أقلام حرة

ما تريده تركيا من الكورد؟

عماد علييُكتشف يوم بعد اخر ما ينويه اردوغان ويخطط له سواء باستراتيجية العثمانية القديمة الجديدة او بدوافع شخصية خاصة به ولا صلة لها بتاريخ وتركيبة الشعب التركي ومتوا ثاته وانما نابعة من شخصيته الغريبة وطموحاته الكبيرة المولودة من رحم مسيرته الشخصية وسياساته واخلاقياته وفكره غير السليم.

ما يراه الجميع في هذا الاتجاه هو تخبط اردوغان في سياساته الداخلية والخارجية وتخبط وتشعب امتداداته شرقا وغربا لاغراض واسباب عديدة واكثرها تتعلق بشخصيته الذاتية وما يتعرض له في بلاده وما يصدر من تفكيره وما تستلزمه صراعاته الكثيرة التي افرزت عدة عوائق امام مسيرته والعقبات التي برزت في مواصلة خططه الشخصية والحزبية استنادا على مصالح ضيقة فقط، وان الصقها الى مستقبل ما يدعيها بالامة التركية الدخيلة التي يعرف الجميع كيف انبثقت وما هو منبعها ومرجعها وارضيتها وتركيبتها.

اليوم وبعدما علقت ارجله في وحل اخطائه يريد ان يستخدم الكثير من الحيل مستفيدا من التاريخ العثماني باسماء وتوجهات وادعاءات مغايرة، والمحيّر انه لا يقيّم الحاضر بمتغيراته بل بما كانت عليه اجداده دون ان يحتسب لاي حقوق اجحفت بها واجحدت الولاة العثمانيين للشعوب الاصيلة في الخارطة التي احتلوها باسم الدين والمذهب.

اليوم عندما يريد اردوغان اعادة الكرّة واستغلال الضعفاء ممن ليس لديهم دولة او امكانية من اجل تحقيق مرامه وهو يلاقي السد ويصطدم بما لم يفكر فيه ولكنه يصر على الاستمرار خوفا من الردات الداخلية ازاء فشله، فليس هناك اسهل من استغلال الكورد في الجانب الاسهل من التعامل معهم مستغلا عدم وجود دولة او قوة خاصة تردعه ولم تبق امامه القوميات الاخرى كما كان ابان العصر العثماني لدى اجداده وهم يسرحون يمرحون دون اعاقة لحين مرضهم وارجاعهم واعادتهم الى موقع تمددوا منه وهو ليس لهم ايضا واستقروا فيه بعد لجوءهم منذ قرون وبهجمات مغولة شرسة احتلوا الارض وعاثوا الفساد وهدموا الحرث والنسل فيها.

الارمن اصبحت لديهم مكانة وقوة لا يمكن الاستهانة بها وهم في طريق اعادة حقوقهم وبيان التظلم الذي وقع عليهم ابان ابادتهم وادانه الفاعل العثماني مستمرة يوميا في العديدة من دول العالم. اما العرب اصبحت لديهم دول ثابتة المعلام راسخة لا يمكن مد اليد اليها الا ان وقع فيها خراب او فوضى فيها كما يستغل اليوم اردوغان ليبيا بشكل وقح وباعتداء صارخ محاولا استغلال الثغرة في خصر الدول التي اعتدت عليه اجداده من قبل. وهناك من اليونانيين الذين لازالوا كسد مانع وشعب صامد امام من احتل جزء من كيانهم من زمن قريب رغم اوضاعهم المادية والاقتصادية الصعبة. ولم يبق الا شرق تركيا من الدول التي احكمت هي ايضا حدودها ونظمت كياناتها ولم تدع من يتسلل من منافذها بانيا سدا منيعا بكل ما لديها من قوة. وهذا ان دلّ على شيء انما يدل على ما هو مدى بقاء الصفة المغولية الراسخة في كيان تركيا وشعبها التركي في بيان واثبات ذاتهم على حساب حقوق وما لدى الاخرين، اي باستمرارهم في الغزوات والاحتلالات ولكن باداعاءت واهداف سرية وحجج جديدة واهية علنية ليست لها اية حقيقة. اما الفرس فانهم بقوا صامدين امامهم وهم عقدتهم وعليه لا يمكن ان يفكروا في ايذائهم لانهم تلقوا ضربات موجعة من ايديهم وسياساتهم.

اذاً الكورد هم اول المتضررين من الطمع التركي ومن يعتلي كرسي قيادتهم من شخص غير مستقر وليس لديه ما يبني عليه سوى اعارة ما اعتمدته اجداده من قبل، فهاهو يستغل كوردستان الجنوبية ويحتلها منذ عقدين وليس هناك رادع يعيده الى موقعه ومكانه الصحيح، وهو يستغل سهولة التحرك دون مانع في منطقة ستراتيجية له كما هي كوردستان الجنوبية، اي يستغل الحلقة الضعيفة للوصول الى المواقع وتحقيق الاهداف التي يحملها بعيدا عن الاعين.

ما يريده اردوغان ليس ارض كوردستان فقط وانما يحلم بامبراطورية جديدة على حساب كافة الاثنيات والاقوام ان تمكن من ذلك . وما يصر عليه هو لاسباب تاريخية توارثها من اجداده او نتيجة الحس بالنقص نتيجة عدم وجود ارض خاص بهم في المنطقة اصلا وعاتهم هم نابع من تعديهم على ارض وساحة غيرهم واحتلالها بالقوة واستمرارهم على الاعتداء عليها لقرون. وعليه لم يحسوا بالامان في قرارة ذاتهم كما هو حال اللص الذي يحوم حول المنطقة التي سرق منها وما يفرض هذا عليه هو احساسه الداخلي العميق في عقله الباطن حول ما اقترفته ايديه بما يريد والقلق مسيطر عليه ولا يمكن ان يستقر الا باعادة الكرّة ويوقع نفسه في شباك الحق والعدالة. فان الحدود التي رسمت لتركيا كدولة وضمت اليها العديد من الاثنيات غدرا ومنهم الكورد، فهذا ما يدع تركيا ومن يحكمها ان لن يستقروا في قرارة انفسهم وهم يحسون بالظلم الذي اقترفوه بحق الاخرين وتوارثوا هذه الاحساس من اجداهم المغول المحتلين الغازين الاتين من اقصى الشرق. فما يدعيه اردوغان اليوم ويلهث عليه ويطلق احيانا حقائق تفكيره ونياته وما يؤكده يدل على صحة قولنا، ويحس من يستمع اليه بما يفكر به وبالخصوص في عقدته امام الكورد اينما كانوا في الاجزاء الاربعة من كوردستان.

انه هو الارطغرل والوالي والسلطان الحميدي الذي يريد ان يعيد التاريخ مهما كلف الامر، وما يريده من الكورد هو ان يجعلهم وقود صراعاته مع الاخرين بادءا من كوردستان وبادعاءات وحجج هو صاحبه وخالقه. انه يصنع الاعداء له وهو يعاونهم ايضا في الوقت ذاته، وهو من مد يده الى داعش ومارس الارهاب ويريد ان يتحجج بالصاق صفة الرهاب بالاخرين المطالبين بحقوقهم. ومن الواضح ان كل ما يريده من الكورد الان وهو يستغل الفوضى العارمة في المنطقة هو استغلالهم كخدم في وجه ما يريد ان يحققه في المنطقة ككل، ولكن هيهات له فان اليوم ليس كالامس ابدا، وكسرت ساقه في اول خطوة له.

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم