أقلام حرة

قراءة متأنية في الجدار: بين المنقبة الفرعونية الجديد ة والخيال السياسي

Benoit Puga المشرف على أوراش بناء الجدار ..وان الواقع أغرب من الخيال نقلا عن موقع

www.voltairenet.org

 

مقدمة توضيحية:

ان فكرة بناء الجدارالفولاذي في هذا الزمن الصعب، زمن العربدة الصهيونية، والقرن الأمريكي، وزمن النفاق الغربي، وعهود التدليس العربي، فكرة أشبه ما تكون بأدب الخيال العلميPolicy Fiction، كأحدأبرزالأنواع الأدبية المنبثقةعن أدب الخيالScienc Ficction

و لوقرأنا أحداث فكرة بناء الجدار، بحركة ارتدادية الى الوراء، بالعودة الى الزمن الفرعوني السحيق، لكانت الرواية مصدرا لا ينضب من المتعة الفنية والابداعية، بالاضافة الى العبروالحكم المستوحاة من هذا النوع من أدب الخيال السياسي، .فلقد كانت هناك دائما في هذا النمط من الأدب ظاهرة فذة غريبة ومثيرة للدهشة وهي :ان الخيال السياسي–مهما كان الموضوع الذي يعالجه–لم يخلف حتى اليوم سوي أعمال ممتعة وممتازة في الغالب،

غيرأن الفكرة الابداعية لبناء الجدار، نوع آخرفاق آفاق أدب الخيال السياسي الذي أمتعنا به عمالقة هذا الأدب مثل جورج أوريل وويلز وأنتوني بيرجس أوالأمريكي كيرت فنجون Kurt Vengout وغيرهم، فقصة بناء هذا الجدار تجاوزت فكرة نهاية العالم او فكرة التهديد الذري للبشرية الخ التي ميزت هذا النوع من؟ ألادب السياسي، فقضية جدار الفولاذ، قصة تجعلك تتجمد رعبا، وتموت وانت واقفا une histoire à mourire debout كما يقول الفرنسيون، انه خيال سياسي جديد، مسلتهم من التراث التلمودي الخرافي وبرج بابل وحصن أورشاليم ، الذي يمثله من الطرف الاسرائيلي ناتانياهو ومن التراث الروماني كميراث ثقافي لكل الأوربيين من البرتغال الى فنلندا' حيث أسندت الولايات المتحدة الى نفسها تستنم وزعامة العالم الروماني الجديد وروماالجديدة لحماية برج بابل منذ مشروع مارشال في أربعينات القرن الماضي كما شرحه جيدا الانثروبولجي والخبيبر الاستراتيجي الكبير جون كريستوف في كتابه الأمراطورية والبرابرة الجدد J.C Ruffin l’empire et les nouveaux barbares

فالجدار–أساسا-: فكرة اسرائيلية، مستوحاة من التراث العبري الخرافي القديم كمشروع صوفي حبوري جنوني لناتانياهو وأوبما الرئيس الأمريكي المسلم ذي الأصول العرقية الافريقية الكينية الذي لم يترك مناسبةالا وأشادفيها بعظمة هذاالشعب اليهودي المتفردفي التاريخ - حيب تعبيره، والرئيس الفرنسي ساركوزي الذي تنصر قبيل رئاسته ذي الجذوراليهودية الأسرية الهنغارية الأرستقراطية الضاربة عروقها في أوربا الشرقية والبلقان، والرئيس المصري ذي الجذورالعربية المصرية، حيث اختمرت الفكرة لدى هؤلاء الأربعة خلال الزيارات الخاطفة لنتانياهو لواشنطن وباريس بالتنسيق مع الحكومة المصرية، لتطبيق السياسات الجديدة التي ينظرلها بريزينسكي وكيسينغرعلى سبيل المثال، لتقسيم العالم الى دول متحضرة محصنة خلف الجدار أي تلك المناطق التي تجسد السلام والاستقرار، وتتمتع بسلطة ونظام وثقافة موحدة، وتحترم القانون وتطبق العدالة عكس مناطق ماوراء الجدار الذين لا يفكرون الا في الحروب، وهم منقسمون ولا يتفاهمون ولا يتواصلون فيما بينهم الا بالعنف والقوة حيث أسندهذا الدورأساسا الى كل دول الجنوب وخاصة المناطق الاسلامية وبالأخص الشعب الفلسطيني

أما مصر، فقد قلص تاريخها وشعبها وحضارتهاوثقافتهاالى مجرد نظام سخرة وعبيد كما كان الشأن في روما القديمة أي تحويل الشعب المصري برمته الى خدمة حكام روما بالطاعة والاذعان والخضوع، على هدي البغاء السياسي الذي أصبح عملة رائجة لدى معظم حكام العالم الثالث ، الذين أسندت اليهم أدوار استمراروتشبيب الغرب وديمومته حضاريا وثقافيا واقتصاديا...بدعم ثقافي مركزمنظم وممنهج للمشتشرقين العرب الجدد المتسربلين بأردية الادعاية الأكاديمة واللقراءات التلفيقية التشويشية في معالجات ما أصبح يطلق عليه اليوم الاسلام والغرب وصراعات شرق غرب او اسلام غرب بترداد المقولات الاستشراقية المهترئة لصدامية النص الديني الاسلامي بدون أية منهجية علمية صائبة سوى التكرار الممل السقيم لتقاليد ابيستيمولوجية ولسانية تخلى عنها الغرب نفسه منذ ردح من الزمن..

أما جانب الخيال السياسي لبناء الجدار فهو واقع أغرب من الخيال ، اذيتم بناء هذا الجدارتحت الاشراف الفني والتقني لخبراء أمريكيين وفرنسيين، وليس تحت تسيير وارشاد بناة الأهرامات وأبي الهول ومعابد الكرنك والأقصروالسدالعالي

وفي الأسبوع الأخيرمن شهرديسمبرمن عام 2009، قام بزيارة أوراش البناء، رئيس المخابرات العسكرية الفرنسية، الجنرال بونوا بوغا Benoit Puga ، الذي وصف المشروع مردداقولةريئسه الفرنسي نيكولا ساركوزي ب أنه أكبر سجن في العالم بعبارة جاءت تحت تأثير النشوة والجذب الصوفي ، لا بسبب الاستنكارالانساني والخلقي، حيث هنأ هذا الجنرال القائمين بأعمال البناء بهذه العبارة التي تناقلتها الوكالات الدولية ان الجذارالفولاذي هوأكبر عملية اجرائية في التاريخ، تهدف الى تقطيع وفك المعابر والانفاق، التي ستكون النموذج التطبيقي الأمثل في مناطق أخرى من العالم وياله من مخطط جهنمي لبرابرة العالم الجدد خارج الجدار، أوليس الواقع اغرب من الخيال العلمي والأدبي؟

ويمكنك أن تقرأ هذا التقديم، كيف ما تشاء ب ان الكفرملة واحدة ومن يتولهم فهو منهم –كما جاءت في الصغتين القرآنيتين، أوان تقرأها بأية صيغة مذهبيةأوعقائديةأو فلسفية ، فالعبرة بالمضمون والنتائج لا بالأقوال والأشكال

 

ومن هذاالمنطلق فيمكننا القول :

بأنه قد يبدو المشهد الفلسطيني الجديد بعد هذا الحدث التاريخي كما تراه التوليفة الفرعونية- التلمودية-الغربية الجديدة وبمنظورالقراءات الاستعجالية والانفعالية سواء من أطراف فلسطينية، أو من المراقبين المهتمين، أو من المتسكعين العابرين، بأن القضية الفلسطينية تمر بأشد مراحلها حلكة وشبهة، غيرأن المتأملين الصبورين من المحبين الغيورين علىأمتهم، سيخلصون الى أنها المرحلة الأكثروضوحا في تاريخ الصراع العربي /الاسرائليي :

- اذ انكشفت الأغطية عن المستنضلين ومدعي المقاومة، ..

-وزالت الحجب عن أنطمة عربية وغربية، .. كما توضحت نظريات وتصورات سياسية،

- وانقشعت السحب عن المسارالفلسطيني الجديد، ..وتجلي مصير ومآل الأمة كلها، وطفح على السطح الغث والسمين، والأصيل والدخيل

وتمت الاجابة عما يجب العلم به وما ذا يجب فعله

و سكت الكلام عن تكرارأراجيف وهذاءات التسويات الحوارات والمفاوضات واللقاءات،

-ووضع حد لخرافات وأضاليل تساقط الحلول على الشعب الفلسطيني مثل الأمطارمدرارا من الخارج-عربيا، أو أوروبيا، أ أمريكيا-بأحابيل اللف والدوران ، بالتلاعب بالكلمات ولوك المصطلحات الأدباتية التعويمية، والرومانسيات الفارغة، والتمنطق -من المنطق- بمفاهيم ومسميات اصطلاحاتية خرقاء ، لانجد لها سندا معجميا لا في علوم سياسية، ولا في تاريخ الحروب والمقاومات ، كما تتفتق عنها بعض الذهنيات العربية المسماة ب أنصاف الحلول، وأنصاف العدالات فالمنطق والعقل وعلوم البيان، لا تعرف شيئا اسمه نصف حل ، أونصف عدالة الا في أذهان الحشاشين، أو التائهين وراء الوصايا الاستنضالية الورقية للمترفين والمترفات، والمهدارين والمهدارت، من تلك الفئات المتفرجة من الخارج من النابغين الذين يصنفون أنفسهم بالمنظرين والمتخصصين في الحمق البشري وخاصة العربي،

فالأعداء اليوم أصبحواواضحين، والأصدقاء بيّنين، وطريق النصر معبد ومرسوم، وأن استرداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة معقود فقط تحت ألوية الكفاح والمقاومة، وأن ما أخذ بالقوة، لن يسترد الا بالقوة- كما قال بالأمس

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1282 السبت 09/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم