أقلام حرة

الجوانب الايجابية والسلبية لقرارات هيئة المسائلة والعدالة

منه من السلبيات لعدم تكامل العملية السياسية وما تطلبها من الوقت والاسس والاليات والعوامل الضرورية للوصول الى الهدف المنشود بعد التغيير الذي شهده العراق بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة.

و نحن على ابواب الانتخابات البرلمانية الجديدة وما تشهدها الساحة السياسية العراقية من التفاعلات وسخونة المشاهد والمواقف، وما يصدر من هذه الهيئة وان كانت عليها تساؤلات من الاطراف  المختلفة سوى كانت مغرضة او قانونية او سياسية تطرحها جهات معتدلة لشكوكها في ما وراء تلك القرارات والدوافع الحقيقية وليست في عملية اجتثاث البعث بحد ذاتها والتي يتفق عليها النسبة العالية من العراقيين، وربما النظرة والريبة من استقلالية الهيئة ومدى مهنيتها وعدم تاثرها بالاحزاب وما تمتلكه السلطة . وستوضح تلك القرارات العديد من التوجهات وستعطي معاني ومدلولات مختلفة وستكون لها التاثيرات المباشرة على العملية السياسية وبالاخص نتائج الانتخابات المنتظرة. ومن المؤكد ان هذه القرارات التي هيجت الساحة والتي يمكن ان تغيٌر الاحتمالات وما ستنتجه الانتخابات، الا انها يمكن ان تكون جرس انذار للقوى المتشددة والمتطرفة والميالة الى ما يؤمن به البعث، ومنها العاملة على استغلال الواقع وما بقت من ترسبات ذلك الحزب المقيت ومن انقاضه وبقاياه وهو يتامل في العودة، ويجب ان يعيدوا النظر في عملهم وتوجهاتهم وليعلموا ان طريق العودة الى الماضي مستحيلة ومغلق امامهم تماما، وكذلك هي اعلام وتوبيخ وانذار للقوى الخارجية على انهم لن يقدروا على تحقيق مرامهم وسيواجهون السد المنيع قانونيا، وليس امامهم الا الاعتراف بالواقع السياسي الثقافي الاجتماعي الاقتصادي الجديد في العراق الجديد.

ان لم نقرا هذه القرارات لهيئة المسائلة والعدالة من الزاوية الطائفية او القومية الشوفينية ودرسناها موضوعيا واستنادا على قانونيتها ودستوريا وفق المادة السابعة، فيمكننا ان نعتمد على الشروط الضرورية الواجب وجودها في من يمكن ان يعتلي منصة البرلمان الذي يكون لاي موقف يصدر منه تاثير مباشر على حياة المجتمع ويهم جميع الفئات، وهذا ما يؤخذ به في جميع انحاء العالم ومنهم الاكثر ديموقراطية مما نراه، وفي مقدمة تلك الشروط عدم ارتكاب المرشح جناية مخلة بالشرف او اضر بالمصالح العامة للوطن، ولا يمكن ان يكون من كان منتميا الى البعث فكرا وعقيدة وانتمائا حقيقيا ان يكون بعيدا عن تلك الصفات لا بل كانت تربيتهم مبنية على تلك الاخلاقيات البذيئة المشينة، هذا عدا ما مارسوه من الاعتدائات التي يدنا لها الجبين، والعقلية الانسانية لن تقبل بها مهما كانت المسببات والدوافع.

من يتبع ردود الفعل الاولية للاطراف والشخصيات المشمولة بالاجتثاث يتاكد بان هؤلاء يعملون على اثارة النعرة الطائفية ويعملون على تهيج الشارع العراقي والفوضى من اجل اجبار المهتمين بهذه القرارات لاعادة النظر فيها، وهذا ما يؤكد مدى ارتباط تلك الاطراف بخطط واجندات بقايا البعث ويعملون على احيائهم ويضحون من اجل بقاء رائحتهم وهم مستمرون على ما اقترفت ايديهم وبمساعدة القوى الخارجية المتصارعة مع الاخرى والتي لهم الدور البارز على الساحة السياسية العراقية. وهنا يمكن ان نتوقع تغييرا في الخارطة السياسية العراقية المقبلة وتكون لها التاثيرات المباشرة على التحالفات والمواقع ومن يفوز بها حتما.

اما من الناحية الاخرى، فان اتباع هذه الطريقة واستمرارها في المراحل القادمة ستكون لها تاثيراتها السلبية على العملية الديموقراطية وما تمس الحرية والمباديء الاساسية للعملية السياسية الجديدة برمتها والتي  لا يمكن  الا بوجودها ان يرسى العراق على شاطيء الامان، وربما يمكن ان تتمادى الهيئة المعنية وتخرج الى خارج حدود صلاحياتها وما تعني بها ويمكن ان تخضع لضغوطات السلطة المقبلة لتحديد شروط القبول او الرفض لاي مرشح في اية انتخابات قادمة كما نرى في العديد من الدول، ويمكن ان تُستخدم كمطرقة بيد السلطة وتستعملها في الوقت المناسب ولمصلحتها الخاصة من جميع النواحي، هذا ما يخشى منه وما تفرزه من الجانب السلبي، وبوضع الاسس القانونية الديموقراطية السليمة على عملها وبشروط حاسمة وحازمة يمكن ان تمنع خروجها من الاطر المعينة لها، وهذا هو المطلوب في المستقبل القريب.

و اولى مهام السلطة القادمة هو ان تخضع هذه الهيئة لسلطات البرلان القادم لوحده في تحددي وتجديد وبيان اطر صلاحياتها وحصرها قانونيا كما هو الحال للمحكة الاتحادية العليا التي لها المكانة المرموقة والمصداقية في عملها، ويجب ان تكون هذه الهيئة مشاركا ومتعاونا ومتشاورا معها وتخضع لقراراتها ومنفذا لها ومن ثم يجب ان يكون الراي النهائي للبرلمان القادم وليس للهيئة المعينة من قبل السلطة التنفيذية.

 ما بين تلك الايجابيات والسلبيات نعتقد ان هذه القرارات التي تكون عادلة وضمن شروط المتفق عليها واجبة الوجود في هذه المرحلة خصوصا لما فيه العراق من الوضع الخاص ومن التدخلات والخروقات من الجهات العديدة الاقليمية كانت ام عالمية، وبتغيير المراحل وظهور المستجدات واطمئنان الشعب وانهاء وقطع دابر البعث سيكون لكل حادث حديث في حينه. واليوم وما نحن فيه فان قرارات هذه الهيئة لها الايجابيات الكثيرة والضرورية والتي يتطلبها الوضع الراهن وما فيه العراق من النواحي السياسية الثقافية الاجتماعية الاقتصادية، وستتوضح الطريق السليم للجميع في اداء الواجبات الاساسية للعملية السياسية وما يقع على عاتقهم ولم يتجرا الاخرون من المغرضين والمتآمرين على التمادي اكثر مما يفعلون اليوم دون رادع قوي لهم .

ما يهم اغلبية الشعب العراقي وهم من الكادحين والفقراء المعدمين ان تستقر الاوضاع ويستتب الامن ويعم السلام والوئام ويتلقوا الخدمات العامة الضرورية التي تهمهم قبل اي شيء اخر، وهذا لا يمكن ان يتم بعيدا عن السلطة الوطنية والحرية والديموقراطية والعمل على توفير الحد المطلوب من العدالة الاجتماعية والمساواة بعيدا عن تاثر فئة معينة على حساب الفئات والمكونات الاخرى، وبوجود القلق والخوف المستمر من عودة البعث لم تطمئن هذه المكونات الكادحة التي هي وقود كافة الحركات التحررية وهم طليعة المضحين، لذا ستكون هذه القرارات لصالحهم قبل غيرهم في النتيجة وكتحصيل حاصل لنتاجات العملية السياسية المعتمدة على خدمتهم، ولم يكن البعث الا عالة عليهم قبل غيرهم .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1289 السبت 16/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم