أقلام حرة

أعداؤنا أصدقاؤنا!!

صادق السامرائيهذا هو عنوان اللعبة المتواصلة في المنطقة، وجوهرها الإستثمار الأقصى في المشاكل، بعد تصنيعها وتسويقها وإدامة الطلب عليها.

هذه اللعبة بدأت في الحرب العراقية الإيرانية التي كانت ذات الأطراف تساند الأطراف المتحاربة وتزودها بالسلاح، وبعد أن تحققت خسائر جسيمة توقفت اللعبة لتتخذ مسارا آخر أشد خطورة وإستنزافا، حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، وستتطور إلى مزيد من الخسران.

اللعبة واضحة ولا تحتاج إلى قدرات خاصة لمعرفتها، فلكي تتخلص من أعدائك عليك أن توهمهم بأنك صديقهم، وذلك بتزويدهم بما يؤهلهم لمواصلة التحارب والإقتتال حتى يسقطوا أرضا، ويتوسلوا إليك بالعون وإعادة الحياة.

فعندما تكون الحكومة عدوتي والشعب كذلك، أساندهما وأزودهما بما يساهم بإدامة الإقتتال بينهما، وعندها أكون الرابح وهما الخاسران، وأنا الصديق العزيز لكليهما.

فأية لعبة معقدة هذه اللعبة؟!!

والعيب ليس في اللاعب وإنما بالملعوب بهم، لأنهم يوفرون ما يستوجب الإستثمار بمعضلاتهم وتسخيرها لخدمة مصالح الآخرين الطامعين بجيمع الأطراف.

فلو نظرنا في المشاكل القائمة من حولنا لتبين لنا بأنها تجري على هذه السكة الإنحدارية المتسارعة، التي تجعل من جميع الأعداء أصدقاء للقوة الطامعة بهم.

شعب يتظاهر والقوة الطامعة ببلاده تسانده، وحكومة تقاومه وذات القوة تساندها، وتشد على يديها، وتعطيها الضوء الأخضر للفتك بشعبها دون إستنكار وردع لسلوكياتها المناهضة لحقوق الإنسان، والتي تعد جرائم ضد الإنسانية.

والمشكلة أن العمالة والخيانة قد تحوّلت إلى قيمة وطنية تدر أرباحا وإمتيازات، ومقامات معنوية وفخرية لا يمكن التنازل عنها بسهولة، خصوصا عندما يكون الوطن مغيّبا والمواطن عددا، والحاكم مقطوعا عن الواقع ولا يمت بصلة إلى معاناة الشعب.

ووفقا لهذه التفاعلات الدرامية المأساوية المتراكمة، يتحقق تخدير الناس وتبليد مشاعرهم ومصادرة عواطفهم وتعطيل عقولهم، ودفعهم إلى ميادين الإلهاء والتلهي ببعضهم، حتى يتمكن الطامعون بهم من أكلهم ومص عظامهم.

فهل من لعبة تلغي هذه اللعبة؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم