغايرة، ولكن بدراية وإدراك على أن الإنتقال إلى الحياة الديمقراطية، يكون بالقوانين والدساتير وموادها، وليس بالتفاعلات الملتهبة والصراعات المرعبة.

فبعد هذه المسيرة  القاسية، لا بد للعرب أن يدركوا بأنهم قد سلكوا الطريق الخاطئ للوصول إلى رياض الديمقراطية ومروجها، لإختيارهم السبل المؤدية إلى الجحيم.

وما بقي عندهم إلآ أن يعودوا إلى رشدهم، ويتعلموا الطرق الصحيحة، الخالية من التداعيات  المشينة.

وأظنهم قد تعلموا جيدا جدا!!

بأن الديمقراطية بحاجة لقائد وقيادة، وأن الأحزاب الدينية لا يمكنها أن تصنع الديمقراطية، أو تساهم في التعبير عن قيمها وأخلاقها، لأنها لا ترى إلا نفسها!!

 

د. صادق السامرائي

5\9\2013

 

في المثقف اليوم