أقلام حرة

ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة

وما نحسه هو التباين والاختلاف في النظرات الى القضايا والامور العامة التي تهم بلدان الجامعة وما فيها من الاختلافات في التركيب والتكوين والتي تنضوي جميعا وعلى الاقل رسميا تحت خيمة هذه المؤسسة. اننا لا نريد ان ندخل من باب تاريخ هذه المؤسسة بالتفصيل منذ تاسيسها ومؤسسيها من الدول والزعماء وظروف تلك المرحلة، وانما بالقاء الضوء على مراحل عملها نتاكد بانها هيئة مغلوبة على امرها في الكثير من الامور، ولم تقدم على شيء او ابداء لراي وموقف من دون خلفية او دافع سياسي او دعم معين من جهة او بتحريض واثارة وهدف محدود او غرض ما لدولة ما لكسب مصلحة معينة لطرف معين،و جوهر ما تعمله يستند كليا على المعادلات السياسية العامة والصراعات المختلفة في المنطقة والمصالح المتعددة للمهيمنين عليها، وفي بعض الاحيان تنعت من قبل الكثيرين على انها الحديقة الخلفية لهذه الدولة او تلك وبالاخص مستندين على ما يصدر منها وما يدعم سياسة وتوجهات الدول العربية الكبرى في تعالمها مع القضايا العربية العامة التي تهم الدول العربية والمنطقة والمنافسين لها في الشرق الاوسط وانحيازها لطرف دون اخر.

اننا نرى في احيان كثيرة واثناء حدوث الازمات وردود الافعال والانفعالات انها تصم اذانها وتتحفظ على ابداء اي راي او ما تبديه من موقف غامض وكثيرا تتخذ رايا مصلحيا او لم تنبس ببنت شفة مراعاة للدول التي لها التاثير المباشر عليها وعلى سياساتها، وتتكا عليها عند احراجها في المواقف التي يثيرها الراي العام،  ويفرض عليها من اية جهة كانت في الابتعاد عن الخطوات المبدئية التي من الواجب عليها اتخاذها، او تبدي رايا معتدلا واخرى خجولا  او موقفا لا يرتقي لما هو المطلوب منها مما تدفع بنفسها الى الزاوية الحرجة لمدة طويلة، وفي مواقف اخرى انها تعمل على اختلاق حجج مختلفة للتهرب من الاحراج والمواقف المفروض عليها ان تبديها دون كلل، ولكن تدير وجهها وتتغفل في امرها، وفي احيان اخرى تخرج من القمقم وتبدي ارائا ومواقفا ليست من شانها بل تعتبر تدخلا فضيحا في شؤون الدول الاعضاء، اومواقفا  اخرى ليست من اختصاصها وتخرج بها عن مواثيقها الخاصة، لا بل السياسة هي التي تفرض عليها وهي تقدم على خطوات وتصر على امر في احيان ومراحل وحالات من دون ان تبدي اية خطوة مطلوبة ومن واجباتها ان تتقدم بها في قضايا اهم وفي مراحل اخرى وفي بلد اخر .

فكم من الحوادث والظواهر السياسية والتوجهات والمواقف ظهرت الى السطح من قبل دول عربية مختلفة ووقفت هذه الهيئة المحترمة بعيدا متفرجا، وكم من الانتخابات جرت باسم الديموقراطية ومنها بنسبة عالية مزيفة وجرت لصالح سلطة البلدان وقمعت المعارضة واغتيل المعارضون ومنعوا من التمتع بحرية وخوض الانتخابات او اداء العمل السياسي وكم منهم وقف ضد تيار السلطة والحكومة والحزب الحاكم وكم منهم شنقوا، ولم نحس للحظة واحدة ان جامعة الدول العربية، هذه المؤسسة العريقة قد هز لها جفنا او ارتعشت لها خلية حية من بدنها، اوما حدث  الكم الهائل من الخروقات لحقوق الانسان بشكل عام والمراة والطفل والاقليات والقوميات الاخرى في اكثر دول العربية وهذه الهيئة نائمة على عرشها، لم نسمع يوما ان هذه المؤسسة المتنوعة الاغراض قد ابدت رايها في قانون انتخابات دولة ما او بينت رايها في قائمة او مرشح قبل او بعد اية انتخابات، وان كانت صورية في معظمها، واليوم نراها تتباكى وتلطم على ما يفرضه القانون من الشروط على من تعتبره هذه الهيئة مواليا للدول المؤثرة او من مموليها او المهيمين عليها بشكل من الاشكال وان كانت شروط الخوض في العملية الانتخابية هي المانعة من مشاركة هذا البعض، وان كانوا ن بقايا من كانوا حتى الامس القريب لم يؤمنوا ليس باسم الديموقراطية كمفهوم فقط وانما بجوهرها ومضمونها وابعادها ايضا،و هذا خرق فاضح للقانون، وهؤلء انفسهم لم يعتبروا في يومهم الذهبي هذه الهيئة الدولية ذات شان يمكن احترامها، وتاتي هذه المؤسسة غير المستقلة وتنشط من فعالياتها وترسل وفدا غير مرحبا به الى العراق الا بالمجاملات لبحث القضية، هذه هي الازدواجية في العمل والتعامل مع القضايا المختلفة، ولم تحس انها تتدخل في الشؤون الداخلية للبلد الذي ليس من حقها ان تقترب منها في هذا الجانب لانها القدوة في هذه العملية الديموقراطية مقارنة مع الدول العربية .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1285 الثلاثاء 12/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم