أقلام حرة

المبدع والذباب

ذلك أنها ترى مقدمة جسدها في المرآة وليس بوسعها ان ترى فستانها من الخلف .. فتخبرها الوصيفة أن كل شيء على مايرام .. بينما كلا ّب فستانها من الخلف مازال منزوعا ؟؟ وهذا يعني أن الوصيفة سعت الى الهزأة بسيدتها ساعة دخولها الحفلة.. وهذا ماحدث لها لولا أحد المحبين من هرع وأعاد شبك الكلا ّب لشق فستانها المفتوح من الخلف .. ودعوني أعرض ثقافتي المتواضعة عليكم بعد .. في رواية مدام بوفاري لفلوبير حدث العكس تماما فهذه السيدة على الرغم من بهجة الناس بها إلا إنها كانت غير مبالية على الإطلاق من سلوكها النافر وهذا ماجعل كاتب الرواية يصرخ أن مدام بوفاري أنا .. لماذا نكره المبدع ونضع له الفخاخ بكل طريق يحاول أن يسلكه .. بدءا من الزوجة ومرورا بالعاشقة وندمان الليل من الأصدقاء .. يؤرقهم المبدع دوما .. وحين يعجزون من كسر يراعه يتخذون شتى الطرق للوقيعة به .. وهذا يذكرني بالفلم الهندي الذي ذاع صيته أواسط الثمانينات  ديسكو ديسكو .. فلم يجد البغضاء من وسيلة لإيقاف براعة ذلك الراقص إلا بتحطيم ساقيه .. فليس عجبا أن اسمع أن شاعر الليالي كلها تدعسه سيارة وهو في حديقة منزله يفكر بكتابة قصيدة جديدة عن أسد بابل المصاب حاليا بالرشح وربما سيصاب بالتدرن الرئوي بعد شهور وآه ياربي فلربما يموت بالسرطان .. أو بكآبة الحرمان ، وليس بعيدا أن تمرق طلقة تائهة بجنب رأس حنون كتب وليمة لأعشاب البحر .. وليس غريبا أن يلتهم حوت الأحزاب الساسية المتنفذة في البلاد جميع الأقلام والأصوات التي تنادي بحق المواطن المسلوبة حقوقه منذ إنبثاق أول بئر نفطي هناك في أرض السواد ، بل الأقرب للحدوث هو أن يختفي صاحب مكاتيب عراقية عن الأنظار بحجة سكره المفرط في حانة عمون .. ما أكثر الحسّاد واللصوص والقتلة وما أقل المبدعين .. ولذا نرى أسراب الذباب تتراكض دوما على قطرة العسل لتلويثها .. مرة سئل تشيخوف ما الذي يزعجك أثناء الكتابة .. قال تزعجني نفسي عندما لا تكون بقامة عقلي .. لأن المبدع مثل ثور يحرث بأرض بور أملا من إنبثاق نبته .. لكن جل مايزعج هذا الثور هو الذباب المزدحم على عينيه ورأسه والذي يشغله عن حراثة الأرض .. لكم من هذا الذباب الآن ينتشر على مواقع الأنترنيت والصحف والمقاهي وحتى في نادي الأدباء .. لكن الجميل في الأمر أن كل هذا (الحرمس) لايصنع شيئا أمام بريق المبدع  ، إذ سرعان ما يداس هذا الذباب تحت الأقدام ويموت .. والبرهان أن نتيشه يقول في هكذا تكلم زرادشت لولا الحقارة لما تكاثر القمل .. حسنا حتى بائع الباقلاء بالدهن الحر يكره الذباب ويسعى لتنظيف مطعمه حتى يكون بمنأى عنه .. ولكن ما أدراه أن الذبان يستقر في حبة الباقلاء .. إذن في مسلسل موسى الحلاق عندما يظهر عبوسي مع الحاج راضي يبيع الباقلاء وأبي ضوية ينش الذبان .. لم يعلم أبدا .. أن الذباب الذي كان يحوّم على ثريد الخبز كان حسدا وغيرة .. (بكسر الغين) والسبب أن الحاج راضي إفتتح دكانا نظيفا لبيع الباقلاء العراقية ..وبنكهة الدهن المحلي .. لكن هل سيدعه ذباب الأحزاب في عراقنا الجديد والذي يحمل علامة الفتك على الناس الفقراء وعلى كل من يفضح سرقاته.. بالإستمرار .. هذا هو السؤال .. الذي لا يجيبنا عنه سوى الحاج راضي عندما يصرخ موبخا .. تاليه وياك عبوسي .. خلي الناس مرتاحة.. وكافي شقه وبهلوانيات .. مو شبعنه ؟؟ من هذا الذبان .. هش .. هش .. هش .. باقلاء لوزينه وطنية من صدق ياولد ... وليمت ذبان الأحزاب المتنفذة في البلاد من الكمد .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1284 الاثنين 11/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم