أقلام حرة

الهاوَن والتهاون!!

صادق السامرائيالهاوَن: وعاء مجوّف من الحديد أو النحاس والخشب والحجر والزجاج، يُدَقُ فيه.

التهاون: التراخي

الهاوَن من الأدوات المنزلية التي إخترعها البشر منذ الأزل، وكان من الحجر في البدء أو الخشب.

وقد طلب مني صديق الصبا أن أكتب عن الهاوَن، وإستذكر الهاوَن الجميل الأنتيك الذي كان في بيتهم.

وتساءلت عن رمزية الهاوَن، وكيف يمكن ربطه بعلاقة ذات قيمة معرفية بالواقع المعاش.

ولماذا خطر الهاون على بال صديقي وهو يحدثني عما يجري في البلاد؟

قلت له: هل يمكنك أن تعينني على ما يرمز إليه الهاوَن؟

قال: إنه يدّق ويسحق!!

فالهاوَن توضع فيه المواد التي يُراد سحقها، ويتم طرقها  بمدقاق نهايته عريضة لكي تنال من المواد المراد دقها.

وتساءلت : هل أن البلدان يمكن أن تتحول إلى هاوَن؟!

أي إلى وعاء تُحشر فيه الموجودات ويتم دقها بما يتيسر من آلات الدق والسحق والطحن البشري، التي تكاثرت وتنوعت في عصر البلدان الهاوَنية، إذ تهاونَ ما فيها وأضحى يسيرا على الدق والسحق والفتك الإستحواذي الشديد.

فالأوطان تَدُق بعضها، والدول تسحق بعضها، ولكل دولة هاوَنها الذي تدق فيه غيرها، وكم من الدول التي تهاونت فهانت وسقطت في هاوَن متأهب للدق، وتمسك بمدقاقه أو مدقّه ألف كف وكف، لتستمتع بسحق المجتمعات وطحن الشعوب.

نعم يا صديقي، أظنك كنت تفكر بالوطن الهاوَن، وبالإنسان الذي يسحقونه فيه، فإستحضرتَ  هاوَن البيت في باحة الزمن العصيب!!

فأين هواوننا لكي لا نتهاون فنهون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم