أقلام حرة

أوباما حسين أم باراك؟

 ومن بين تلك الملفات العلاقة مع الإسلام والمسلمين، حيث بدى ذلك واضحاً من خلال جولته العربية الأخيرة وخطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة.   

ويبدو ان ما حققه أوباما من نجاح كبير على منافسيه من الديمقراطيين والجمهوريين أثناء حملته الانتخابية في الداخل الأمريكي، حفزه على أن يعمم تجربته خارج الولايات المتحدة بنفس الطريقة وهو يحمل لشعوب العالم تباشير الأمل في إحلال السلام والخروج من الأزمة المالية العالمية وتحقيق اكبر قدر ممكن من التنمية الاقتصادية في الدول الفقيرة. 

   وبالرغم من ردود الأفعال المتفاوتة التي تلت خطابه داخل الأوساط الشعبية والرسمية، في الدول العربية والإسلامية، إلا أن مسألة الحلف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل اليهودية تبقى عائقا كبيرا امام التقرب إلى العالم الإسلامي وفتح صفحة جديدة في العلاقات.

فهل يستطيع أوباما المضي قدماً بالتقرب من المسلمين وبخاصة العرب منهم أم أنها سياسة جديدة أراد استخدامها لمواجهة إيران وحل بعض الملفات العالقة في السياسة الخارجية الأمريكية بالتحالف مع العرب الذين يعتبرون الخطر الإيراني أكبر من الخطر الإسرائيلي عليهم؟

وبالتوجه لمناقشة هذه الفرضية يجب الأخذ بالحسبان السياسة الثابتة للولايات المتحدة تجاه الأمن القومي الإسرائيلي والتي تعتبرها الولايات المتحدة جزء من أولوياتها في السياسة الخارجية كما تعد تلك الثوابت إحدى المسائل المهمة التي يعتمد عليها البرنامج الانتخابي لأغلب رؤساء الولايات المتحدة.

   فالتفاؤل الذي لف الأوساط الرسمية والشعبية في العالمين العربي والإسلامي لنهج أوباما (حسين) الذي ينحدر من أصول افريقية مسلمة قد لا ينفي وجود (باراك) الإسرائيلي الذي يساند ويتعاطف مع دولة إسرائيل منذ نشأتها على ارض فلسطين عام 1948م والى يومنا هذا.

   فقد يعتقد البعض إن أوباما (حسين) قد يتفوق على أوباما (باراك) في الوقوف إلى جانب القضايا العربية أو الإسلامية اذا كانت إسرائيل طرفا في المعادلة، إلا انه من الواضح ان السياسة الأمريكية تفوقت على اللون والعنصر والدين أمام الحفاظ على أولويات الولايات المتحدة وثواباتها في سياساتها الخارجية وفي مقدمتها الحفاظ على أمن إسرائيل كدولة يهودية قائمة في منطقة الشرق الأوسط والوقوف بوجه أي مشروع من شانه زعزعة ذلك الاستقرار حتى لو تطلب الأمر استخدام العمل العسكري والتدخل بصورة مباشرة.

ان تحرك أوباما قد يراد منه التغيير في طريقة التعامل للوصول إلى الأهداف  التي رسمتها الإدارات السابقة وتم تبنيها في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، الا انه لايكفي الحكم على النوايا قبل أن تتحقق الأفعال، فالأفعال والمواقف من قضايا العرب والمسلمين هي الفيصل في جدية الشعارات التي ترفعها إدارة اوباما في التغيير بطريقة التعامل مع العالم الإسلامي.

ويبدو إن هذا الرجل يتمتع بذكاء كبير ويحاول استغلال ذكائه لصالح وطنه الذي عاش فيه، إلى حد يجعله القيام بتسخير جميع مؤهلاته وارثه الشخصي القائم على الانتماء العرقي والديني في عائلته لاستثمار مشاعر المسلمين في جميع البلاد الإسلامية، متخطياً بذلك الجانب الرسمي لتك الدول ويصل إلى عقول وقلوب  من أصغوا  لكلامه باهتمام كبير وكأن هذا الرجل من أبناء جلدتهم وقد انتفض وهب لنصرتهم.

هذا الرجل الذي يستشهد بآيات القرآن في خطابه الموجه للمسلمين ويتحدث بمبدأ التعايش بين الأديان والمجتمعات الذي طالما أكد عليه الإسلام في تعاليمه، صار المسلمون يصغون إليه وكأنهم يسمعون بتلك المبادئ لأول مرة فتصفق له الشعوب العربية والإسلامية بحرارة وهي نفسها التي كانت بالأمس تلعن سلفه.

لقد استطاع هذا الرجل أن يصبح أوباما (حسين) في نظر العرب، فهل هذه هي الحقيقة؟ أم أن أوباما (باراك) سوف لن يتنازل بهذه السهولة عن مشاريعه ومصالحه في المنطقة العربية والإسلامية، وان أوباما (باراك) له اليد الطولى التي تقف خلف دوائر صنع القرار الأمريكي، وليست هي عبارة عن تصفيق وهتافات في شوارع القاهرة وقلائد تزين فيها عنقه الأسمر في الرياض.

لا نريد أن نكون متشائمين بقدر ما نريد أن نكون حذرين فالنوايا الطيبة بدون أفعال لا يمكن أن تكون تجسيداً للشعارات والكلمات المنمقة والألفاظ المعسولة والخطب الرنانة، والعواطف التي تتعامل من خلالها الشعوب العربية والإسلامية لا يمكن أن تقدم حلاً لمشاكل هذه الشعوب، فإسرائيل موجودة ومستمرة بنفس سياساتها مع العرب والمسلمين، والدكتاتوريات العربية باقية على حالها بالتسلط على رقاب الشعوب المستضعفة دون أن تستطيع الإدارة الديمقراطية تغييرها أو الضغط عليها، بدليل مدحه لملك السعودية رغم معرفته باضطهاد مكون كبير من الشعب السعودي وحرمانه من حقوقه وانتهاكه لحرياته العامة.

 بمباركة دولة إسرائيل يبقى ذلك الرئيس اوباما(باراك) وليس كما يأمله العرب والمسلمون أوباما(حسين) إلى أن يثبت العكس، ولتحقيق العكس لابد ان يثبت الآتي:

1-هل يستطيع أوباما أن ينصف الشعب الفلسطيني ويحقق له حلمه في إقامة دولة فلسطينية، ويوقف الاستيطان الاسرائيلي والتهامهم للقدس؟

2-هل يستطيع الضغط على الحكام المستبدين في دول العالم الثالث كي تستطيع شعوبهم التمتع بالحقوق والحريات التي تدعو لها الولايات المتحدة؟

3-هل يستطيع الإيفاء بوعوده التي قطعها للعراق بسحب قواته العسكرية طبقاً للاتفاقية الأمنية الموقع عليها بين العراق والولايات المتحدة؟

4-هل يستطيع أن يفي بالتزاماته بتحقيق التنمية في أفغانستان وباكستان؟

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1071  الاحد 07/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم