أقلام حرة

لن تنالوا البر..

"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون"..ال عمران 92

البر:هي كلمة جامعة للخير كله، وقد جاءت على وجه العموم، اي انها لم تقترن بالمال فقط لوجود كلمة"تنفقون"، بل تعدت الى كل جهد يبذله الانسان لمساعدة الاخرين، والوقت الذي يقتطعه من يومه في سبيل تلك المساعدة اضافة الى المال الذي يعتبر على راس الهرم لتقديم المساعدة..

وبما ان الانفاق يتصدره المال بكل مايحوي من مواد مادية وعينية، فقد اخضع الله سبحانه وتعالى هذا الانفاق لضوابط وشروط، وهي ان ينفق المرء انفس مايحب"حتى تنفقوا مما تحبون"وليس العكس..

يلجأ بعض الناس للتصدق بالاشياء الفائضة عن الحاجة من باب الصدقة، فيهب الاشياء القديمة او المعابة التي لم يعد بحاجة اليها بدلا من رميها بالنفايات ناسيا ومتناسيا ان الانسان الذي وهبه تلك الحاجات لايقل عنه خلقا ولاخلقا، بل ربما يفوقه ايمانا وتقوى وغنى، لان الغنى هو غنى النفس، "ان اكرمكم عند الله اتقاكم"..الحجرات13

ومهما كان الانسان فقيرا يبقى التعفف تاجا يتوجه، لذا فان احترام مشاعر الفقراءومعاملتهم معاملة طيبة والاحسان اليهم من اولويات الانسان المؤمن الذي يسعى لنيل البر،  قال رسولنا الكريم"ان الله اعطى الاغنياء مايكفي الفقراء فان جاع الفقراء كان حقيقا على الله ان يحاسب اغنيائهم و يكبهم في نار جهنم وبئس المصير"، فليتصور المرء نفسه بهذا الحال من الفقروالفاقة ويتصدق الاخرون عليه بحاجيات غير لائقة، معابة، مهترئة، اكل عليها الزمان وشرب، وان كانت تسد رمقه من شدة العوز، اضطر لقبولها من باب الاضطرار..

ان من شروط الهدية-الصدقة- ان تكون من اجمل مايكون لكي تترك اثرها بالغا في النفس، وبما ان الانفاق في سبيل الله فيجب ان يكون غال ونفيس وليس العكس ان نهدي الاشياء القديمة المهترئة ونتباهى باننا تصدقنا،  لان من شروط الصدقة الا تعلم اليد اليمنى ماانفقت اليد اليسرى لانها في النهاية ستكون الطريق الى الجنة، ومدعاة لمرضاة الله جل وعلا"والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم"..التوبة34

وكما ذكرنا فان الانفاق لايشمل المال فقط بل مد يد العون لمن يحتاج المعونة، اغاثة الملهوف، رسم بسمة على وجه يتيم في يوم عيد، اهداء الحاجيات الفائضة-الجيدة-بدل تكديسها وعدم استخدامها لان هناك من يحتاج اليها، نحن ننعم بالدفئ في حين ان هناك ناس يحترقون بجحيم البرد، نجمع الاموال والعقارات وهناك اناس لايملكون سقفا ياويهم، نرمي الفائض من الطعام بعد من امتلات بطوننا بكل مالذ وطاب وهناك من تقطعت احشاءه من الجوع قال رسولنا الكريم"ليس منا من بات شبعان وجاره جائع"، وحقيقة ان بعض الفائض من الطعام الذي يرمى بمقدوره ان يطعم عوائل، نكدس الملابس والاحذية الفاخرة التي لانستخدمها وقد استغاثت الدواليب من كثرتها، وهناك من تجمدت اطرافه من البرد وامتنع عن الذهاب الى المدرسة لانه لايملك حذاءا اولباسا يقيه من البرد،  ننام على فراش وثير وهناك من اكلت الارض اضلاعه، والله لوانصف الانسان بماكله وملبسه وشعر بالام الاخرين وتقاسم مع- الفقراء-ولو بنزر يسير لما عم الفقر وانتشرت الفاقة، لقد فرض الله الزكاة كركن اساس من اركان الاسلام لاشباع الفقير وليس لازعاج الغني، فاذا كان الله قد فرض علينا رعاية الفقير والانفاق عليه-كل حسب سعته-فلم لا نطبق شريعته لكي ينعم الانسان بحياة حرة كريمة، قال رسولنا الكريم"حب لاخيك كما تحب لنفسك"صدق رسول الله..

 

مريم لطفي

 

في المثقف اليوم