أقلام حرة

متى نَشكُر ولا َنستَنكِر؟؟

بمعنى أن هناك نعم تستوجب الشكر لابد من توقيرها  وتقديرها وشكر فاعلها، في العلاقات بين الدولة توجه الحكومات والشعوب شكرها وتقديرها وذكرها الطيب لما تقدمه لها الدول  المختلفة في العالم من مساعدات في ظروف الحاجة إليها  في مختلف المجالات والصعود السياسية والاقتصادية والعلمية وليس خافيا شكر الشعب المصري  للسوفيت لدوره الفاعل والكبير ففي بناء السد العالي  الذي سيبقى شاهدا على هذه المساعدة الثمينة التي تستوجب الشكر والتقدير الدائم .

 

ولكن للأسف وياليتنا لا نظل كعراقيين نتأسف دائما من سلوكيات بعض الدول الصديقة والشقيقة القريبة والبعيدة مما يسبب لنا الأذى المتكرر، وكذلك  ناسف من أفعال  حكامنا ومسئولينا وذوي الأمر منا اللذين هم على راس السلطة وإدارة الدولة ومنذ  قيام وتأسيس الدولة العراقية  ولحد الآن، كذلك سلوكيات وأفعال بعضنا ضد البعض الذي  وصل حد القتل والتمثيل والحرق ناهيك عن التدمير الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والنفسي.

 

هل يمكن أن نستنتج من هذا إن العراقيين  شعب دائم التذمر وعدم الرضا والتمرد على السلطات والحكومات والزعامات والأحزاب لا لشيء إلا لكونه خاصية جينية لعدم الرضا وعم الوفاء ترسخ في بنيته   الفكرية السيكولوجية منذ آلاف السنين، من المسلم به طبعا إن لا يكون هناك إجماع على القبول أو الرفض في مواقف الشعوب الأرض ومنها الشعب العراقي تجاه الحكومات وأحزاب وأفراد  معينة وفي فترات محدده تبعا لطبيعة هذه القضية أو تلك ودوره في الحراك الاجتماعي الدائر في  ذلك البلد. ولكننا نستطيع أن نشير بقوة  وثقة إن الشعب العراقي من أكثر  شعوب العالم وفاءا واعترافا  بالجميل لمن يقدمه المساعدة والاحترام في مختلف المجالات وان كانت ضئيلة وبسيطة، فلازال أغلبية الشعب العراقي وبالخصوص فقراءه يستذكرون وبحب كبير الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم الذي ترك شواهد تذكر بصدق قوله وفعله لصلحهم كالسكن والشافي والمدارس وبناء المصانع والمعامل وإنصاف الفلاحين الفقراء في الريف بالإضافة إلى نظافة يده وجيبه بشهادة واعتراف  أعدائه قبل أصدقائه ومحبيه، ولنا في التاريخ العربي الإسلامي الكثير من الشواهد في حب  وتذكر   العديد من الخلفاء والحكام  بسبب عدالتهم ونزاهتهم وانتصارهم للعدالة ومنهم علي  بن أبي طالب  وعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وعبد الكريم قاسم هذه العيون الأربعة الخالدة في ذاكرة فقراء العرب المسلمين وغيرهم وخصوصا العراقيين، ولكن للأسف لا يرى العراقي غير مواقف الأذى والتجاوز على حدوده وسيادته وثروته وثقافته من قبل الدول العظمى والصغرى من دول الجوار يستحق من العراقيين الشكر والعرفان  بالجميل ولكن العكس هو الحاصل  جحودا ونكران للجميل والمعروف، وعلى مستوى الحكومات التي حكمت العراق لا يمكننا أن نشير لفعل راسخ في ذاكرة العراقيين لا لأفراد اقل من أصابع الكف الواحدة ممن يستحقون الذكر الطيب وما عداهم وهم الأغلبية لا يستحقون غير اللعنات والكره لما فعلوه من إعمال  إجرامية بحق أبناء العراق   الأحرار والشرفاء والمتطلعين  للحرية والرفاه  وآخرهم ولا نقول أخيرهم  الدكتاتور المنهار.

 

 نقول لقد مللنا الاستنكار والرفض والاحتقار نريد أن نشكر ولا نستنكر ، نشكر الأمن والسلام والمحبة والتالف والرفاه وان من نشكره يفترض أن  يزيدنا ولا يستضعفنا   باعتباره مستوظفنا وليس والينا وراعينا وصاحب المنة علينا.

نأمل أن يستقر قرارنا ودولتنا  بحكومة وطنية عادلة منتخبة  تُشكر ولا ُتستَنكر.

 

 

كانون الثاني -2010

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1286 الاربعاء 13/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم